2012/07/04
أحمد بيومي – أخبار النجوم
بعد أن تجلس مع عمرو عبدالجليل، وفي حالة نجاحك في فك الشفرة الخاصة بالردود الدبلوماسية، ستكتشف إنك امام فنان لم يكن يحلم منذ سنوات قليلة سوي بمشاهد قصيرة للغاية في فيلم مناسب. وهو الذي بدأ حياته بطلاً مع المدرسة الشاهينية وأصابته بعد ذلك لعنة شاهين التي وقفت عائقاً بينه وبين المنتجين والمخرجين. يؤمن عمرو عبدالجليل تماما بالسينما، ولايدعي انه صاحب رؤية أو بعد نظر سينمائي أو سياسي. يؤكد انه ترس في عجلة الصناعة، وفي حالة إسناد دور له من قبل المخرج سينفذه دون نقاش. عمرو في هذا الحوار يكشف لنا تفاصيل فيلمه الأخير »صرخة نملة«، ولماذا تم إعادة فتح الفيلم وتضفير بعض مشاهد الثورة
<ما رأيك في توقيت عرض الفيلم ؟
< في رأيي الشخصي المتواضع، الأحداث التي نتحدث عنها هي التي ساعدت علي عرض الفيلم في الأساس، ولولا قيام الثورة لما عرض الفيلم بالصورة الحالية ولكان مقص السلطة قد طال الفيلم بالحذف.
وبالطبع الظروف الآن غير مواتية لفئة كبيرة من الجمهور للذهاب إلي السينما، وأعتقد انه بعد نهاية امتحانات الثانوية العامة والجامعات سنجد إقبالاً واسعاً علي دور العرض .
< ألا تعتقد أن نوعية الفيلم التي تناقش العديد من المشاكل، والتي تعرض بشكل يومي علي القنوات الفضائية ومن خلال الصحف كان لها دور في إحجام الجمهور عن الفيلم؟
< الصحف والقنوات الفضائية تقدم مايحدث في مصر بشكل خبري بحت، اما السينما وما لها من خصوصية تعرض هذه الأخبار والقضايا من خلال شخصيات من لحم ودم، فمن الممكن أن نتعرف علي شخصية أحد الشهداء من خلال الصحف، لكن في السينما فإننا نراه عندما يستيقظ من نومه وعلاقته بأهله وجيرانه والمشاكل اليومية التي يتعرض لها، وأحلامه وطموحاته وبذلك يتوحد المشاهد مع البطل.
<هل واجه الفيلم أي مشاكل رقابية؟
علي الإطلاق، الفيلم حصل علي موافقة الرقابة دون أي ملاحظات، لكن عندما بدأنا التصوير كنا في حاجة إلي تصاريح خاصة من وزارة الداخلية، وطلبت الداخلية سيناريو العمل وإحالته إلي جهاز أمن الدولة، الذي أرسل ١٢ ملحوظة، وهذا التقرير وضع الرقابة في موقف حرج. ولذلك قررنا تصوير الفيلم بتصاريح أخري، فكنا نستخرج تصريحا لتصوير إعلان عن مساحيق الغسيل ونحن نصور الفيلم.
<فكرة إعادة فتح علب الفيلم بعد الانتهاء منه تماماً لإضافة مشاهد أخري، ألا تؤثر في مصداقية العمل، وإلصاق تهمة ركوب موجة الثورة؟
< انا أرفض هذا الكلام تماماً، فالفيلم كان يسير في هذا الخط منذ اللحظة الأولي، لكن الثورة كانت ثورة البطل فقط، فالعمل يناقش التعديلات الدستورية وتزوير الانتخابات والبطالة والأجور ومشكلة مياه النيل والغاز الذي نصدره لإسرائيل، وكل هذه العوامل هي التي فجرت الثورة في الأساس. فكان منطقياً أن يختتم العمل بالثورة. والفيلم انتهي تصويره بالكامل قبل الثورة ولم نقم سوي بإدخال بعض الصور واللقطات التسجيلية عن الثورة..
< قاطعته، لكن في أحد المشاهد والبطل يجلس علي سطوح إحدي العمارات المطلة علي ميدان التحرير والثوار يظهرون في الخلفية، ووجهت خطاباً مفاده أن المارد المصري استيقظ أخيراً..
< هذا المشهد كنا صورناه من قبل، لكن مع قيام الثورة أعدنا تصويره مرة أخري لنضيف بعض الجمل، ونحن طوال الفيلم كنا نؤكد ان هذا الشعب قد مات، فأضفنا للمشهد ان الشعب أستيقظ ولم يعد كالنمل كما صورت أمن الدولة.
< في مشهد النهاية، حيث يندفع البطل بحثاً عن رئيس الجمهورية، وإذا وضعنا في الاعتبار الأسم الاول للفيلم »الحقنا ياريس«، قد لايتفق هذا المشهد مع الثورة نفسها، فالرئيس لم يعد الملاذ الأخير الذي نبحث عنه لينجدنا؟
< هذا المشهد تم تصويره قبل الثورة وكانت هذه هي الثقافة السائدة وقتها.
تستعين بضباط أمن الدولة المصريين لتعذيب المعتقلين علي الاراضي الامريكية، فلك ان تتخيل مدي قوة بطشهم.
< ما رؤيتك للرقابة في الفترة القادمة، خاصة وان الفيلم يحتوي علي بعض الإفيهات التي ربما لم تكن لتمر في الظروف العادية؟
< مثل ماذا
< مثل جملة »خليك في صك أمك«..
