2013/05/29
علي محروس- السفير ملاحظة ذكية أبداها الزميل معتز الدمرداش بخصوص توقف البث المباشر لقنوات «أوربت» بدءاً من السبت الماضي. قال عبر برنامجه «90 دقيقة « (المحور) الإثنين الماضي، إن الزميل عمرو أديب «صاحب صوت رنان لا يخشى التعبير عن رأيه بكل حرية». لذا استغرب الدمرداش صمت أديب «الغريب» حول أزمة «أوربت» مع مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة. أهي ملحوظة ذكية فحسب؟ أم خبيثة أيضاً؟ أم توحي بأن للأمر أبعادًا سياسية مثلا؟ قد يكون الأمر كل ذلك أو جزءاً منه، أو مجرد غمز من «قناة» منافس عتيد. لكن الأزمة التي أدت الى فسخ التعاقد بين قنوات «أوربت» في القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي، والتي انعكست غياباً للمرة الأولى لعمرو أديب وبرنامجه «القاهرة اليوم» الرائد في مجال التوك شو، هي أزمة تحتمل كل أنواع التعليقات، الخبيث منها والطيب. مثل أي عمل تجاري، تتطلب معاملات الاقتصاد الإعلامي قدراً من الثقة، لكن الثقة غابت بين طرفي الأزمة لدرجة أن «مدينة الإنتاج الإعلامي» رفضت استلام الشيكات التي أرسلتها شبكة «أوربت» لتسديد ديونها، لأنها كانت متيقنة من أن الشيكات بلا رصيد. لذا فسخ التعاقد بين الطرفين، ولا يمكن «لأوربت» إعادة البث من القاهرة إلا بتعاقد جديد. وبالنظر إلى عدم ارتفاع المديونية نسبياً (أقل من ستة ملايين دولار)، يصعب تفهم التأخير عن تسديدها منذ أول تموز الماضي، ثم محاولة الشبكة المستميتة والفاشلة لتسديد المبلغ على دفعات، ثم تجاهلها لأربعة إنذرات متتالية بفسخ التعاقد. وبعد مرور 15 يوماً من تجاهل الإنذار الخامس والأخير، أصبح العقد ملغيًا بحكم بنود العقد نفسه وبقوة القانون. وبذلك أصبحت التطمينات التي يطلقها المدير التنفيذي للشبكة فليكس سرحان، والوعود التي يتعهد بها وزير الإعلام المصري أنس الفقي لحل الازمة عبر التسوية، (من دون تسديد الديون)، مجرد تمهيد لهجوم صحافي، يُتوقع أن يشنه إعلاميون بحق الطرفين. فلو عاد البث الحي من دون تسديد الديون المتأخرة وبناء على عقد جديد، ستنتهي أزمة «أوربت»، لتبدأ أزمة وزارة الإعلام التي ينبغي أن تحصّل حقوقها من الآخرين. إذ أن الوزارة تنتمي لحكومة لا تبدي الصبر نفسه مع ديونها لدى المواطنين، وإنما تقطع عنهم الخدمات (أو تسجنهم) في حال تأخروا عن الدفع، بينما صبرت الوزارة على الشركة السعودية منذ ما قبل شهر رمضان الأخير بأربعين يوماً! لماذا إذن صمت عمرو أديب ولم يعلق على الأزمة، فيما عمدت المحطة إلى بث حلقات قديمة من برنامجها الأكثر جماهيرية «القاهرة اليوم»؟ وهل سيتكلم بصراحته المعهودة بعد انتهاء الأزمة؟ وهل رفضه الرد على أسئلة الصحافيين مبعثه اختزان الأسرار انتظاراً لعودة برنامجه؟ أم أنه يتخلى عن صراحته إزاء أخطاء المحطة - الأم؟ في بيانها الذي أصدرته مؤخراً، طلبت «مدينة الإنتاج الإعلامي» عدم تسييس الأزمة. وهو طلب غريب، لأنه ليست قناة «الجزيرة» أو غيرها على سبيل المثال هي الجهة المختلفة مع الحكومة المصرية. علماً أن الرئيس المصري حسني مبارك كان تدخل لمنع حدوث أزمة مشابهة قبل عام بين طرفي النزاع. وكان عمرو أديب هو مصدر معلومة دفعت مبارك الى التدخل. ومن دون معلومة مماثلة، قد تصبح عودة عمرو أديب الى جمهوره سريعاً أمراً صعباً!