2012/07/04
«الكفاح العربي»
وحدها المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي من بين جميع الجهات المنتجة للدراما في سوريا، بدأت تعلن منذ نهاية العام الفائت عن أعمالها للموسم الرمضاني المقبل، بعدما أنجزت مسلسل «المفتاح»، وأعلنت عن البدء بتصوير «المصابيح الزرق»، ومؤخرا دعت لمؤتمر صحفي لإطلاق مسلسل «الأرواح العارية». والأمر طبيعي في ظل الأزمة الراهنة، فالمؤسسة هيئة حكومية معنية قبل غيرها بكسر حالة الجمود التي تعاني منها الشركات الخاصة، غير أن اللافت في المعطيات الأولية للأعمال السابقة قدرة المؤسسة على استقطاب عدد من الوجوه الفنية التي عُرفت بمقاطعتها للقطاع العام في السنوات الأخيرة، وغياب البعض ممن عُرفوا اليوم بتأييدهم للحراك المعارض، ولا ندري إن كان الأمر من عمل المصادفات أو الإغراءات، أم هو نتيجة لاصطفافات جديدة..؟
هشام شربتجي واحد من المخرجين الذين غاب اسمهم عن الدراما السورية طيلة خمس سنوات، واستطاعت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي إعادته إلى الواجهة بتكليفه إخراج مسلسل “المفتاح” من تأليف خالد خليفة، وأوضح شربتجي أن: موافقته على إخراج المسلسل جاءت لكون النص متميز ويعالج بعمق قضايا اجتماعية وحياتية، وقد تم تخويفه من بيروقراطية المؤسسة قبل موافقته على العمل، الأمر الذي لم يواجهه، بل على العكس وجد أن علاقة إدارة المؤسسة بالإنتاج جيدة جدا، وما صادفه من مشاكل حتى الآن هي معاناة بسيطة وشائعة في مجال الدراما، كما أضاف أنه اختار أبطال «المفتاح» بمحدودية شديدة لاسيما أن هناك عدد من الفنانين رفض المشاركة ولا يعلم السبب بالتحديد.
«المفتاح» عمل اجتماعي معاصر يقع في ثلاثين حلقة، تعالج موضوعات الحب والزواج والشرف والأمانة، وتطرح أوجها مختلفة من الفساد الاجتماعي والاقتصادي، ويضم المسلسل عدد كبير من الممثلين منهم: أمل عرفة، باسم ياخور، عبد المنعم عمايري، أحمد الأحمد، ديمة قندلفت، محمد حداقي، سلمى المصري، ..وآخرين
من أدوار العمل شخصية كمال التي قام بها الفنان نضال سيجري، وكمال فنان تشكيلي، تغلب على طبعه الرومانسية والشاعرية، يفقد صوته، فتهجره زوجته الأجنبية وتعود إلى بلادها، ثم يُغرم بسيدة أخرى، لكن الظروف الاجتماعية التي تحيط بها تدفعه إلى الانسحاب من حياتها، كي لا يسبّب لها إحراجا في علاقتها مع أسرتها ومع محيطها.
ويمثل خالد القيش شخصية شاب وحيد لوالدته، يحاول التخلص من سيطرتها على قراراته، فيدخل الشرطة بعد ممارسته للمحاماة ثم يدخل مرة أخرى في صراع طويل معها عندما يحب فتاة تكبره سنا ويقرر الزواج منها.
وتمثل الفنانة سلمى المصري في «المفتاح» دور زوجة صحفي متقاعد وربة أسرة متوسطة الحال تعيش حياة بسيطة في حارة تضم الطائفتين الإسلامية والمسيحية، حيث يظهر التعايش بين الأديان والتربية المشتركة، وتطمح الوالدة لتحسين واقع أسرتها ضمن المعقول بعيدا عن الأساليب الملتوية.
وتقوم الفنانة وفاء موصللي بأداء شخصية «أم مسعود» وهي امرأة فقيرة وبسيطة، يغتني ولدها مسعود وتتحسن أحواله وعلاقاته، ويحاول أن ينقلها من الفقر إلى عالم الطبقات الراقية، فترفض وتصر على التمسك بحياتها ومجتمعها، وتقول الموصللي: إن «المفتاح» عمل جريء يدخل إلى ثغرات الفساد الحقيقية الكثيرة في المجتمع، والمخرج شربتجي يخدم النص بأمانة كبيرة.
