2012/07/04
حوار : أمينة عباس - البعث
بعد خامس تجربة لها في مجال مسرح الطفل، غامرت الفنانة سوزان صالح بتجربتها السادسة، والتي حملت عنوان "أميرة البحار السبعة" عندما أصرّت على أن ترى النور على مسرح الحمراء مؤخراً، رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية.. وعلى هامش العروض التي انتهت في الأسبوع الماضي، التقيناها وكان الحوار التالي :
< ماذا عن خصوصية مسرحية "أميرة البحار السبعة" مقارنةً مع الأعمال التي سبقتْها؟
>> أهم ما يميز هذه التجربة بالنسبة لي أنني تعاملتُ من خلالها مع ممثلين محترفين، في حين أن تعاملي في التجارب السابقة كان مقتصراً على الأطفال .
< من هو الأجدر بأن يتوجه للطفل، الممثل المحترف أم الممثل الطفل الذي يشبه جمهور هذا المسرح؟
>> من الصعب تحديد من هو الأجدر لأن هذا المسرح يحتاج للكبار وللأطفال، وأعتقد أنه من الضروري أن يرى الطفل الأنواع المختلفة من المسرح، فكل تجربة تغني معرفته وتواصله مع الحركة المسرحية، وإن كان التعامل مع الكبار بالنسبة لأي مخرج أسهل على صعيد الأداء، وبالمقابل لا أحد يمكن أن يتخيّل ما يمكن أن يقدمه الطفل-الممثل بفضل خياله الواسع إذا اشترك في العملية المسرحية، من خلال الاقتراحات التي يقدمها والتي قد لا تخطر على بال المخرج أو الكاتب، وهذا أمر ضروري لأننا يجب أن نعترف أن العديد من القوالب الجاهزة باتت هي التي تسيّر مخرجينا وكتّابنا، وبالتالي فإن اقتراحات الطفل المسرحية خرق لهذه القوالب، لنكون أكثر قرباً من الطفل الذي يأتي لحضور المسرحية.. من هنا أؤكد، ومن خلال عملي في هذه المسرحية التي ضمّت ممثلين أطفالاً إلى جانب الممثلين الكبار، أن وجود الأطفال أضاف الكثير للعمل على صعيد الشكل والمضمون.
< يتعالى بعض الممثلين الكبار على مسرح الطفل، فكيف وجدتِ تجاوب الممثلين حين عرضتِ عليهم المشاركة؟
>> وجدتُ تجاوباً كبيراً جداً، وإن كان البعض اعتذر فلأن توقيت العمل لم يتناسب مع جدول أعمالهم، وليس لأن العمل موجّه للأطفال، في الوقت الذي وافق فيه ممثلون محترفون على العمل وقد التزموا وشعرتُ أنهم كانوا سعداء بمشاركتهم في عمل للأطفال مثل تيسير إدريس-تاج الدين ضيف الله-نسيمة ضاهر-مجد نعيم-زهير بقاعي-سوسن أبو الخير .
< يؤكد البعض أن مسرح الطفل بحاجة لممثل بمواصفات معيّنة، فهل هذا صحيح؟
>> أعتقد أن أي ممثل يمتلك مهنية عالية ولديه استعداد للتجاوب مع المخرج قادر على النجاح في هذا المسرح، أما إذا لم يكن لدى الممثل استعداد لتقبّل أي ملاحظة من المخرج، فمن الصعب أن ينجح فيه، خاصة وأن مسرح الطفل يحتاج لممثل قادر على فهم عالم الطفل.. وبالعموم نحن دائماً أمام نوعين من الممثلين في هذا المجال : الأول يعمل ولم يسبق له العمل في هذا المسرح، وهنا تبدو إشكالية أدائه، وآخر يعمل في هذا المسرح بقوالب جاهزة، بحيث يبدو من الصعب إخراجه منها، كالاعتماد على المبالغة واستعارة الأصوات، وأعتقد أن هذين النوعين من الصعب التعاون معهما في مسرح الطفل .
< ما أبرز العيوب التي يعاني منها مسرح الطفل في سورية؟
>> يفتقد مسرحنا بالدرجة الأولى للنصوص المعاصرة التي تتضمن تشويق وأفكار جديدة وفرجة مسرحية.. لقد شاهدتُ كمّاً كبيراً من الأعمال، وغالبيتها تعتمد على التلقين وتقديم المواعظ، وهذا أكثر ما يرفضه الطفل لأنه غير مستعد على الإطلاق لتلقّي تعليمات معيّنة حول الأخلاق، فهو يأتي إلى المسرح ليستمتع أولاً، وخلال هذه المتعة يمكن تحريض ذاكرته الانفعالية على التفكير والتفاعل وتقديم اقتراحات عديدة في الحياة، وبرأيي أن لا أحد يمتلك الحق في تقديم معلومة جاهزة وتوجيه الطفل توجيهاً مباشراً .
