2012/07/04
عزة البحرة: لا أحد يحمي الممثل
المقدمات في الدراما كانت أفضل من النتائج.
لا أحد منا يفكر في اللجوء إلى النقابة.
لو رفضت كل الأدوار النمطية لكنت تركت التمثيل منذ زمن.
شركات الإنتاج الكثيرة لم تحسن من وضع الممثل.
لا يمكن أن نمنع ممثلينا من المشاركة في الدراما المصرية.
الدراما التركية موجة، وسترحل.
مشكلة السينما السورية هي الإنتاج القليل.
أحلم بالمسرح.
خاص بوسطة - يارا صالح
رغم أنها درست الصحافة وعملت بها 15 عاماً، إلا أن ميولها الأساسية كانت باتجاه التمثيل، ودخلته من بابه العريض، فشاركت في السينما بفيلم "ليالي ابن آوى"، وفي التلفزيون في "البركان". مبدعة في جميع الأدوار التي لعبتها، واسم لا يمكن تجاوزه في خارطة الدراما السورية.
إنها الفنانة عزة البحرة، زارتها بوسطة في منزلها، وكان لنا معها هذا اللقاء العفوي والشفاف.
الفنانة عزة البحرة: أنت ممثلة قديمة في الدراما منذ حوالي 20سنة، ولا زلت فيها. كيف تجدين مهنة صناعة الدراما، هل اختلفت من الأفضل للأسوأ أومن الأسوأ للأحسن؟
إذا أردت قياسها بأن الدراما السورية اكتسحت الوطن العربي، فبالتأكيد هي الآن أفضل ولنا الآن مكانتنا، وحققنا إنجازاً على هذا المستوى، أما كمهنة، فأقول لك أن المقدمات كانت أفضل من النتائج بكثير، يعني وفقاً للبدايات، وطريقة تعامل الشركات، كنت أتوقع أن تكون الأمور أفضل بكثير بعد 20 عاماً، لكن لا يمكنك تحميل المسؤولية لجهة معينة، هناك أكثر من جهة، وأحيانا الفنانون بحد ذاتهم يتحملون المسؤولية أيضاً بعدم تكاتفهم وتعاضدهم بهدف الوصول إلى نقطة يتفق عليها الجميع.
الشركات المنتجة للدراما، هل كانت طريقة تعاملها معكم أيام زمان مثل الآن؟
كان هناك احترام وتقدير أكبر، الآن وبكل بساطة يقولون لك إذا أنطوني كوين اعتذر فله بديل، لم يعد هناك مكانة أو تقدير لأحد، وبالتالي لا توجد خصوصية لك كفنان، وهنا عليك إما العمل أو الجلوس في المنزل وبالتالي لم يعد من خيار أمامنا.
وهل تشعرون كفنانين أن النقابة هي دعم لكم، هل لها دور فعال؟
لا أحد منا يفكر في اللجوء إلى النقابة.
هل وصلنا إلى هذه المرحلة؟
النقابة لا دور لها أبداً بكل بساطة سوى أن تقبض الاشتراكات، وأحياناً يكون عدد الوفيات والمتقاعدين أكبر من المبالغ الموجودة فيطالبوننا بالزيادة، فالنقابة تعطي أسرة كل ممثل راحل مئتي ألف ليرة للمساعدة في أمور الدفن.
هنا انحصرت أمور النقابة، لا مكان لها أكثر من ذلك؟!
نعم، للأسف.
ومن يحميكم في هذه المهنة إذاً؟
ذراعك، أنت وما تستطيع تحصيله.
وبرأيك ألن يؤدي هذا الأمر إلى مصائب كثيرة في هذه المهنة؟
طبعاً، فأنا لا أفكر في حال حصول أي مشكلة معي أن ألجأ إلى النقابة، وأقولها أيضاً للأسف.
تشاركين هذا العام بعدة مسلسلات منها الهروب، حدثينا عن هذه المشاركة.
