2013/05/29

شرائح مهمشة درامياً.. وواقعية تغرد بعيداً !!.
شرائح مهمشة درامياً.. وواقعية تغرد بعيداً !!.


سلوان حاتم – الثورة


حياة الأغنياء وحياة الفقراء و الحالات الشاذة في المجتمع مضامين وخبايا حكايات درامانا دائما بل إن الحالات الخاصة هي الأكثر وجودا في السيناريوهات الدرامية في مجمل ما عرض سابقا

وبكل تأكيد لا تشمل الطيف السكاني الكبير في البيئة السورية التي يصر البعض على تعميم حالات خاصة كتبت وقائعها في كثير من الأحيان من أجل الدراما لا من أجل تسليط الضوء على حياة المجتمع .‏

فالنسيج السوري بات البعض يظنه يحيا حياة (صبايا) أو (بنات العيلة) أو (جلسات نسائية) أو أن شخصياته تمثلها حالات مسلسل (العشق الحرام) و(أيام الدراسة) و غيرهما من الأعمال التي يتم الحديث فيها عن حالات خاصة ربما تكون من نسيج خيال الكاتب بينما حياة أكثر من خمسة ملايين طالب ما بين الجامعة والمعهد والمدرسة و ما يقارب الـ 400000 موظف في سلك التعليم وعشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين والمحامين إلى آخره من النسيج الحياتي للمجتمع السوري تكاد تغيب بالمطلق عن درامانا حيث لا تقدم معاناة وقضايا هؤلاء المعيشية التي تمتلئ بالأحداث والتي تلامس ما يقارب حياة غالبية الشعب السوري وتشكل الطيف الأوسع منه متناسية أنهم الشريحة الأكثر متابعة للأعمال السورية.‏

قد يقول البعض: إن درامانا تتطرق لقضايا هؤلاء وهذا صحيح لأنها لا تستطيع إبعادهم عن النسيج الدرامي ولكن إذا نظرنا في مجمل ما يقدم عنها نجد أن ما يقدم منها معظمه شخصيات سلبية فإذا ما أخذنا على سبيل المثال مسلسل (العشق الحرام) سنجد أن الدكتور في الجامعة كان حالة شاذة وكذلك مسلسل (أيام الدراسة) سلط الضوء على حياة الطلاب من وجهة نظر ساخرة دون التطرق إلى حياة المعلمين وما تعكسه أجواء المدرسة على حياتهم حتى أنه لم يحاول إيجاد طريقة لطرح معاناتهم وهناك مسلسلات كثيرة تندرج ضمن هذا الإطار وما تضمنته هو الفئات المهمشة دراميا .‏

كذلك تعرض حكايات الدراما وبشكل دائم حالات الطبقات المجتمعية البرجوازية وتتطرق أحيانا لحياة الفقراء أو من هم دون خط الفقر أما إذا ما بدأنا الحديث عن المنازل وحجمها ومساحتها والمكنون الثقافي الاجتماعي في المسلسلات وبنظرة نقدية سنجد أنها تبتعد كثيراً عن حياة الأغلبية من البيوت السورية فالمنزل السوري عادة تكون مساحته في الأعمال الدرامية كبيرة جدا إن لم تكن كالقصور أو ما يشبه القصور مع أن الشريحة العظمى من المجتمع تسكن بيوتاً مساحتها معروفة وليست بحجم منازل المسلسلات، كذلك القدرة الشرائية للعائلة في الأعمال إذ تجد أن الدخل الشهري فيما ينفق في هذه الأعمال لا يتناسب مع دخل الأسرة العادية هذا إن لم نتحدث عن المكياج المبالغ فيه و ملابس الممثلين التي لا تتناسب أيضا مع المعيشة العادية وإن كانت شركات الإنتاج تبدي سخاءها في الدفع فإن الواقعية الاجتماعية أفضل للمشاهد كي تلامس حياته كمواطن.‏

أيضا من القصص التي نادرا ما يسلط عليها الضوء في درامانا هي حياة المغتربين خارج سورية و هم يشكلون نسبة كبيرة ولهم معاناتهم وقضاياهم وإن التطرق إلى حالات معينة في بعض المسلسلات لا يعني أن درامانا قدمت ما هو وافٍ عن هؤلاء المغتربين.‏

اليوم وبعد أن أُتخمنا مسلسلات تاريخية و بيئة شامية وكوميديا وحالات شاذة .. بات من الضروري أن تصبح حياة هذه الشرائح المجتمعية الكبيرة (طلبة ومعلمون وأطباء ومهندسون ومحامون وموظفون والطبقة المتوسطة ومادون المتوسطة) هي مضمون درامانا لضرب عصفورين في حجر واحد أولهما: تسليط الضوء على القضايا المجتمعية وتقديم رؤية لها وثانيا خروج درامانا من قوقعة التقليد الذي بدأ يصيبها شيئا فشيئا, أما إن كان سبب عدم التطرق هو عدم توفر نصوص جيدة وعدم وجود سيناريوهات أو كتّاب يكتبون عن هذه الشرائح، فالحل موجود وهو الإتيان بنصوص كتبها أبناء هذه الشرائح ومعالجتها دراميا بشكل يتناسب مع الواقع ومع الدراما والبحث من قبل الكّتاب الحاليين في قضايا هذا الوسط الاجتماعي والتعمق فيه كي يلامس الكاتب والمخرج حياتهم بشكل أكثر دقة.‏