وتلعب قمر خلف دور «مايا» وهي ابنة رجل فاسد، تقع في الحب، وتشعر أنها وجدت نفسها به، فتحاول الدفاع عنه بكل إمكانياتها إلا أنها في النهاية لا تتمكن من ذلك.
المصابيح الزرق
منذ أكثر من اثني عشر عاما قاطع الفنان غسان مسعود العمل مع وزارة الإعلام والقطاع العام، لكنه يعود اليوم ليلعب دور البطولة في مسلسل «المصابيح الزرق»، وهو مسلسل اجتماعي مكون من ثلاثين حلقة، كتبه محمود عبد الكريم عن رواية بنفس العنوان للأديب حنا مينة، ويتولى إخراجه فهد ميري، ومن ممثليه: ضحى الدبس، جهاد سعد، أندريه سكاف، محمد حداقي، زهير رمضان، سعد مينة، محمد الأحمد، رنا جمول، جرجس جبارة، بشار اسماعيل، سوسن أبو عفار، وضاح حلوم، مجد فضة، حسين عباس، إضافةً إلى الطفلين نوّار الحلو وسيدرا الزول.
تدور أحداث المسلسل في مدن الساحل السوري وريفه خلال فترة الحرب العالمية الثانية، عبر مجموعة من الشخصيات عاشت تلك الفترة، وعانت الظلم، وحلمت بالحرية، وناضلت من أجل الاستقلال، وقد تم تأجيل تصويره عدة مرات إلى أن تبنته المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي في سياق مشروع وضعته لتحويل النصوص الأدبية إلى مسلسلات، وحسب تصريح المخرج يجري حاليا تصوير المشاهد الأولى من العمل في دمشق، بينما ستصور باقي المشاهد في محافظتي اللاذقية وطرطوس بين شط البحر والجبال والقرى والشوارع.
ويضيف الميري: «المسلسل عبارة عن ملحمة وطنية، تتحدث عن تلاحم الشعب بكافة أطيافه وشرائحه، حيث كانت العلاقات الإنسانية آنذاك جميلة ومتميزة ونبيلة على الرغم من الظلم والقهر والاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له، وضمن تلك الظروف التي يعيشونها كان لابد من وجود مساحة من الحب بكل معانيه، بدءاً من حب الحبيب وصولاً إلى حب الوطن، وهذا ما ساعدهم على طرد المستعمر الفرنسي، وفعلاً تمكنوا بتصميمهم ودمائهم وإرادتهم أن يطردوه ويحصلوا على استقلالهم»، وأوضح: «العمل يضم الكثير من نجوم سورية فجميع شخصياته أبطال، كلٌ في مكانه ليشكلوا معاً ما يشبه اللوحة المتحركة».
تجسد الفنانة سلاف فواخرجي دور البطولة بأدائها لشخصية «رندة» وهي شابة رومانسية للغاية، تعيش قصة حب جميلة دون أن تتناسى حسها وواجبها الوطني، وتقول فواخرجي: «العمل يتحدث عن فترة الاحتلال الفرنسي لسورية، وهو بمضمونه العام يروي قصص الحب والحياة والسياسة».
كما يشارك الفنان أسعد فضة بأداء شخصية أبو فارس، وهو عامل بناء، يتميز بطيبته وحبه للناس، حيث تقطن منزله عدة أسر، ويتابع المسلسل حياتهم ومعاناتهم مع الحرب وتعاونهم مع الثوار ضد فرنسا.
تلعب الفنانة تولاي هارون شخصية ميلو، وقد عبرت عن سعادتها لأدائها هذه الشخصية التي اعتبرتها جديدة تماماً عليها، وقالت: ميلو امرأة بسيطة، وضعها المعيشي سيء جداً، تعاني من مرض الروماتيزم الذي يتفاقم تدريجياً، كونها تسكن مع زوجها في غرفة رطبة جداً، لا تتوفر فيها الشروط الصحية، قُدمت كمعونة، وتعاني هذه الشخصية كثيراً في حياتها وتتمنى أن تعود إلى مدينتها «صافيتا»، وتُدفن هناك، فذلك أفضل من غرفتها التي تشبه القبر».
وتضيف تولاي: هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها بعمل مع المخرج فهد ميري، أتمنى أن يكون هذا التعاون موفقا، يترك انطباعاً جميلاً للطرفين، وما لمسته من خلال تحضيراتنا ولقاءاتنا المتكررة أن هدوء المخرج فهد يعطي طاقة جميلة لكل الممثلين الذين يعملون معه.