تعلمين أن الهروب من إخراج زوجي ثائر موسى، وبالتالي كونه يعرف إمكاناتي وطاقاتي، فقد غامر بإعطائي هذا الدور الذي يحمل شيئاً مختلفاً عن كل ما قدمته من عشرين عاماً إلى الآن، وثائر مشكور لهذا، ففي العموم الفنان مؤطر في دور معين وحالة معينة، وكأن كل الكتاب لا يرون امرأة عمرها خمسون عاماً ولا يكتبون لها، وكأن المرأة الخمسينية لا دور لها إلا أن تكون أماً لفلان من الناس، وهذه مشكلة كبيرة جداً في حياتنا كممثلات، وتعاني منها كل الفنانات اللواتي في جيلي، مع أن الحقيقة أن هذا العمر هو ذروة المشاكل التي تعاني منها المرأة، سواء في عائلتها أو في حياتها أو في زواجها ولكن المشكلة أن الكتّاب يعانون من قلة الإمكانات والعجز في هذا المجال، ولذلك فأنا أعتبر هذا الدور النقلة التي أخرجتني من هذه النمطية، وهذه النقلة بدأت مع المثنى صبح في "ليس سراباً"، وتتوجت مع ثائر في "الهروب".
قلت إنك تعانين من النمطية في الأدوار، هل حدث ورفضت دوراً لهذا السبب؟
طبعاً، رفضت الكثير من الأدوار، وذلك حدث عندما كان الدور نمطياً جداً، وهامشياً أيضاً، فهناك بعض الأدوار النمطية التي يمكن أن تحقق ضمن السياق الدرامي حالة معينة، أما إذا كان الدور نمطياً وهامشياً فأنا أرفضه بالتأكيد، ولكن أقول لك لو رفضت كل الأدوار النمطية لكنت تركت التمثيل منذ زمن.
وماذا عن مشاركاتك الأخرى؟
شاركت في مسلسل "أبواب الغيم" مع المخرج حاتم علي، كما شاركت في مسلسل "القعقاع" مع المخرج المثنى صبح، وكانت لي مشاركة في مسلسل للفضائية التربوية السورية بعنوان "شخصيات عربية"، والآن أنتظر أن أبدأ تصوير دوري في مسلسل "رواء الشمس" مع المخرج سمير حسين.
ما شاء الله، تشاركين هذا العام في كل هذه الأنواع الدرامية، أيها تجدين أنه الأقرب إليك؟
أنا ممثلة، والدور المهم سواء في (المودرن) أو التاريخي أو غيره يكون هو الأقرب لقلبي، كل دور أحبه حسب أهميته، وحسب الآفاق الإبداعية التي يقدمها لي.
تحدثت سابقاً في لقاءاتك عن معاناة من قلة الأعمال التي كانت تُعرض عليك وقتها، هل تشعرين أن الوضع تغير اليوم؟
أنا أعاني من هذه المشكلة اليوم مع ابني كونه ممثل أيضاً، فهناك البعض تتوفر لهم الفرص والظروف فوراً، وآخرون يتعبون قليلاً ليجدوا مكاناً لهم، وأنا من الأشخاص الذين تعبوا ليصنعوا مكاناً لهم في الخريطة الدرامية، وهي مشكلة المبتدئ الدائمة، والحقيقة أن هذا الأمر يستغرق وقتاً ويشكل مشكلة بالنسبة للجدد.
ألا تعتبرين أن زيادة عدد شركات الإنتاج قد حسنت وضع الممثل؟
لم تحسِّن شيئاً، لأن شركات الإنتاج التي من المفترض أن تحسِّن الوضع، تتعاقد مع نفس النجوم في كل الأعمال وهذا يلغي فرص المبتدئ، وفرصة المبتدئ لا تكون بدور كومبارس، أو بعشرين مشهداً أو خمسين، بل تكون الفرصة عندما تتبناه شركة ما وتطرحه كبطل.
المشكلة الأساس تكمن أننا في سورية ليس لدينا صناعة نجم، بل تكتفي الشركات بالنجوم الموجودين، فالصناعة تحتاج إلى رعاية مختلفة، ومفهوم مختلف.
