2012/07/04
ديالا غنطوس - الوطن السورية
ولد في ثلج تشرين الثاني عام 1921 في منطقة نيحا الشوف الجبلية، ورث جينات الصوت العذب من أجداده ووالده ووالدته. وعندما بلغ سن المراهقة توجه إلى الإذاعة اللبنانية ليقدم اختبارا في الغناء، حصل على المركز الأول بين أربعين متسابقا، وانطلق بعدها إلى الساحة الفنية. عاش حرب النجوم، لكن صبره وعناده وإيمانه العميق جعلته يتخطى كل الصعوبات ويصبح الهرم اللبناني الكبير للفن في لبنان والعالم العربي. إنه صاحب الإحساس العالي بالكلمة التي أعطاها العاطفة والحب للوطن وللناس، زرع الشوق للأوطان في قلب كل عربي تغرب عن دياره، فأبكاه ليعود ويزور وطنه، إنه ذاك الرجل من ذاك الزمن الذي يصعب عودة مثله. تستمع إليه فيعود بك إلى زمن الأصالة والفن الجميل... تنظر إلى عينيه فتجد حكمة تاريخ كامل وحضارة أجيال وأجيال... والأهم ستعثر على ينبوع يفيض باستمرار أصالة ومحبة وحنان... إنه هرم لبنان.. الفنان الكبير وديع الصافي الذي كانت لنا معه هذه الاستراحة.
الفنان الكبير وديع الصافي عملاق الفن والغناء، لقاؤنا معك هنا في متحف دمشق الوطني، حاضن التاريخ والحاضر والمستقبل، الأستاذ وديع الصافي ترك تأثيراً كبيراً وواسعاً على جيل بأكمله، إن لم نقل عدة أجيال، بالعودة إلى الماضي وإلى البدايات، أنت من عائلة تهوى الموسيقا ابتداء بخالك وانتهاء بإخوتك وأولادك، فهل ترى أن الموهبة وحدها كافية أم إن التعليم المنظم للموسيقا له الدور الأكبر؟
عائلتي عائلة ذات أذن موسيقية، فهم ذواقون للفنون بجميع أنواعها ويميزون اللحن والكلمة الجميلة، لكن باعتقادي أن الموهبة الأصيلة بحاجة إلى الصقل، وهذا الصقل يكون بالثقافة الموسيقية المتنوعة والغنية إضافة إلى التدريب والممارسة المستمرين للعزف والغناء.
جميعنا يعلم أن اسمك الحقيقي هو «وديع بشارة يوسف فرنسيس» فمن أطلق عليك لقب «الصافي»؟
الإذاعة اللبنانية هي التي لقبتني بهذا الاسم، والجمهور أحب هذا الاسم ولقبني به فيما بعد ليصبح اسمي وديع الصافي.
هل تطمح أن يكون هناك معهد باسم وديع الصافي، أو مدرسة، أو طريقة مغنى وديع الصافي؟
نعم، أرغب بذلك كثيراً، وأولادي «أنطوان وجورج» يعملون على ذلك حالياً ليحققوا لي حلمي.
مقارنة بين فناني الأمس واليوم، كيف ترى الوسط الفني؟ هل أنت راض عن الأمور التي وصلت لها الحركة الفنية والغنائية في الوطن العربي؟
لست راضياً جداً عن الوسط الفني، لكنني متفائل دائماً.
هل تستمع إلى فناني الجيل الجديد؟ من مطربك المفضل بين الفنانين الموجودين على الساحة الغنائية الحالية؟
كل الفنانين أصدقائي، ولا أفضل أحداً على آخر. لكن إذا كان هناك من أفضله فهو يعرف بذلك من دون الإشارة مباشرة إلى الأسماء.