< ما السبيل لمخاطبة الطفل بالطريقة المسرحية الصحيحة؟
>> نحن بحاجة إلى مؤسسة متخصصة في التعامل مع الطفل ومسرحه، تضم متخصصين في مجال التربية وعلم النفس والمسرح والديكور والإضاءة، ومن المؤسف أننا نفتقد للكثير مما ذكرتُ، وغالباً ما يتجاوز العاملون في مسرح الطفل في سورية كل ذلك حبّاً لهذا المسرح، ولكن ما لا يمكن تجاوزه هو قلّة النصوص وهي المعضلة الكبرى في مسرح الطفل .
< ألهذا اعتمدتِ في عملك الأخير على نص من إعدادك؟
>> بالتأكيد، فقد أعددتُ نصاً عن حكاية شعبية، فأنا لا أجرؤ حتى الآن على كتابة نص مسرحي للطفل، وقد وجدتُ أن هذه الحكاية يمكن أن تلبّي المعايير الأساسية في مسرح الطفل، فعملتُ على تطوير بعض العناصر فيها بما يتلاءم مع وقتنا الحالي، ولا أنكر أنني بحثتُ كثيراً عن نص جميل يمكن أن أعتمده لعملي، ومن المؤسف أن ما هو مكتوب بالفصحى للطفل لم يشد انتباهي أبداً، في حين أنني وجدتُ العديد من النصوص الإنكليزية الصالحة جداً لهذا المسرح، إلا أنها كانت قصيرة جداً ولا يمكن الاتكاء عليها لتقديم عمل مسرحي متكامل، وهنا يجب أن أشير حتى لا أقع في فخ التعميم، إلى أن هناك العديد من النصوص الجميلة باللغة العربية التي سبق أن قُدِّمت مسرحياً، وقد ابتعدتُ عنها هرباً من تكرارها ورغبة مني في تقديم نص جديد .
< ما المطبّات التي تقع فيها غالبية النصوص المسرحية الموجّهة للطفل؟
>> المباشرة والإغراق في تقديم مسرح للأطفال وافتقادها للتشويق .
< ما أهم ما يميز جمهور مسرح الطفل؟
>> أجمل ما في هذا الجمهور أن ردّة فعله هي الأصدق والأجمل، فالطفل لا يجامل، يصفق لما هو جميل، ويخرج من المسرح إذا شعر بالملل.. لديه ردّة فعل عفوية وصادقة يجب أن نحترمها لأنها هي التي يمكن أن تدفعنا لتطوير أنفسنا لنكون أفضل.. لدينا جمهور مسرحي كبير للأطفال، والمؤسف أننا لم نكرّس طقساً وحالة مسرحية عنده بحيث ندفعه للتواصل مع المسرح باستمرار.. من هنا أرى أنه أمامنا الكثير من العمل لتأسيس مسرح للطفل .
< لديك مشروع تأسيس موقع لمسرح الطفل.. نودّ لو تحدثينا عنه .
>> اقترحتُ هذا المشروع أثناء وجودي في إدارة مسرح الطفل، والغاية تأسيس موقع خاص لمسرح الطفل، ومن المؤسف أن الفكرة اعترضتها بعض الآليات الإدارية، لذلك قررتُ وبشكل شخصي، وانطلاقاً من شعوري بالمسؤولية الكبيرة تجاه وطني وأطفاله، حجز موقع لمسرح الطفل سأعمل عليه قريباً، تحت اسم "المسرح يزدهر" أردتُ من خلاله
أن أجمع تجارب زملائي في مجال الكتابة والإخراج، وأن يكون في الموقع منتدى للأطفال يناقش هذه الأعمال، وأنا من خلال صحيفتكم أدعو الجميع لتقديم ما لديهم من نصوص مسرحية للأطفال وتسجيلات لعروض الأطفال وصور فوتوغرافية، لنؤرشف للحركة المسرحية ولنواكب مسيرتها، إضافة إلى رغبتي في أن يكون الموقع دليلاً للطفل لكل العروض المسرحية التي تُقدَّم هنا وهناك، بحيث يمكن من خلاله التعرّف على كل العروض المسرحية المقدّمة (المكان والتوقيت).