2013/05/29
رؤى العنزي – الوطن السورية
يجري حالياً ومن إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي تصوير مسلسل «حدث في دمشق» سيناريو عدنان العودة وإخراج باسل الخطيب، الذي تقرر أن يقوم بإخراج العمل، بعد أن اعتذرت عنه المخرجة رشا شربتجي.
مسلسل «حدث في دمشق « مأخوذ من رواية «وداد من حلب» للدكتور قحطان مهنا، وهو طبيب أسنان، عمل أبوه ضابطاً في الجيش قبل الاستقلال وبعده، تنقل في عدة محافظات بحكم عمل والده، إذ ولد في حماة، ودرس في حلب، وعمل في اللاذقية، الأمر الذي جعله يتعرف على الكثير من الناس ويلاحظ اختلافاتهم الفكرية والحياتية، وهو ما أغنى روايته.
رواية «وداد - من حلب» تتحدث عن النسيج الاجتماعي لسكان مدينة حلب، قبل وأثناء هجرة اليهود منها، وما آلت إليه أوضاع المدينة والمنطقة بعد حرب 48 في فلسطين، مزجها الكاتب خلال فترتين زمنيتين 1947 و2001 عبر حدثين مهمين.. هجرة اليهود إلى فلسطين، وسقوط برجي مركز التجارة العالمي.
يبحث الكاتب في قضية فلسطين ويرينا وجهات نظر العرب واليهود بالهجرة، كفؤاد اليهودي الذي يحلم بإنشاء دولة يهودية، وداد، زوجته اليهودية أيضاً.. العاشقة الكبيرة لحلب ولزوجها ولحبيبها، والتي تنتمي بقوة للمكان الذي عاشت وكبرت فيه، والتي لا تريد تركه.. ولا تتركه إلا مضطرة.
أيضاً هناك وجهة نظر بطل الرواية رأفت، الذي يسمع باهتمام كل وجهات النظر السابقة.. دون أن يتخلى، ولو للحظة، عن قناعاته.
مع كاتب الرواية كان الحوار التالي:
متى شعرت لأول مرة برغبتك بالكتابة؟
بعد حرب تموز 2006، لقد فاجأتني هذه الحرب، أقصد نتائجها، كانت حرباً من خارج سياق حروب العرب مع إسرائيل، حروب مثل هذه تبقي الجذوة مشتعلة، وهذا - وحده - يكفي.
برأيك هل كتابة الرواية صنعة أم هواية؟.
هي صنعة، إلا في حالات نادرة، كحالتي، فتكون هواية، فأنا لم يسبق لي أن كتبت في حياتي.. لا رواية ولا قصة ولا حتى خاطرة..! وداد- من حلب، هو أول عمل لي، وقد كتبته بعد أن تجاوزت السادسة والستين من عمري، وأنجزته في أربعة شهور. ألم تلاحظي كم إني مرتبك وقليل الحيلة معكِ ومع المسلسل ومع المؤسسة التي تنتجه ومع الناشر والسيناريو ومع... الجميع؟!!
عندما تلجأ إلى الكتابة فإنك تنعزل بفكرك عن العالم المحيط بك لتحاول أن توصل أفكارك إلى الآخرين وهذا يحتاج منك بعد الانتهاء من الكتابة طبعاً الذهاب لدور النشر لطباعة عملك الفني.. هل اصطدمت بعقبات ما في حالات كهذه؟.
عالم الكتب والنشر والطباعة.. لا يختلف عن بقية العوالم، جزء كبير منه سوق!. تماماً كبقية الأسواق، وللأسواق أعرافها وأخلاقها.. وكلها لا تعجبني..!
تتحدث الرواية عن حقبات تاريخية موثقة وحقيقية، ما المرجعيات التي اعتمدت عليها لتوثيق هذه الحقبات والأحداث؟. هل تحاول التأريخ الروائي إن صح التعبير بطريقة ما لفترة من الزمن ماالفائدة من تقديم رواية سياسية في أوقات صعبة كالتي يمر بها المجتمع، وهل الرواية قادرة على إحداث تأثير إيجابي لدى القراء؟.
