2013/05/29
محمد رضا – دار الخليج
عندما يحل موعد عرض “رجل الفولاذ” في الرابع عشر من يونيو/حزيران المقبل يكون الفيلم السادس في سلسلة “سوبرمان” أكمل سبع سنوات من التحضير، فالنية لإنتاجه بدأت حالما شهد الفيلم السابق “عودة سوبرمان” نجاحاً جيّداً تجسّد في إيراداته العالمية التي بلغت 390 مليون دولار . شركة “وورنر” أوعزت إلى مجموعة من الكتّاب بتقديم مقترحاتهم لإطلاق حلقة جديدة من ذلك العمل، وبالفعل تجاوب عدد كبير من الكتّاب قبل أن تقرر الشركة إغلاق ملف “سوبرمان” حتى يتسنّى لها مراجعة نفسها .
في العام 2009 فتحت الملف مجدداً وقبلت قصّة وضعها ديفيد غوير وكريستوفر نولان (مخرج سلسلة “باتمان”) وأعلن عن أن نولان سيخرج الفيلم الجديد، لكنه كان منشغلاً ب”الرجل الوطواط” ما فتح الباب أمام الاحتمالات المتعددة . وطوال عامي، 2010 و2011 تمّت مقابلة العديد من المخرجين لاستطلاع آرائهم وأفكارهم حول المشروع إذا ما اختارهم الإنتاج لهذه المهمّة، من بينهم توني سكوت ومات ريفز ودانكان جونز ودارين أرونوفسكي وبن أفلك . والأخير اعتذر سريعاً مبرراً ذلك بأنه لا يفهم كثيراً في شغل المؤثرات الحديثة، لكنه قال في وقت لاحق: “تعلّمت أن عليّ اختيار أعمالي من دون الاهتمام بالميزانية ولا بالمؤثرات . القصّة هي الأهم” .
في النهاية استقر الرأي على زاك سنايدر الذي أقنع الشركة برؤيته للفيلم وبطله وكيفية إعادة سوبرمان إلى العلن بنجاح .
وكما الحال بالنسبة لعملية البحث عن المخرج، تعرّض تعيين ممثل جديد للدور إلى عقبات . في الجزء الخامس من المسلسل تم تقديم ممثل باسم براندون راوث للدور، لكنه لم ينجز المهمّة الموكلة إليه بنجاح، ولم يأت الفيلم على نحو جيّد على كل حال . النيّة هذه المرّة كانت استبدال براندون بسواه، وبالفعل عوين عدد من الممثلين المحتملين من بينهم أرمي هامر وزاك إفرون وماثيو غود، قبل اختيار هنري كافيل للدور الطائر .
ما يكشفه كل ذلك البحث والتنقيب هو بنية معقّدة لإنتاج الأفلام في هوليوود كما في سواها ولو أنها تبقى الأكثر تعقيداً، مفادها أن توفير 200 مليون دولار لأي فيلم يجب أن يمر بعملية طويلة يتم فيها تصفية الأسماء وتحليل القدرات ودراسة الأسواق وتخطيط الحملات الإعلامية على نحو صحيح . الإنتاج الناجح في “هوليوود” اليوم، هو ذلك الذي يستطيع أن يقرأ المستحيل وهو: كيف سيتصرّف الجمهور حيال الفيلم حين عرضه وتبعاً لأي معطيات وعناصر .
والحقيقة أن هذه المصاعب ليست حكراً على الأفلام المكلفة وحدها، لكن ما تتمتّع به الأعمال الصغيرة والمستقلّة عموماً هو أنها تستطيع بسهولة استرداد تكلفتها، فميزانية الفيلم من هذه النماذج الفذة لا تتجاوز العشرين مليون دولار وأحياناً مع ممثلين يقبضون مبالغ كبيرة لكنهم يرضون بالعمل لقاء نسبة أرباح أو بأسعار خاصّة حبّاً في أفلام مختلفة عما تقدّمه الشركات الكبرى .
والملاحظ أنه كلّما ارتفعت ميزانية الفيلم استغرق العمل عليه وقتاً أطول في محاولة للتغلّب على أي عقبة قد ينتج عنها فشله حين يُطرح في الأسواق .
وبعض الأفلام التي تكبّدت مشاق طويلة وسنوات عدّة من التحضير المضني قبل إطلاقها ومنها مثلاً مشروع مستوحى من كتب “البالب فيكشن” و”الكوميكس” عنوانه R .I .P .D الذي بوشر تحضيره سنة 2002 وكاد أن ينطلق تصويره سنة 2004 لكنه توقّف وألغي قبل العودة إليه . وفي خريف العام 2011 عاد المشروع إلى الأولوية بين مشاريع “يونيفرسال” وبوشر بتصويره في العام 2012 وسيكون حاضراً للعروض في منتصف هذا العام .
فيلم آخر تعرّض للتأخير هو “غاتسبي العظيم” الذي افتتح مهرجان “كان” المقبل، ففي العام 2009 أخذ المخرج الأسترالي باز لورمن يتحدّث عن الفيلم . لكن سقوط فيلمه السابق “أستراليا” أدّى إلى عرقلة المشروع . في العام 2010 جدد المخرج المحاولة وعقد اجتماعات عدّة مع شركات أمريكية قبل أن تستجيب شركة “يونيفرسال” وتقتنع بمنح لورمن فرصة جديدة . في الثامن والعشرين من أغسطس/آب 2011 بوشر تصوير الفيلم الذي يقود بطولته ليوناردو دي كابريو .
وفي العشرين من الشهر الأول من هذا العام، انتهى حقبة ما بعد التصوير ليصبح الفيلم جاهزاً للعروض .
وكثيرة هي الأفلام التي بدأت على الورق قبل خمس سنوات ولم تتحقق حتى الآن إذ يتم محص المشروع وفحصه مليّاً قبل إعطائه الضوء الأخضر . من بينها “آل كرودز” وهو فيلم أنيماشن ينطلق للعرض هذا الأسبوع كان شهد عرضه العالمي الأول في إطار مهرجان برلين . و”ذ لون رانجر” وهو و”سترن” من بطولة جوني دَب وآرمي هامر و”47 محارب” مع كيانو ريفز ومجموعة من الممثلين اليابانيين .
وأحد أكثر الأفلام ترقّباً هذا العام كان فكرة انطلقت سنة 2006 ولم يتح لها أن تُنجز قبل الآن . الفيلم هو “الحرب العالمية Z” والحرف اللاتيني هو للدلالة على “الزومبيز” (آكلي لحوم البشر) في حكاية تصوّر نضال أهل الأرض للوقوف ضد الزومبيز بعدما قوي ساعد هؤلاء ما أدّى إلى نشوب حرب كونية لابد أن ينتصر فيها فريق على آخر . براد بت هو بطل هذا الفيلم وهو وقف وراءه منذ البداية حتى حين فكّرت شركة باراماونت بالعدول عنه .
ما يكشف عنه كل ذلك لجانب أن التأني يجلب الإحباط للعاملين على مشروع يودّون إنجازه اليوم وتلقّف سواه يوم غد، هو أن الفيلم الجيّد لا يتأثر بطول مدّة إنتاجه . ربما على العكس، فتداوله في الإعلام قد يساعد في إشاعة حالة ترقّب . صحيح أنه لا يُعول عليها دائماً، لكنها في معظم الأحيان تنجح في تجييش الجمهور الذي يعد السنوات ثم الأشهر ثم الأسابيع والأيام .