بعض الممثلين اتجهوا إلى الخارج، ما رأيك بمشاركة الفنانين السوريين في مصر؟
في الحقيقة المصريون أخذوا ممثلينا ولكن بعد أن أمّنوا لهم شروطاً مهمة، لأن ممثلينا هم المرغوبون في الخليج أكثر من الممثلين المصريين، فالمصريون يستفيدون من نجومنا لتسويق أعمالهم، فهم يُفيدون أعمالهم بهذا الموضوع، وبالمقابل تقدم شركات الإنتاج المصرية كل ما يحلم به الفنان من احترام وتلبية للحقوق، وأجور عالية.
دعينا نتحدث عن مشاركتك في المسلسلات المدبلجة، خاصة بوجود نقد كثير حول الدراما التركية بأنها تخرب البلد والدراما المحلية.
إذا كانت تخرب البلد كما يقولون فليصنعوا شيئاً آخر مهماً، نحن لا يمكننا رفض أي شيء بحجة أنه لا يعجبنا دون طرح بديل مهم، هل يمكن أن نصدق أن جمهورنا ترك مسلسلاً مثل "زمن العار" على سبيل المثال، أو مثل "ليس سراباً" ليشاهد مسلسلاً تركياً مدبلجاً؟ هذا الكلام غير صحيح أبداً.
شخصياً أحب العمل في المدبلج وأستمتع بالعمل به كممثلة، لكن من لا يحبه فليطرح البديل، إضافة إلى أن المدبلج يوفر الآن فرص عمل لكمّ هائل من الممثلين الذين لا يجدون مكاناً لهم في الدراما وبالتالي فهو مصدر رزق لهم، فلا يمكننا قطع أرزاقهم دون إيجاد مكان لهم في مسلسلاتنا، هل يوجد ممثل يترك دوراً مهماً له في أي مسلسل بحجة أنه يعمل في الدوبلاج.
وما هي نقاط القوة لدى المسلسلات المدبلجة التي يجب على الدراما السورية إدخالها؟
المختلف بالأجواء، والجرأة الموجودة فيها غير موجودة لدى الدراما السورية، الموسيقى، هناك عدة فروق تحتاج لبحث كامل لكن بالمجمل أقول لك الاختلاف والتنوع والجرأة، وإذا صنعنا شيئاً مختلفاً في الدراما السورية من سيشاهد التركي؟ (براهنك أنا).
بالنتيجة أيضاً التركي هو حالة طفرة، نلاحقه كما نلاحق كل شيء ثم يأتي وقت يتراجع فيه كما المكسيكي في زمن مضى.
نتحول إلى السينما، بدأت أولاً بـ "ليالي ابن آوى" كما شاركت في "شيء ما يحترق"، بعدها غبت عن السينما؟
أنت لا تغيبين عن مكان تحبينه بل يتم تغييبك، هذا أولاً، ثانياً نحن لا نملك الإنتاج الضخم القادر على احتواء جميع الممثلين في سورية، يعني بالنهاية كل فيلم يحتاج عدداً محدوداً من الفنانين أقصاه عشرة، بالتالي من المستحيل أن ينال الممثل فرصة العمل في كل فيلم أو حتى في كل ثلاثة أعمال بالسينما.
عدا عن الإنتاج القليل، ما هي مشاكل السينما السورية؟
الإنتاج القليل. عندما يكون هناك إنتاج قليل فلا يمكن إعطاء فرص للآخرين، وعندما لا يتم إعطاء هذه الفرص فلا يمكن أن نخطئ ونعيد تصحيح أخطائنا، العمل ضروري لصقل الموهبة والأدوات، وكما يقولون (الشغل بيجوهر). قلة الإنتاج بداية تؤدي إلى مليون سبب آخر.
عندما أجرينا لقاء مع سلوى سألناها لمن توجهين كلمتك وما هي، فأجابت لأمي وبكت، كيف تصفين علاقتك بسلوى، وبأولادك بشكل عام؟
لن أنظّر وأقول لك إني أحب أولادي، فكل الأمهات تحببن أولادهن وتحببن إنجازاتهم وأنا ككل الأمهات أحب أولادي وأشعر أن تعبي وجهدي معهم لم يذهب هباءً، وهذا يشعرني بالرضا. أتمنى لهم آفاقاً أوسع وأجمل وأسعد، وأن يلتقوا بأولاد الحلال في الحياة. علاقتي بهم (مممممم) سعد يقول عني سلطوية لأنني أريد تجنيبه كل المعاناة التي مررت بها في الوسط، لكنه يرغب أن يتعلم من تجربته.