هل تطمح إلى كتابة مذكراتك في كتاب يحكي قصة حياتك ونضالك الفني؟ وهل ترغب في أن تتحول قصة حياتك إلى مسلسل تلفزيوني أم تخشى عليها من التحريف والتزوير؟
لا مانع من ذلك، بشرط أن يكون العمل أصيلاً وأن يكون ناقلاً لتفاصيل حياتي الزاخرة بالأحداث بصدق وأمانة، فيجب أن يكون الشخص الراغب بتصوير مسلسل تلفزيوني يروي قصة حياتي، يجب أن يكون صادقاً ولا تدفعه العوامل المادية فقط، بل يكون أميناً على العمل الفني وعلى سيرة حياتي بدافع المحبة.
هل ترى أن الوسط الفني تغير كثيراً مع ما كان عليه في السابق، وأن العلاقات الشخصية والمادية هي التي أصبحت طاغية عليه؟ أم إن الباب مازال مفتوحاً أمام الصداقات الحقيقية بعيداً عن أي مصالح خاصة؟
لا أستطيع التحديد، ولكن هناك من يعقد صداقات لأجل المصالح الشخصية، وهناك الصادق والأمين فعلاً في علاقاته مع الآخرين، يعني (نص نص).
لحنت العديد من أغنياتك، كما غنيت من ألحان الآخرين، من الملحن الذي ارتحت لأداء ألحانه، ووجدت فيها صدى لروحك؟
كل الملحنين أصدقائي، ما أشعر به من ألحان أقوم بأدائه، فلا أفضل ملحناً على آخر، شريطة أن يكون اللحن قريباً من قلبي.
في جوهر أغانيك نلمس دائماً إحساساً عالياً ومرهفاً، وغالباً ما يجعلنا نبكي حتى ولو فرحاً، فهل هذا سر نجاح أغنياتك وحب الناس لها؟
طبعاً لأن العاطفة هي أساس الحياة الإنسانية، ولولاها لما كان الإنسان إنساناً، فالذي يخرج من القلب يدخل إلى القلب.
ما خلاصة تجربتك في الحياة، وما الحكمة التي خرجت بها بعد كل هذه السنين؟
(وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)، الوفاء والمحبة والمبادئ السامية هي عنوان الحياة لي.
هل تعتقد أن ولديك «طوني وجورج» قادران على حمل الرسالة الكبيرة التي منحتهما إياها بعد عمر طويل؟ وما النصائح التي تقدمها لهما؟
أولادي أمناء تماماً على متابعة مسيرة حياتي وهم في الأصل فنانون كبار، ويحملون الجينة الفنية وأنا أثق بهم تماماً كحاملين لرسالة الفن من بعدي، أما نصيحتي لهما فهي التعامل بكل محبة وتواضع مع الجميع، فالغرور يعني نهاية الفنان.
في ضوء ما يعيشه العالم العربي اليوم من اضطرابات عديدة، ما الرسالة التي توجهها إلى الشعوب العربية؟
سحابة صيف وسوف تمر مرور الكرام، وغيمة سوف تزول بإذن الله.
وماذا عما تتعرض له سورية خاصة؟
تحدثت عن انتمائنا لهذا البلد العريق كانتمائنا للبنان فلا فرق بين البلدين وما تتعرض له سورية اليوم هو بفعل الصهيونية العالمية لكنها غيمة سوداء ستزول إن شاء الله فأنا مؤمن بالشعب السوري وقدرته على تجاوز هذه المرحلة.
أحيي سورية قيادة وشعبا وأتمنى أن تخرج من محنتها سريعا فالسوريون هم حماة الأرض والعرض وحماة الأمة العربية.
من الجدير بالذكر بأن الفنان وديع الصافي شارك في العديد من المهرجانات الفنية الغنائية، كمهرجان «بين الدين»، ومهرجان «بعلبك»، ومهرجان «الأرز»، وهو حالياً بصدد تسجيل ثلاث أغان جديدة، أولاها قصيدة «أنت الحبيبة» للشاعر مهدي القباني، أما الأغنية الثانية بعنوان «حنونة يا بلادي» فهي من كلمات وألحان الفنان سهيل عرفة، إضافة إلى أغنية بعنوان «رح عيد الزمن» وهي من كلمات وألحان الفنان وديع الصافي.