2012/07/04
شيماء محمد – دار الخليج
تاريخ فني كبير قدم خلاله الفنان الكبير صلاح السعدني قضايا وطنه وهمومه لم ينس خلاله أبداً أنه ابن الحارة المصرية . . ظل ملتصقاً بالناس وبالشارع المصري يتحدث عن نبضهم وآلامهم ويدعوهم إلى الثورة على الظلم والجهل، مؤمناً بأن دوره الحقيقي كفنان هو إنارة الطريق لجمهوره . . قدم خلال مشواره العديد من الأعمال الناجحة أوصلته إلى النجومية التي لا تهمه كثيرا، لكن الذي يهمه فعلاً هو هذا الوطن وتقلباته . . حول آخر أعماله التلفزيونية وآرائه السياسية كان لنا معه هذا الحوار .
في البداية حدثنا عن مسلسل “الإخوة الأعداء”؟
الإخوة الأعداء عمل يتحدث عن مصر وما مرت به قبل الثورة، حيث نناقش قضية فساد النظام السابق في ذروته من خلال الشخصية التي أجسدها وهي لتاجر كبير له العديد من العلاقات الفاسدة مع عصابة الأربعين حرامي التي كانت تحكمنا ويقوم بالعمل مع الصين .
ما وجه التشابه بين المسلسل والرواية الأصلية؟
لم نأخذ من الرواية سوى “الفورم” فقط، خاصة أن رواية ديستوفسكي وكلنا نعلم قامت على فكرة إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، وبالرواية شخصية تقول ذلك، وكما نعلم جميعاً أن تلك الفلسفة اللادينية قضية شغلت الناس في أوائل القرن الماضي إلا أن الجميع تخلى عنها حتى الأحزاب الشيوعية نفت عنها الفكر الإلحادي، وقد قمنا بعمل العديد من التعديلات في عدد الأبناء مثلاً فالتاجر في المسلسل لديه 4 أبناء وبنت وهذا يخالف الرواية .
لكن لماذا العودة لتقديم أعمال تلفزيونية سبق أن قدمت في أعمال سينمائية شهيرة؟
أنا ليس لدى أي مشكلة في هذا، حيث إن أول عمل فني قدمته في حياتي كان مسلسلاً إذاعيًا مأخوذاً عن الفيلم الشهير “لا تطفئ الشمس” الذي قام ببطولته فاتن حمامة وأحمد رمزي وأخرجه صلاح أبو سيف، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً رغم أنه كان العمل الأول لأغلب أبطاله، وقدمت قبل عدة سنوات مسلسل “الباطنية” وقدمناه بشكل متميز، فالمسلسل تستطيع أن تطرح وتتناول فيه العديد من الأحداث الجديدة بعكس الفيلم الذي يقدم في ساعتين، فما بالنا لو أن العمل مستوحى من نص أدبي كما في “الإخوة الأعداء” .
يعتبر بعض النقاد أن تحويل الأعمال السينمائية الناجحة إلى دراما تلفزيونية نوع من الإفلاس؟
ليس صحيحاً، وأعتقد أن من يعاني الإفلاس الفعلي هو من تصور هذا الطرح لأنه كان سيعي فوراً أن الدراما التلفزيونية المقدمة عن أعمال سينمائية أكثر جودة ومملوءة بالأحداث والشخصيات .
هل من الممكن أن نعتبر مسلسل “الإخوة الأعداء” عملاً ينضم إلى قائمة أعمال صلاح السعدني المحرضة على الثورة؟
أعتقد ذلك، فنحن في هذا العمل نحرص على كشف البشاعات التي كانت تحدث بالمجتمع المصري وما زالت موجودة، وأنا مؤمن في كل أعمالي التي قدمتها أن الفنان له رسالة، خاصة في مجتمعاتنا التي تعاني من الأمية، فلا بد أن ترفع الفنون من ثقافة المجتمع، فأنا لم أحلم يوماً من الأيام بشهرة فريد شوقي، أو أن تتصدر صورتي غلاف مجلة فنية، لكنني حلمت بالدور المؤثر، لذلك حرصت على ذلك وعملت مع العديد من الأساتذة المهمومين مثلي بتلك القضايا، ومنهم الراحل أسامة أنور عكاشة .
اللافت أن العديد من الأعمال تناقش فساد ما قبل الثورة ولا تتعرض لها على الإطلاق؟
هذا طبيعي فمن الصعب أن يظهر عمل الآن يناقش أو يتحدث عن أحداث ثورة يناير، وهذا ما حدث أيام ثورة عبد الناصر، حيث ظل نجيب محفوظ متوقفاً عن الكتابة لمدة خمس سنوات كان يحاول أن يتابع بها التغييرات التي تحدث بمصر، وهذا طبيعي فالثورات في كل العالم تلد كتابها وفنانيها ومطربيها، ويتكون جيل جديد بل وفن جديد، ومن يبحث عن هذا الجيل الآن فهو ينظر نظرة قاصرة لأن الثورات اكبر من ذلك .
بصراحة . . لماذا اختفيت تماماً خلال أيام الثورة المصرية ولم تتحدث ولم تعلق؟
أنا لم أختف . . الثورة لم تأت فجأة بل كان لها آباء قدموا العديد من الأعمال مثل سيد حجاب والأبنودي وأسامة أنور عكاشة والآلاف غيرهم من المبدعين، كلهم آباء للثورة ومهدوا لها، أما عن اختفائي أيام الثورة فأنا رجل مسن قاربت السبعين من عمري، ولم أستطع أن أنزل الميدان بسبب مرضي، إذ أصبت منذ فترة ب”جلطة دماغية”، وهو المرض نفسه الذي أصاب أخي الراحل محمود السعدني وتوفي بسببه، بل وتوفي بسببه أيضاً والدنا عليهما رحمة الله، والحمدلله شاء الله أن أنجو منه، إلا إن ابني أحمد كان مشاركاً في الثورة منذ بدايتها، وكنت غير مصدق لما أراه، حيث كنت أتصور أنها مجرد مظاهرات سيفضها الأمن كالعادة، وهو ما حدث فعلياً يوم 25 من يناير عندما نزل شباب الطبقة المتوسطة إلى الشارع، ولكن “أحمد” أكد لي أنهم سيستمرون، وفوجئت بالناس ينزلون إلى ميادين مصر مع أطفالهم وزوجاتهم وتتحول إلى ثورة، لكنني أتصور أننا إلى الآن ما نزال في انتظار ثورة شعبية وسنمر بالعديد من المراحل حتى نصل إليها .
هناك حالة كبيرة من التخوف تسيطر على الساحة الفنية بسبب التغيرات السياسية فما قولك؟
لست متخوفاً أبداً من أية جهة، لأن حرية الإبداع والفن هي بديهيات استقرت في وجدان العالم، فمصر لن ينقطع فيها الإبداع أبدًا لأنه تاريخ متوارث ولكن المشكلة أن العديد من الخائفين من الليبراليين ليس لهم وجود حقيقي بالشارع ولا أحد يصدقهم ولا يفعلون العكس .
هل يمكن أن تقدم أعمالاً من إنتاج شركة “الإخوان المسلمين”؟
مرحباً بهم لأننا فنانون محترفون، وإذا ما عرضوا عليّ عملاً يتفق مع أفكاري سأوافق فوراً .