2015/08/10
الأخبار - وسام كنعان
لا أحد يعرف حقيقة ما يحصل مع الممثل والمخرج السوري سيف الدين السبيعي هذه الأيام، رغم أنه صاحب تاريخ حافل بالأعمال الناجحة ويمتلك مقومات لا تتوافر عند غيره من المخرجين السوريين بخاصة في ما يتعلق بإجادته للغناء وعمله بترو واضح ومزاج عال على الموسيقى التصويرية لأعماله، إضافة إلى موهبته الأصيلة في التمثيل ونشأته في منزل «فنان الشعب» ومواكبته لأهم حركة فنية انطلقت من سوريا أيام مسلسلات دريد ونهاد و«مسرح الشوك». لكن كل ذلك لا يشفع للفنان السوري المعروف بأن يتوه في رمال التصريحات المستفزة حيناً، وغير الناضجة أحياناً.
وهو ما حصل معه بعد إطلالاته الإعلامية الكثيرة نسبياً التي يبدو أنه لا يوفّر غالبيتها بقصد بقائه تحت الضوء. لكن سرعان ما يضطر لتوضيح الأمر لاحقاً عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك وحسابه على تويتر اللذين تحولا إلى ناطق إعلامي يستّر عيوب تصريحات صاحبه كلما أقدم على الكلام.
ربما صار صاحب العمل المتميّز «الحصرم الشامي» بحاجة إلى شركة إعلام متخصصة لترشده أين الصواب. منذ أن وطئت قدمه أرض لبنان كمخرج في الدراما اللبنانية، بدأت إشكالياته تلاحقه آخرها ما نقل على لسانه أول من أمس وهو يقول: «هناك ممثلة لبنانية وحيدة هي نجمة عربية، مع أن غيرها يجدن التمثيل أكثر منها، وهناك ممثلون لبنانيون جيدون، ولكن ربما تنقصهم الكاريزما، ولذلك لم نرهم نجوماً في الدراما المشتركة. أما الممثل اللبناني الذي يُعرف عنه أنه يملك كاريزما النجم، فهو ليس بممثل جيد، بل هو ممثل على قدّه (...) الممثل اللبناني يحتاج إلى إعداد ومثله الممثلة اللبنانية. وما نشاهده اليوم في كل الدراما اللبنانية، لا يزال في طور الإستعراض، ولم يتحول إلى شغف المهنة. ونحن نكون في بعض الأحيان في حاجة إلى أدوار استعراضية فنستعين بالممثلين اللبنانيين».
جاء هذه التصريحات ضمن تحقيق تحت عنوان: «هل نجح الممثل اللبناني بفرض نفسه نجماً في الدراما المشتركة؟» المنشور في جريدة «الرأي» الكويتية (العدد الصادر في 6/8/2015). ورغم ما يبدو عليه الكلام من تهاو واضح في السوية الفكرية، وغياب شبه كلي للوعي الإبداعي ووقوعه في مأزق التقسيمات المستفزة بين لبناني وسوري، إلا أنه يبقى ضمن إطار الحرية الفردية التي لا تقتضي بأي حال من الأحوال الهجمة المضادة التي سارعت للرد على صاحب «عن الخوف والعزلة» من قبل صحافين وممثلين لبنانيين ذهبوا أعمق مما تحتمله القصة بكثير. حتى إنّ الممثلة جناح فاخوري اتهمت الرجل بأنه ممثل فاشل ودعته لمغادرة بلادها نهائياً،
وهو ما فعلته صحافية متجاوزة صاحب التصريحات لتصل حدودها لطرد كل الفنانين السوريين الذين تتحمل عبء حياتهم و"استرزاقهم" في بلادها. أضف ذلك ذلك مقالات انتفض فيها شرش المرجلة والحمية وأرادت أن تعيد تربية من تجرّأ على «المقدسات» و«الثروة الوطنية اللبنانية» على مبدأ «يا غيرة الدين».
على هذه الشاكلة عنون أحد المواقع مقاله بـ «سيف الدين السبيعي أصيب بهستيريا وأخرج حقده الدفين على الممثلين اللبنانيين». استمر انفراط العقد وطفح البئر مخرجاً ما يطيب له الخاطر من تعليقات تفوح منها رائحة الغل والرد الانفعالي.
إلى أن فض النجم جمال سليمان النزاع بتعليق مطوّل ورزين كتبه على صفحته الشخصية على الفايسبوك قال فيه: «رأي غير ناضج ولا يجوز أن يصدر عن مخرج وممثل مهما كانت جنسيته وحجم إنجازاته. في كل بلد ومجتمع، هناك أناس موهوبون ورائعون ويملكون مواصفات النجومية، لكن ذلك لن يبرز إلا إذا توفرت الصناعة الفنية والظروف التسويقية التي ستمهد هذه المواهب. وهذا يفسر في الحقيقة لماذا أنتج لبنان كل هذا العدد من نجوم الغناء بينما عجزت سوريا عن مجاراة لبنان في ذلك (..)».
المعمعة التي حصلت جعلت مخرج «ولاد القيمرية» في مواجهة مأزق دفعه لتكذيب ما ورد على لسانه واتهامه الصحافية هيام بنوت التي أجرت التحقيق بأنّها صاغت الكلام بطريقة تحريضية مدّعياً بأنه نسي اسمها وأنه سيوافينا بالتفاصيل عندما يتذكر اسمها. لكن لدى تواصلنا مع بنوت، أكّدت أن ما نشرته كان نقلاً حرفياً لإجابة المخرج السوري، وأضافت: «أملك تسجيلاً يوثق ما نشرته ولم يسبق لي أن نشرت تصريحاً جملة على لسان أحد من دون تسجيل حديثه، ورغم أن السبيعي اتهمني بالتحريف والتحريض، إلا أنني ضد الاساءة له أو اتخاذ أي إجراء بحقه».
من جانب آخر علمت «الأخبار» بأن «نقابة السينمائيين اللبنانيين» ستعقد اجتماعاً في الأسبوع المقبل لـ "وضع حد للتصريحات المسيئة للممثلين اللبنانين"، وقد تتخذ قرارات معينة بحق السبيعي بعد التنسيق مع «نقابة الفنانيين السوريين» على اعتبار أن هناك اتفاقية بينهما، كأن الدراما اللبنانية بألف خير ولم يعد ينقصها سوى "وضع حد للتصريحات المسيئة"!
على أي حال، كان يمكن لصاحب «طالع الفضة» أن يحيد عن هذا المطب كونه في موقع لا يسمح له تقييم الآخرين بعد إخفاق تجاربه وآخرها «بنت الشهبندر».