إذا أردتِ تثبيت حدثٍ تاريخيّ أو سياسيّ في الذاكرة.. فضعيه في رواية جميلة، فالرواية تنجح، على الأغلب، في توضيحه للقارئ وتثبيته في ذاكرته بكل أبعاده، وذلك لارتباط هذا «الحدث» بشخصيّات و«حتّوتات» الرواية المفترض أنه أحبهم وأحبّها.
هل تكتب لأنك تريد أن تكتب وتعبر عن حالة ما داخلك بغض النظر إن أعجبت كتابتك الآخرين أم لا؟.. أم تكتب لتعكس صورة ما في المجتمع وتنقلها للآخرين بمعنى هل تنظر إلى الشخص المتلقي أثناء الكتابة ولايهمك إن أعجبته أم لم تعجبه أم أنك تنظر إلى ما بداخلك بغض النظر أن لاقت الرواية استحسان الآخرين مادمت مقتنعاً بما تكتب؟
الكتابة كالحديث، فأنت تتحدثين مع الآخر وتريدين إثارة اهتمامه.. والتأثير فيه، لكنك في الكتابة تأخذين حريتك أكثر، فلا أحد يقاطعك سوى شخصيات روايتك.. لكنهم يساعدونك كثيراً في عرض أفكارك.
لماذا اخترت زمنين مختلفين في روايتك وانتقيت حدثين وهما هجرة اليهود وسقوط برج التجارة العالمي وتحدثت عنهما؟.. ما الذي تريد إيصاله للمتلقي من خلال هذا؟. ولأي فئة من أفراد المجتمع تتوجه؟.
لا.. ليسا زمنين، إنه الزمن ذاته، و«الحدث» ذاته، والشخصيات تقريباً هي ذاتها.. إن كانت في حلب 48 أو في نيويورك 2001، لم يتغير شيء، زاد الواقع سوءاً فقط!.. ولا يزال يزداد سوءاً حتى الآن.
أما ما أريد إيصاله، فهو خطورة هذا الحدث، الذي لم يحدث مثله في بلادنا منذ ألف عام، خطورته علينا وعلى أولادنا وأحفادنا، وعلى أجيال لا يعرف أحد عددها.
تحدثت بجرأة عن الكثير من النقاشات السياسية والكثير من اللحظات الجنسية كيف تجاوزت الرقابة ذلك؟.
لم تزعجني الرقابة، لكنها « طلّعت» الفرق في الرواية الثانية... فقد منعتْها..!
من أين تأتي أهمية الشخصية من تصرفاتها أم من حواراتها أم من آرائها؟.
من الثلاثة.. مع أفضلية للرأي.
إن الكاتب - شاء أم أبى - يسبغ من شخصيته وأفكاره وأحاسيسه شيئاً على كتابته، هل من شخصية في الرواية أو فكرة تتبناها وتمثلك شخصياً؟.
ولوْ... رأفت، فلسطين..!
لماذا اخترت العبارة الأخيرة من الرواية (وداد من حلب) لتكون اسماً لها؟.
ها قد وصلنا إلى بيت القصيد.! عبارة وداد- من حلب، هي عنوان الرواية ولبّها وجوهرها، وسأختصر: حلّ «المسألة اليهودية»، التي شغلت العالم منذ القرن التاسع عشر ولا تزال تشغله حتى الآن، هو بيد وداد..!! ولقد كتَبتْه على شاهد ضريحها: وداد- من حلب، فوداد.. أرادت أن تعود إلى حلب، لأنها.. وبكل بساطة، من حلب.
عند تحويل رواية إلى مسلسل، هل تعتقد أن قراءة الراوية والعودة إليها معيار نجاح الاقتباس؟
نعم.. أعتقد ذلك.
هل من عمل روائي جديد لك؟.
بعد «وداد- من حلب» كتبت رواية ثانية عنوانها «بولي غامي» لكني لم أنشرها بعد، وأنا منكبّ حالياً على كتابة الثالثة، وهي قد تكون الجزء الثاني للأولى... أنها مع الأبناء والأحفاد، ومع من بقي حيّاً من شخصيّات «وداد- من حلب»، وهي تغطّي الفترة الزمنية من عام2001 وحتى الوقت الحاضر.