أهم شيء أنهم يملكون الهدف ويسعون لتحقيق أهدافهم بأسلوب جميل ومشرق، وكما قلت أتمنى لهم التوفيق.
في مسلسل الهروب تشاركين مع زوجك ومع ابنتك وابنك، هل تستطيعين فصل العمل عن العلاقات الشخصية؟
نعم، أستطيع الفصل بشكل قوي، ولو أنني أتعامل معهم أحياناً (بالمونة)، خاصة مع سلوى. لكن في العموم آخذ في عين الاعتبار عمق الشخص الذي يعمل ونظرته للأمور ومقياسه للآخرين ولنفسه.
بالمناسبة عملي مع الأقرباء يُشعرني بالهم والمسؤولية أكثر، وأشعر أن من واجبي أن أنجح كي ينجح العمل ككل.
هل تجمعك علاقة صداقة ببعض الفنانين خارج إطار العمل؟
طبعاً، هناك العديد من الممثلات هنَّ صديقاتي، ونحن نلتقي كل شهر تقريباً، ومنهم أمانة والي، وفاء موصللي، نسيمة الضاهر، ناهد حلبي، هناء نصور، لينا حوارنة، السيدة ديانا جبور مديرة التلفزيون وهي صديقتي منذ أيام المعهد، وهناك ميادة رهونجي ومي الرحبي...
أما من الشباب في الوسط كان رحمه الله غسان سلمان صديقاً غالياً جداً، سمير حسين أيضاً، وضاح حلّوم من الأصدقاء القدامى، ونتعامل معه وكأنه فرد من العائلة، هيثم زرزوري صديق قديم جداً.
ومع هؤلاء هناك الزوجان الغاليان على قلبي وقلب زوجي ثائر وهما جيانا عيد وزياد سعد.
ما هو أحب الأدوار إلى قلبك؟
بصراحة كل الأدوار التي قمت بتأديتها أحببتها. لم يكن هناك دور لم يكن فيه شيء أحبه بالتأكيد، وفي هذه اللحظة تخطر على بالي أدوار مثل الدورين اللذين قمت بتأديتهما مع ثائر، شخصية الخرود في "الموؤدة"، وشخصية الأم في "الغفران"، وكذلك الدورين اللذين لعبتهما في "عمر الخيام" و"الاجتياح" مع شوقي الماجري، وشخصية أم عزيز في "الفصول الأربعة" مع حاتم علي، وكذلك دوري مع المثنى صبح في "ليس سراباً"، ودوري في "الواهمون" مع سمير حسين.
ما هو الدور الذي تتمنين أن تؤديه؟
هناك دور لعبته جيسيكا لان في مسرحية لـــــتنيسي وليامز اسمها "عربة اسمها الرغبة" وجيسيكا هي الأخت العُصابية الموتورة التي تلجأ لأختها وتكون قد أضاعت أموالهم وأرزاقهم، أحب هذه الشخصية كثيراً، وأحب العمل في المسرح كثيراً، لكن للأسف حتى الآن لم أحظ بفرصة للعمل في مسرحية رغم قيامنا ببروفات لعدة مسرحيات ولشهور عديدة لكن، لسبب أو لآخر، دائماً لا ينجح الأمر.
عدا عن المسرح، ما هي طموحاتك؟
أتمنى دائما أن أحصل على دور أحبه. أحب تجربة الكوميديا أحياناً، لكن هاجسي الدائم هو لعب دور لم ألعبه من قبل مختلف وبعيد عن النمطية.
كلمة أخيرة لبوسطة.
شكراً لكم جداً، قرأت لقائكم مع سلوى وأحببته كثيراً وأحسست بوجود عمق فيه. الموقع في العموم فكرة ناجحة جداً فشكراً لكم ولجهودكم.
شكراً لكِ...