2012/07/04
شكري الريان
2009 انتهى.. ولن نعود لكتابة الرقم إلا من باب التذكر.. وبدون مجاملة قد لا يكون هناك داع ملح لهذا، وأعني فقط على المستوى الإعلامي العربي عموماً، والدرامي سورياً وعربياً، على وجه التخصيص.
هناك أعوام مهمة فعلاً في مسيرة صناعة يفترض فيها أن تكون رائدة في منطقة باتت جزءاً من عالم ما فتئ يصغر، حيث بات التنافس على جمهور، أصبحت ذائقته متقاربة، أمراً لا يتقبل أنصاف الحلول، أو الاقتناع بأن هناك جمهور يتابع فعلاً ما يدور على شاشاتنا فقط لمجرد أن تلك الشاشات ما زالت تبث!.
وربما لو عدنا بالذاكرة... كثيراً.. إلى الوراء لأكتشفنا أن الأهمية "الاستثنائية"، وفيما يخص الدراما السورية بالتحديد، كانت تكمن في تقديم صياغات جديدة وفي أكثر من وجه، فبعد مرحلة التدشين الأولية والتي حلق بها الثنائي دريد ونهاد إلى آفاق عربية واسعة دون الحاجة إلى بث فضائي وشبكات منتجة ومنتجين منفذين وسواه من التفاصيل التي ما تزال تثبت حتى الآن أنها زائدة عن الحاجة. دخلت الدراما السورية في مرحلة من الاستقرار النسبي قدمت خلاله مجموعة من الأعمال، التي وإن تميزت وتركت أثراً كبيراً، إلا أنها بقيت تقدم ضمن نفس القالب البصري على الأقل. وانتظرنا إلى نهاية الثمانينيات لنرى بداية مبشرة بنفس جديد يخرج بالمواضيع والكاميرا إلى خارج الأستوديو معطياً مجالاً لمجاميع ولحكايات مختلفة ومتنوعة في سياق الحكاية الواحدة "هجرة القلوب إلى القلوب".. لاحقاً وفي بداية التسعينيات كانت إطلالة نجدة أنزور من خلال افتتاحية "نهاية رجل شجاع"، والتي كانت افتتاحية حقيقية لمرحلة جديدة في تقديم الصورة التلفزيونية بمستوى ما عاد من اللائق لأي من العاملين في هذا القطاع التنازل عنه، وفي نفس الفترة تقريباً كانت هناك إطلالة متجددة لأعمال البيئة الشامية من خلال "أيام شامية" وكرّت بعدها السبحة لتقدم لنا ما بات يعرف بصحن (الفول الدرامي) على المائدة الرمضانية وصولا إلى "باب الحارة" بأجزائه وجمهوره والصخب المرافق له، وبقيت سلاسل البيئة الشامية على حالها كَلَون ثابت ما عاد من الممكن الاستغناء عنه، ورافق تلك الإطلالة "البركان" الذي قدم بطريقة مثيرة وجديدة متناولاً موضوعات تم التطرق إليها سابقاً ولكن بنفس جديد نصاً وصورة وإنتاجاً، غامر واقتحم مُدخِلاً الجميع فيما سمي بعد بموجة (الفنتازيا) التي وبالرغم من كل ما قدمته لاحقاً لم تضف إلى بركان انفجر وبقي الجميع يحاولون اللحاق ببريقه..
وانتظرنا عقدا كاملاً لنشاهد إضافة تتسم بكامل بساطة الإضافات التي لا تنسى "الفصول الأربعة" العمل المميز للمبدع حاتم علي الذي قدم لمسات كثيرة قبل وبعد، ولكنه في الفصول الأربعة كان يحرك الكاميرا كما يتنفس، وفي تناغم عز مثيله مع كامل عناصر العمل بدءاً من النص المميز من قبل الكاتبتين ريم حنا ودلع الرحبي، وصولاً إلى الأداء المتألق في تلقائيته عند جميع الممثلين المشاركين وبدون أي استثناء، وفي نفس الفترة أيضاً أطل علينا "بقعة ضوء" بشكل جديد وإن كان يستند إلى تراث من اللوحات قدمه سابقاً المبدع ياسر العظمة من خلال "مرايا".. وفرحنا وقتها فهاهو جيل يفتح الطريق لجيل آخر، ووعدنا أنفسنا بالمزيد.. ولكن.....
هي لحظات تؤرخ لإضافات تترك أثراً لا يمكن أن ينسى حتى ولو مرت عقود، ولكن عقدنا الحالي يدخل عامه الأخير، ولا شيء جديد يضاف إلى ذاكرة دراما طالما اعتزت بإضافاتها.. وللحقيقة فنحن لا نملك إلا تلك الإضافات، لا لنقول بأننا أضفنا فقط، بل لنستمر في الحياة.. فهل سيشهد العام الأخير من العقد إضافة جديدة.. أم أننا سنعود لنطرح نفس السؤال.. أو قد لا نطرحه فقط من باب الخجل، لأن أحداً لن يعود مهتماً بما لم يكن معنياً من الأساس بمخاطبة ذائقته التي لم تعد مكتفية بمصدر واحد لتحيا بدورها وتتجدد...