2013/05/29
خلدون عليا – دار الخليج
كما جرت العادة خلال السنوات القليلة الماضية، فإن حضور أجزاء جديدة لأعمال سابقة في الدراما السورية مستمر، ورمضان الحالي يشهد وجود عدة أعمال بأجزاء جديدة استمراراً لأعمال سابقة، تتراوح ما بين الكوميديا والتراجيديا . وفي التحقيق الآتي نرصد هذه الأعمال، كما نتطرق للظاهرة من خلال ما يقوله أهل الفن عنها .
يصل عدد هذه الأعمال إلى خمسة تحمل في أغلبها الطابع الكوميدي، فهناك أربعة أعمال كوميدية حاضرة بأجزاء جديدة وهي الجزء الرابع من مسلسل “صبايا” الذي كتبت نصه نور شيشكلي، وأخرجه سيف الشيخ نجيب بعد اعتذار المخرج ناجي طعمي، بسبب قيامه بإخراج أول عمل بيئة شامية في مسيرته وهو “طاحون الشر” للكاتب مروان قاووق، وكذلك يحضر الجزء الثاني لمسلسل “أيام الدراسة” للكاتب طلال مارديني، وأخرجه مصطفى برقاوي بعد اعتذار مخرج الجزء الأول إياد نحاس وعمله في الدراما الخليجية هذا الموسم، المسلسل الشهير “بقعة ضوء” حاضر أيضاً بجزء تاسع وبكلاكيت ثانٍ مع المخرج عامر فهد الذي أنجز الجزء الثامن من العمل في الموسم الماضي . . وقد أعاد للعمل شيئاً من بريقه الذي فقده كثيراً خلال الأجزاء الماضية بعد تألق كبير في الجزأين الأول والثاني مع المخرج الليث حجو والنجمين باسم ياخور وأيمن رضا، والعمل الكوميدي الرابع الذي يتواجد على ساحة العرض الرمضاني الحالي هو “توب أكشن” للمخرج فيصل بني المرجة الذي قدم جزءاً أول من العمل في الموسم الماضي وحمل عنوان “بومب أكشن” .
مسلسل “دليلة والزيبق” للكاتب هوزان عكو والمخرج سمير حسين حاضر أيضاً بجزء ثان في رمضان 2012 رغم ان العمل قد صور كاملاً بجزئيه الأول والثاني منذ موسم ،2011 وهو عمل معاد بسيناريو ووجوه جديدة بعد أن نال شهرة واسعة منذ عرضه على شاشة التلفزيون السوري منذ فترة بعيدة .
الدراما الاجتماعية حاضرة أيضاً ب”ساعات الجمر”، فبعد النجاح الكبير الذي حققه مسلسل “الولادة من الخاصرة” بجزئه الأول للكاتب والسيناريست سامر رضوان والمخرجة رشا شربتجي، يحضر العمل للموسم الثاني على التوالي بجزء جديد وهذه المرة حمل عنواناً جديداً هو “ساعات الجمر”، حيث يشهد مشاركة نجوم جدد وفي مقدمتهم باسم ياخور . وبالطبع تتعدد الأسباب التي تقف وراء استمرار هذه الأعمال بأجزاء جديدة ومن المعروف أن ما يمكن أن نسميه القنبلة الدرامية التي حققها المسلسل الشهير “باب الحارة” للأخوين بسام ومؤمن الملا، قد فتحت الباب واسعاً أمام ظاهرة الأجزاء، وخصوصاً بالنسبة لأعمال البيئة الشامية، التي أصبح من الاعتيادي أن نشاهدها بأجزاء عدة، لكن هذا الموسم كان استثنائياً، وبالطبع مرد ذلك إلى تأثير الأزمة السياسية التي تعيشها سورية منذ حوالي العام ونصف العام تقريباً وتأثيرها في مختلف مناحي الحياة ومنها الدراما بالطبع .
الأسباب التي تقف وراء انتشار ظاهرة الأجزاء في الدراما السورية متعددة وكثيرة وهي تختلف من وجهة نظر القائمين على صناعة الدراما السورية من منتجين ومخرجين وفنانين وكتاب، ولكن تبقى هناك أسباب أساسية يتفق عليها الجميع، وفي مقدمتها الأسباب التسويقية المرتبطة بطلب المحطات الفضائية العارضة والانتشار الجماهيري الذي يحققه العمل .
يقول الفنان محمد خير الجراح في حديثه مع “الخليج”: “السببان التسويقي والجماهيري مرتبطان ببعضهما بعضاً، وهما عنصران أساسيان لانتشار ما يسمى بظاهرة الأجزاء في الدراما السورية، وبرأيي هذا أمر طبيعي، فعندما يحقق العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً فإنه يجذب صناعه نحو تكرار النجاح من خلال جزء ثان، الذي بدوره سيجذب المحطة العارضة لتحقيق المزيد من المتابعين، وبالتالي تحقيق مكاسب إعلانية كبيرة” .