عن دوره قال الفنان غسان مسعود: أعتقد أن الشخصية التي أجسدها غير مطروقة، وبالتالي هناك مناخ آخر ومزاج آخر فعلى المستوى القيمي الشخصية بتقديري تشبه البطل الشعبي بطريقته الشعبية الخاصة، وأظن أن فيها على المستوى التمثيلي ما يغريني كفنان» وأضاف: «إنه العمل الأول الذي أوقعه لهذا الموسم بعد أن قرأت عدة أعمال بين سورية ومصر، لكن في الحقيقة كان هناك اتفاق أدبي أو ما يقال عنه حديث شرف بيني وبين المخرج فهد ميري أن نلتقي في أحد أعماله خاصةً أنني أتابع أعماله دوماً وأحب طريقته في العمل.
أما فيما يخص ابتعاده عن القطاع العام فقد أوضح قائلا: «منذ أكثر من اثني عشر عاماً لم أعمل مع القطاع العام في مجال الدراما، وذلك بسبب عدم وجود تفاهم فيما بيننا، لست أنا فحسب وإنما العديد من الفنانين، فكان الخلاف حول آلية العمل وأجور الفنانين وطريقة تقديم الممثل، لذا أتمنى وهذا ما أتوقعه أن تساهم مؤسسة الإنتاج بقيادة مديرها الصديق المخرج فراس دهني بعودة الفنانين إلى بيتهم الذي وُلدت فيه الدراما أساساً».
الأرواح العارية
عُرفت واشتُهرت أعمال كاتب السيناريو فادي قوشقجي والمخرج الليث حجو في إطار ما أنتجته الشركات الخاصة من مسلسلات، وربما يكون مسلسل «الأرواح العارية» هو أول عمل يجمع توقيع الاثنين تحت مظلة إنتاجات القطاع العام، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدته المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي لإطلاق العمل بحضور فريقه الفني، في المؤتمر قال القوشقجي عن نصه: إن «الأرواح العارية» مسلسل اجتماعي معاصر يدور في مدينة دمشق، ويتناول موضوع الشك لدى الإنسان عندما تتعرض بعض مسلماته وثوابته المؤكدة في الحياة للاهتزاز من حيث نسبه وأقربائه وعلاقاته، وصولاً إلى مناقشة مفهوم الشك في ثقافتنا ككل، كما أكد الكاتب على أنه بتعامله مع المخرج الليث حجو يضع نصه في أيد أمينة.
بدوره اعتبر الليث حجو إخراجه للعمل مناسبة سعيدة له كمشاهد معجب بأعمال الكاتب قوشقجي، وأكد على السوية العالية للنص، والشكل الرشيق لتقديم وجهة نظر فكرية عالية، مشيراً إلى أن جرأة هذا النص ليس الهدف منها تحقيق مشاهدة، وإنما جاءت بغرض التوازي مع الحراك الاجتماعي الذي نعيشه، والذي لم يعد مقبولاً معه أن نقدم ما كنا نقدمه سابقا.
وأشاد المخرج بعمل المؤسسة لاسيما بعدما أدهشته سوية التعامل مع إدارتها، مشيراً، إلى أنه وبوصفه معارضاً سابقاً للعمل في القطاع العام، يعلن اليوم هزيمته أمام آلية عمل المؤسسة السريعة والعملية والمنفتحة جداً.
أما حول اختيار عدد من الممثلين دون سواهم فقد قال مدير المؤسسة فراس دهني في المؤتمر: «تجاوز عدد الفنانين المشاركين بأعمال المؤسسة، حتى الآن 450 فنان سوري، الأمر الذي يبعد عنها تهمة التمييز، إن عامل الموهبة والمثابرة والجهد المبذول من جانب الممثل يلعب دورا في الاختيار، وإن للنص الأولوية بتحديد أبطاله وممثليه والشريحة العمرية، وبالدرجة الثانية يأتي دور المخرج الذي يحدد عناصره الفنية وأدواته، وبالتالي اختيار الممثلين ليس من شأن المؤسسة، فهي لا تفرض ممثلاً على مخرجي أعمالها، ما عدا ما يتعارض وحرصها على عدم تكرار نفس الوجوه في أكثر من عمل، لاسيما في أدوار البطولة، ذلك لخلق فرص متكافئة، نحن في المؤسسة لن نقبل أن تمارس علينا ضغوط لأخذ أنصاف الموهوبين كنجوم بأجور عالية جدا، والذين لم يبذلوا جهدا ليصلوا لهذه النجومية، فلسنا مؤسسة خيرية.