2013/05/29
خلدون عليا – تشرين
الحوار مع الفنان أيمن زيدان صاحب التاريخ والحضور الكبيرين له وقع خاص... أفكار وقضايا عديدة تمكن مناقشتها معه ولكل قضية تشعباتها..
يؤمن بالحوار ولا يتردد لحظة بتوجيه اللوم لمحاوره إذا ما اعتقد انه أخطأ وخصوصاً إذا كان نقداً... لوم المحبة والخوف على الدراما السورية وحاضرها ومستقبلها... لا يوجد سؤال ليس له جواب عند صاحب الأسطورة الدرامية نهاية رجل شجاع... فهناك في مكتبه في قلب العاصمة السورية دمشق يؤكد النجم السوري في حوار شائق مع «تشرين» أنه لن يغادر بلاده حتى تنتهي الأزمة... «بصراحة أنا اتخذت قراري ومن دون ادعاء أو كذب أو مزاودة.. بأنني لن أتحرك من بلدي سورية حتى تنتهي الأزمة.. وعندي عناد كبير في هذا القرار فأنا سأبقى هنا وسأعمل هنا أو حتى لا أعمل ولكن سأبقى، وأرجو ألا يفهم كلامي بأنه مزاودة على أحد...» . ويؤكد النجم السوري أنه من دعاة الحل السياسي للأزمة لأنه الحل الأسلم والأفضل، وأنه ما من أحد برأيه يستطيع قراءة الشكل النهائي للازمة: «كل من يدعي انه يستطيع أن يقرأ القادم أعتقد أنه غير دقيق فسيناريو الأزمة السورية أعقد بكثير من إجابات خطية عليه، لكن تبقى الآمال والطموحات والأحلام بالحل السياسي وأنا شخصياً من دعاة هذا الحل». هكذا يقرأ النجم السوري حال الأزمة السورية. ولانعكاس الأزمة على الدراما السورية حالياً ومستقبلاً لمبدع «جميل وهناء» فيها رأي «إذا كان الانعكاس هو بالصيغة التي تقدم حالياً من خلال بعض الفقرات أو اللوحات فأنا أتمنى ألا تنعكس».
وبرأي النجم السوري فإن الأزمة التي تعيشها البلاد منذ حوالي العام ونصف العام لا بد من أن تنعكس على الدراما وعلى كل مفاصل الحياة في سورية.... «برأيي الأزمة ستنعكس على كل مفاصل الحياة ومنها الدراما، لأنها أزمة كبيرة وليست أزمة طارئة فهي أعقد مما نتخيل، ومن الطبيعي أن تترك آثاراً عميقة مع أنه للأسف في الموسم الرمضاني تشير الخريطة الدرامية إلى أنها خارج الأزمة تماما ً فهذه الأعمال كان يمكن أن تنجز خارج الإحساس بالأزمة والتي آثارها ستظهر برأيي لاحقاً وستنعكس على الحالة الإبداعية».
ويرى مخرج «ملح الحياة» أن عدد الأعمال الدرامية السورية التي تم انجازها في موسم 2012 رقم جيد وليس منخفضاً كثيراً كما يقال... عدد الأعمال المنتجة هو رقم مقارب للمواسم السابقة وبالتالي لا نستطيع أن نقول إنه انخفاض كبير، وبرأيي, إن كل ما حدث هو استغلال للأزمة من قبل المنتجين فقاموا بتخفيض الأجور وغيرها من التعقيدات الإنتاجية بحجة الأزمة وأعتقد أن 20 إلى 22 عملا ً رقم جيد ونسبة غير سيئة بالمقارنة مع السنوات العادية.
ونظرة زيدان لواقع حال الدراما السورية نظرة سوداوية على مايبدو ويرى أننا بحاجة إلى وقفة حقيقية لإنقاذها من حالة الترهل والمراوحة في المكان التي أصابتها.. «هي نظرة حقيقية والأخطاء الكبيرة التي عاشتها الدراما السورية أدت إلى المراوحة في المكان نفسه، ولدينا «بروباغندا» غير حقيقية ولدينا توصيف نقدي غير حقيقي لما يجري على الساحة التلفزيونية.
ولهذه الأزمة التي تمر فيها الدراما السورية أسبابها من وجهة نظر صاحب الشهادة رقم واحد في المعهد العالي للفنون المسرحية، وهي أسباب واقعية ومنطقية، فيؤكد أنها جزء من أزمة المجتمع السوري التي ظهرت مؤخراً من خلال الأزمة التي تمر فيها البلاد كما أن من أسباب تراجع الدرما السورية برأيه هو أنها مفبركة ويقول... «أزمة الدراما السورية هي جزء من أزمة المجتمع السوري التي فوجئنا بها خلال الأزمة التي تمر فيها البلاد مؤخراً، أي يمكننا القول:
إن هناك أزمة على جميع المستويات جزء منها هي أزمة الدراما السورية، وبصراحة هناك كذب بالتغزل بنجاحات الدراما السورية وتعظيمها رغم أنها نجاحات غير حقيقية وهي دراما مفبركة لا علاقة لها بالواقع ولا بالحياة ودراما مدعية، والقائمون على كل هذه المشاريع أناس يسقطون الجوانب المعرفية والثقافية من الموضوع، وبرأيي الشخصي إنه عندما تستباح مهنة الإخراج التلفزيوني فعلى الدراما السلام»
.