المخرج تامر إسحاق يتفق مع هذا الكلام، ويؤكد أن “جماهيرية عمل ما تدفع صناعه إلى انتاج جزء ثانٍ وثالث ورابع منه . . وهذا أمر طبيعي وموجود في كل أنحاء العالم، لأن هذه الجماهيرية جاذبة للمحطات الفضائية المتنافسة فيما بينها سعياً لكسب أكبر عدد من المشاهدين، وبالتالي تحقيق كمية أكبر من الأرباح” . أما النجمة السورية جيني اسبر فترى ظاهرة تكرار الأجزاء في الدراما السورية “جيدة ومفيدة، في حال استثمارها بشكل صحيح ومنطقي وتحقيق الفائدة المرجوة سواء كانت للتسلية أو الترفيه أو معالجة أي قضية” .
من جهته الكاتب سامر رضوان يؤكد أن “هناك بعض الأعمال التي قدمت قد أساءت لفكرة الأجزاء، ولكن هذا لا يعني أن الأجزاء سيئة بالمطلق أو صحيحة بالمطلق، ويمكنني القول إن دراما الأجزاء ممتازة جداً في حال قدمت بطريقة حقيقية وواقعية، ولتحقيق أهداف استمرار الحكاية وطرح الأفكار المترابطة والمتواصلة التي لا يمكن طرحها في ثلاثين حلقة فقط” .
وعن تأثير ظاهرة الأجزاء في الدراما يتابع السيناريست رضوان: “استطيع أن أقول أن الأعمال التي خلدت عبر مسيرة الدراما العربية هي دراما الأجزاء . . فهل نستطيع أن ننسى “ليالي الحلمية” أو “رأفت الهجان” وهي أعمال تأتي أهميتها من استمرارها وتقديمها الحياة عبر أجزاء، وخصوصاً أن حكايتها لا تنتهي بجزء واحد” . ولا يغفل رضوان الجانب الربحي من سياسة الأجزاء ويقول: حق للمنتج طالما أنه لا يسيء للعمل وطالما أنه لايهدف إلى تقديم أجزاء لغاية الأجزاء فقط” .
بالطبع تتعدد الآراء حول مدى تأثير هذه الظاهرة في تطور الدراما السورية أو وقوعها في النمطية، وعن هذا يقول النجم السوري أيمن زيدان: ليس المهم عدد الحلقات أو الأجزاء، فأي مشروع يمكن أن يكون ناجحاً ولو استمر لمئات الحلقات ويمكن أن يكون فاشلاً بحلقة واحدة” .
ويؤكد زيدان أهمية التعاطي الجدي مع الأجزاء الجديدة لعمل ناجح، وبالتالي الابتعاد عن الثرثرة والإطالة والحشو، ويتابع: “نطمح أن يكون عدد الحلقات ضئيلاً وأن نتخلص من الثرثرة التلفزيونية، ولكن من الطبيعي أن نقول إنه ليس بالضرورة أن يكون العمل ذا الحلقات الأقل أفضل من عمل بأجزاء متتالية، فهذا الأمر مرهون بنمط ونوعية النص والمادة التلفزيونية المقدمة، كما أنه من الطبيعي أيضاً أن تذهب بعض التحليلات باتجاهات أخرى تتمثل في عدم كفاية جزء واحد لتحقيق الهدف من عمل ما، وخصوصاً عندما يتم تناول مراحل تاريخية كما حدث في “الحصرم الشامي” و”حمام القيشاني” .
يؤكد المخرج سيف الدين سبيعي أن “الأجزاء في هذا النوع من الأعمال ضرورية، ففي “الحصرم الشامي” تناولنا مراحل تاريخية من تاريخ مدينة دمشق . . وبالتالي لا يمكن جمعها في جزء واحد، وبالطبع فإن أي عمل درامي يتناول مراحل تاريخية مختلفة لمدن ودول سيمتد إلى عدد كبير من الحلقات” .
ويرى سبيعي أن “الأعمال الناجحة من الطبيعي أن تستمر في تقديم أجزاء جديدة ولكن بشرط أن تحافظ على نفس السوية ونفس النجاح وهذا ما نراه في عدد كبير من الأعمال الأجنبية الشهيرة” .
إذاً الدراما السورية حاضرة بستة أعمال تنتمي إلى ما يمكن أن نسميه ظاهرة الأجزاء، ليبقى الحكم النهائي على هذه الأعمال مرهوناً بانتهاء عرضها والمستوى الذي ستظهر به، وتأثير ذلك في استمرارها في أجزاء جديدة، أم التوقف عند حد معين ومدى انعكاس هذه الأعمال على مستوى ونوعية ما يمكن أن نسميه ظاهرة الأجزاء في الدراما السورية .