2012/07/04
فيروز أخفقت في أغنية يا جارة الوادي ربيعة عز الدين تنفي التفاهم الزوجي بين الفنانين ربيعة عز الدين، مطربة حسناء، طالما شدت في ليالي بيروت ودمشق، فبعثت فيها نسمات حلوة عبقة، من صفوة النغم ورنة اللحن، بصوتها الدافئ المنساب عبر حنجرة تجيد اللعب بالطبقات الموسيقية، وتوجه اللحن الوجهة المناسبة.. إن ربيعة عز الدين، تملك –الثقافة الموسيقية– وتتمتع بحس فني مرهف.. هذا الحس الذي هو ضرورة لازمة لكل فنان، انبثقت عنه كل تلك الثقافة الفياضة بالشعور فملأت نفس ربيعة وكيانها بحب جميل اللحن ورنين الوتر، وكونت تلك الأذن التي تلتقط الطبقات وتميزها عن بعضها البعض، في إطار سليم.. وفي مكاتب المجلة، جلست ربيعة عز الدين، تحدثنا بلسان طلق يزن الكلمات قبل إرسالها.. قالت ربيعة: إن أداء اللحن أي لحن، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنفسية الفنان وشعوره الباطني، ومن البداهة أن يتكون الانسجام بين اللحن والنفسية حتى يخرج الأداء صحيحاً، إلى جانب الانسجام بين الصوت والطبقة الموسيقية. وهل يستطيع المطرب أن يختار الطبقة الموسيقية التي توافق ذوقه؟ وزان اللسان الطلق الكلمات قبل أن يخرج الجواب: لا يستطيع أي مطرب أن يعتمد على طبقة موسيقية واحدة، أو أن يختار اللون الذي يناسب ذوقه.. إذ أن قضية الذوق والميل الشخصي صوب لون غنائي معين تتلاشى أمام قضية الصوت وانسجامه مع تلك الطبقة الموسيقية وذلك اللون الغنائي.... وهذا الاعتبار يحتل المرتبة الأولى في صناعة الموسيقى والطرب، فإذا توفر، لدى صاحب الصوت أو صاحبته، وإلى جانبه ذلك الذوق ونزوعه صوب اللون المعين، فتأتي النتيجة في غاية الروعة والكمال. نرغب في مثال على وجهة نظرك... وحدجتنا ربيعة بنظرة من أجمل عينين تشعان بريقاً وذكاء ثم أجابت والتؤدة والتأني في كلماتها يلازمانها: لنستعرض مثلاً أغنية يا جارة الوادي التي انسابت على صوت فيروز.. الكل يشهد أن لفيروز صوتاً ملائكياً وقد حلقت في سماء الفن والطرب بذلك اللون الموسيقي الغنائي الذي انفردت به، وقد حملها طابعه فوق أجنحة المجد والشهرة الواسعة، بالانسجام التام الذي توفر بغزارة بين طبقة صوتها وطبقات اللون الموسيقية... ومع ما تمتاز به فيروز من موهبة فقد أخفقت في أغنية يا جارة الوادي ذات الطبقات الموسيقية واللون الغنائي غير المنسجمين مع طبقات صوت فيروز ولونها... ولست بمفردي من يرى هذه الناحية، إذ أن كبار الملحنين الذين انتقدوا فيروز والموسيقار الكبير على هذه الخطوة التي اعتبروها بدعة في عالم الموسيقى... لمن تصلح أغنية يا جارة الوادي في نظرك غير فيروز؟ ومرة ثانية صعقتنا العيون بنظرة أحلى، ثم ردت صاحبتنا بتردد: أن أغنية يا جارة الوادي لا تصلح إلا لمن غنى يا جارة الوادي ولا يمكن المقارنة بين أي صوت وصوت سيد الطرب والموسيقى... ولكن.. ولكن شو يا ست ربيعة. ولاذت –الست – بصمت طويل قبل أن تتم جملتها... ولكن – يمكن – أن تأتي الأغنية أكثر انسجاماً على لسان سعاد محمد مثلاً، بدلاً من فيروز.. هل تتمنين أن تغني من ألحان عبد الوهاب؟ وهنا تخلت ربيعة عز الدين عن فضيلة التأني لأنها أجابت بسرعة: وأية مطربة لا تتمنى أن تغني من ألحان موسيقار الجيل المجدد.. من يلحن لك قطعك؟ ويظهر أن ربيعة قد ارتاحت من تغيير مجرى الحديث بدليل أنها تنفست الصعداء قبل أن ترد: الملحن شفيق أبو شقرا في الدرجة الأولى ولدي مجموعة جديدة من قطعه لم أغنها بعد.... من وضع كلمات هذه القطع؟ فقالت: الشاعر محمد على فتوح وأنا أرتاح إليه ارتياحي للملحن أبي شقرا... أدام الله عليك الراحة.. ومتى ستنساب هذه القطع على لسانك؟ فأجابت ذات العيون: ما زلت أتمرن على طريقة إلقائها وتأديتها كاملة لأن التأني من الرحمن... ماذا تفعلين في سحابة نهارك؟ فكان رد عاشقة التأني: أشرف على أمور بيتي وقل ما أختلط بالناس.. ثم إن الكثير من وقتي منصب على الدراسة.. إنني أدرس النوتة الموسيقية بكل تفرعاتها على يد أساتذة مختصين، لأنني أطمح في مستقبل أفضل... وهل إتقان النوتة ضرورة للمطرب والمطربة؟ وقالت – التلميذة – بفخر واعتزاز: نعم للمغني العربي، وإن كان الكثير من مطربينا ومطرباتنا، يجهل تقريباً قراءة النوتة وقواعدها.. والغناء الغربي ما دمنا فتحنا الحديث.. فأجابت: قراءة النوتة ضرورة لازمة للمغني الغربي لواقعه المحدود. وأغانينا العربية الحالية التي يفيض أكثرها بسيل من الكلمات المائعة التافهة بمعانيها هل تميلين إلى هذا النوع منها؟ وترددت ربيعة في الإجابة: إن التوجيه الصالح من قبل المسؤولين مفقود، وإني أحمل هؤلاء، مسؤولية انحطاط الأغنية العربية من ناحية التأليف.. إن نزعتي الغنائية بعيدة عن هذا النوع من الأغاني. أنت امرأة جميلة وناجحة فهل جربت حظك في السينما؟ وأسبلت العينان حياء وخفراً – وتواضعاً – بينما ردت صاحبتهما: لقد جربت في السينما اللبنانية وظهرت في فيلم الفارس والشقي. ولكنني أطمح صوب الأكثر وأنتظر الفرص المناسبة. هل تستطيع الفنانة أن تجمع بين بيت الزوجية وعملها؟ وخرجت من قلب ربيعة عز الدين زفرة فيها ألم مشوب بغموض قاس: إذا حل التفاهم بين الجهتين المعنيتين فيمكن ذلك... ولكن، قل ما يحل هذا التفاهم المتكافل المتضامن الذي يولد حياة زوجية كاملة السعادة... الوعد 1961.