يسكت قليلا ويجيب: فكرة الإفيه عامة تعتمد علي »النية« ، فكل شخص يمكن ان يفهم الأفيه بطريقته، وانا لا أجد في هذه الإفيهات أي غضاضة، ولايوجد بها أي »قلة أدب«.
< هل أنت مع الفريق الذي يدعو لإلغاء الرقابة؟
علي الاطلاق، الرقابة يجب ان تظل، وان يقتصر دورها علي مراقبة الأخلاق لا الأفكار.
< أكثر من مرة أكد إنك غير مهتم بالحياة السياسية، ولم ولن تشارك في أي عمل سياسي، فضلا عن عدم متابعتك للصحف والمجلات والقنوات الفضائية.
دائما ما كنت أري السياسة عالما هلاميا ومبهما ولا أدرك مفرداته، لكن بعد قيام الثورة اكتشفت ان جملة »صباح الخير« تندرج تحت الشأن السياسي، أو »العيش من الفرن« أو »الطماطم«، كل ما يدور حولنا أكتشفت انه سياسة.
< التعاون مع طارق عبدالجليل »أخوك« للمرة الأولي، ما ملابسات هذا اللقاء. ولماذا لم يحدث منذ فترة طويلة؟
هذا الفيلم يعتبر البطولة الثانية بعد »كلمني شكراًَ«، وقبل ذلك لم يكن يستطيع طارق ان يطلب وجودي في أعماله، حتي لايشعر فريق العمل انه يحاول توظيف أخوه. وبخصوص »صرخة نملة« تحديداً، كانت هذه هي المرة الأولي التي تتاح لي رفاهية الاختيار، فطوال الوقت يرشحني المخرج أو المنتج لدور بعينه. وهذه المرة أخبرني كامل أبوعلي بالبحث عن سيناريو لأقدمه، فاتصلت بطارق وأخبرني عن فيلم »صرخة نملة«.
<هل ذهبت بهذا السيناريو لخالد يوسف لتطلب منه إخراج الفيلم؟
بالفعل ذهبت إليه، لكنه اعتذر لانشغاله بالإعداد لعمل آخر.
< نعود للفيلم، كيف تحولت النملة إلي مشارك في الفساد؟
كثير من المصريين اضطروا إلي ركوب موجة الفساد بعدما لم يجدوا امامهم أي سبيل للحياة، مثلما تنازلت »وفاء« عن شرفها،كنا قد وصلنا إلي مرحلة حيث يمكن بيع أي شيء مقابل الأمل في الحياة الكريمة.
تعدد القضايا التي يناقشها الفيلم ، هل تراه إثراء للعمل أم وزنا زائدا قد لايتحمله عمل واحد؟
أعتقد ان تعدد القضايا التي يناقشها الفيلم يحسب له لاعليه، ومن الممكن ان تناقش كل قضية في فيلم مستقل بطبيعة الحال. وعلي سبيل المثال، الثورة عندما قامت لم نكن نطالب بحل مشكلة الأجور فقط، أو البطالة أو العدالة الاجتماعية أو سيادة القانون، فالفرد الواحد يعاني من كل هذه المشكلات.
< الي أي مدي وصل التوافق بينك وبين طارق عبدالجليل وهل التزمت بالسيناريو ام كان لك بعض التعديلات؟
ألتزمت لحد كبير بالسيناريو المكتوب، وان كنت اضفت بعض الأفيهات ، لكنهم في النهاية، واثناء المونتاج حذفوا أغلب هذه الأفيهات نظرا لطول الفيلم.
< ألم يدفعك فضولك كفنان للنزول الي ميدان التحرير؟!
أعتقد ان دوري ليس الثورة بل التحريض علي الثورة، فكل فرد عليه ان يناضل من موقعه. فالرسام يمكن ان يرسم صورة تحريضية للثورة أو للتعبير عنها. وانا مهنتي ممثل، وقدمت وجهة نظري من خلال الفيلم، واختياري منذ البداية يعبر عن توجهي. واثناء الثورة لم أخرج من منزلي وتابعت كل التفاصيل من خلال التليفزيون.
< كيف تتوقع التغيير داخل صناعة السينما؟
ان يبدأ كل مساهم في الصناعة بالتفكير في الرسالة التي يقدمها والكف عن التلاعب بمشاعر المشاهدين وعدم ركوب اي موجة من أجل مصلحة شخصية أو أشخاص بعينهم.
<لكنكم بالفعل تدخلتم بعد الثورة بالتعديل والإضافة؟
< التدخل كان فقط في مشاهد الثورة، ومشهد النهاية لم يتغير، وقصدنا من المشهد الأخير أننا عندما نذهب للبحث عن رئيس الجمهورية لن نجده، فالرئيس مجرد اسم ورمز لكن ليس له محل علي أرض الواقع.
<في تصاعد أحداث الفيلم، نجد أن البطل »جودة المصري« بعد أن تم اعتقاله علي يد القوات الامريكية في العراق طوال ست سنوات، لم يحتمل سوي عدة ساعات في جهاز أمن الدولة المصري، مفارقة غريبة؟؟
< »جودة« لم يعد يحتمل المزيد من العذاب، فقد فاض به الكيل واستسلم لأمن الدولة. وقد وصلتني معلومة لا أعلم مدي صحتها تفيد بأن الاستخبارات الامريكية كانت