وبالطبع للخروج من هذه الحالة والأزمة التي تعيشها الدراما السورية من وجهة نظر الفنان السوري الكبير طريقة أساسية وهي تولي القطاع العام مسؤولية الإنتاج بعيداً عن الربح بحيث ينظر إلى هذه الصناعة على أنها صناعة خدماتية... «حلولي قد لاترضي البعض وبرأيي إن القطاع العام «كما نشتهي أن يكون عليه» واحد من مخارج أزمة الدراما السورية، بمعنى أن يدرك القطاع العام أن صناعة الدراما السورية هي صناعة خدماتية وليس هدفها الربح أولاً, وبالتالي أن يؤسس لمشاريع مختلفة من دون أن يدخل في تفاصيل لغة السوق السائدة، فالمتعب الآن أن هذه الصناعة مفروض عليها أن تدخل لغة السوق السائدة وهي لغة متدنية، وهذه اللغة برأيي تحاول أن تخلق ثقافة غنائية متردية، وكذلك الأمر ثقافة فنية متردية, فأي عمل يخضع لشروط السوق السائدة هو برأيي محكوم عليه أن يكون عملاً فارغاً من المحتوى والضمير والفكرة، وبالتالي أحد الحلول الأساسية لإنقاذ الدراما السورية هو أن تلعب الدولة دوراً أساسياً في صناعتها، بأن تعيد الجانب الخدماتي للدراما، وبالتالي أن تكون صاحبة مشاريع فكرية حقيقية.
وهنا نطرح دور المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وقيامها بعملية الإنقاذ وخصوصاً أنها أثبتت أن لها دوراً أساسياً من خلال ما قدمته فيجيب أبو حازم... «إطلاقاً ، فهي مجرد بديل مطابق تماماً لمديرية الإنتاج التلفزيوني سابقاً فهي تعمل بالعقلية نفسها ولم يكن الأمل هكذا، وعلى كل حال هي مؤسسة وليدة يمكن أن يحكم على تجربتها بعد مجموعة من الأعمال».
ومع انتشار ظاهرة الأجزاء في الدراما السورية وكثرة الأعمال التي بدأت تأخذ هذا المنحى لا يرى أيمن زيدان أن هذه مشكلة في حد ذاتها بل المشكلة في واقع حال الدراما السورية بشكل عام فهي من وجهة نظره عجوز متصابية ولحل مشكلتها يجب النظر إليها بصورة واقعية وإزالة القناع... «أنا الآن مع إعادة توصيف وهيكلة الدراما السورية وأن نضع هذه الدراما أمام المرآة وأن تنظر إلى نفسها وتكتشف عيوبها وتعيد توصيف نفسها وبعد ذلك، ليست المشكلة بالأجزاء أو غيرها فهناك الكثير من الأعمال الناجحة في العالم مئات الحلقات ومع ذلك هي تحقق حضوراً جميلاً جداً وبالتالي مسألة الدراما السورية ليست بالأجزاء بل المسألة أن تجلس هذه العجوز المسماة الدراما السورية أمام المرآة وتزيل القناع المستعار وأن تنظر لشكلها الحقيقي ليعاد توصيف حالتها وتكوينها... نحن أمام عجوز متصابية اسمها الدراما السورية.
وباستمرار الحديث عن الأجزاء ينظر زيدان إلى الأمر بواقعية ويرى أن نجاح أي مشروع درامي لا يتوقف على عدد حلقاته وإنما على ما يقدمه من أفكار وقضايا، مع التأكيد على أهمية الخلاص من المطمطة.... الموضوع ليس موضوع أجزاء أو حلقات فأي مشروع يمكن أن يكون بمئة حلقة مشروعاً مقنعاً، ويمكن أن يكون بحلقة واحدة مشروعاً فاشلاً، وبالتالي المعيار ليس عدد الحلقات، وإنما أهمية المشروع نفسه فمن الممكن أن تجد سهرة تلفزيونية رديئة، ومن الممكن أن تجد مسلسلاً مؤلفاً من ستين حلقة تلفزيونية أفضل بكثير من ثلاثية مثلاً، وبكل تأكيد نحن نطمح إلى أن يكون عدد الحلقات ضئيلاً وأن نتخلص من الثرثرة التلفزيونية لكن ليس بالضرورة أن يكون العمل الدرامي ذا عدد الحلقات الأقل أفضل من أعمال ذات حلقات كثيرة.
وبما أن الأجور وعدم توزيعها بشكل عادل في الدراما السورية أصبحت حديثاً عاماً في الوسط الدرامي السوري فإن للنجم أيمن زيدان رأيه المرتبط بوضع سوق تصريف الإنتاج الدرامي السوري وسعر المسلسل السوري في المحطات طارحاً الدراما المصرية وأسواق تصريفها مثالاً.... المشكلة أننا في سورية نفصل فكرة الأجور عن فكرة السوق ، مثلاً في مصر موضوع الأجور وزيادتها طبيعي، فالأجور ترتفع هناك لأنه يوجد لديهم سوق داخلية تغطي قيمة الإنتاج، وبالتالي الحديث عن الأجور لايمكن فصله عن قيمة المنتج في السوق, فمادام لايوجد سوق داخلية للعمل السوري لايمكن في يوم من الأيام أن ترقى الأجور إلى المستوى المطلوب فنحن لدينا مشكلة سوق وبالعودة إلى مصر هناك بعض النجوم يتقاضون حوالي المليون دولار عن المسلسل الواحد، وهي ميزانية عمل سوري كامل في بعض الأحيان، ولكن هناك مؤسسات وحملات إعلانية في السوق الداخلية المصرية تغطي للمنتج والمحطة هذه التكلفة وتعطيه أرباحاً جيدة وبالتالي الحل من وجهة نظري مرتبط بحل المشكلة الأساسية وذلك من خلال إعادة هيكلة الدراما السورية أولاً ومن ثم توفير سوق داخلي حقيقي وبعدها نجد أن مسألة الأجور ستحل مع بناء هيكلية حقيقية لصناعة هذه الدراما.