2012/07/04
بسام سفر – تشرين
يبقى سؤال النكبة الفلسطينية دراميا قائما مادامت عقدة النكبة لم تحل فلسطينياً وعربياً. لكن يجدر بنا, كعاملين في حقل الصحافة الدرامية، إعادة طرح السؤال الذي يؤرق الفئات الشعبية العربية والفلسطينية كما يحب أن يراها اللاجئ و الإنسان الفلسطيني والعربي والسوري خصيصا؟!!.
إن ما قدمته الدراما السورية على صعيد علاقة اللاجئ الفلسطيني بالنكبة، وعلاقة الإنسان العربي بالنكبة لم نره درامياً سوى في التغريبة الفلسطينية من تأليف الدكتور وليد سيف وإخراج حاتم علي وإنتاج شركة سورية الدولية. على الرغم من وجود آلاف الحكايا السردية التي تستحق أن تدون، وتصبح حكاية درامية عن سيرة مجموعة من الناس خرجوا من أراضيهم وديارهم بغير وجه حق, لكن حتى هذه اللحظة لم تدون سيرة شفهية لسرديات النكبة من بقايا الجيل الذي خرج من فلسطين في أيار العام 1948, واذكر في حوار طويل مع الشاعر و الروائي الفلسطيني ابراهيم نصر الله, قال لي: انه قام بتسجيل مئات الساعات من سير الفلسطينيين، الذين خرجوا من فلسطين في العام 1948, وان هذه الساعات الطويلة أصبحت جزءا من مشروعه الروائي الفلسطيني، واستبشرت خيراً عندما أعلن أن روايته «الخيول البيضاء» سوف تحول إلى عمل درامي على يد المخرج المبدع» نجدت اسماعيل أنزور», لكن على ما يبدو الأعمال ليست بالنيات فقط، وإنما تحتاج إلى إرادة فنية قادرة على تحويل الأفكار إلى أفعال، ولاسيما أننا نعيش في زمن بات للكيان الصهيوني فيه أذرع طويلة في مقاطعة الأعمال الفنية التي تتناول القضية الفلسطينية وخير مثال على ذلك ما حدث مع العمل الدرامي «الشتات» الذي لم تعرضه سوى فضائية «المنار» اللبنانية, وكذلك ما حدث مع العمل الدرامي«الاجتياح» الذي فاز بجائزة ايمي ولم تعرضه سوى محطات محدودة لم تتجاوز اصابع اليد الواحدة، رغم أننا استبشرنا خيراً بفوزه بهذه الجائزة ليصبح مادة للعرض الدرامي على الفضائيات العربية.
الموسم الدرامي السوري للعام 2011، كعادة الدراما السورية، لم يكن خاليا من هم القضية الفلسطينية؟! فقدمت سيرة وحياة الشاعر «محمود درويش» في مسلسل فرض ذاته على المحطات الفضائية العربية بقوة, فعرض «في حضرة الغياب» على محطات عديدة, وعلى الرغم من الموقف المسبق الذي اتخذته مجموعة من المؤسسات و المثقفين الفلسطينيين و العرب منه, إلا انه استحوذ على مشاهدة ومتابعة فنية عالية, وبمقدار أكبر نال نقدا غير درامي لزاوية أن يقوم الفنان فراس إبراهيم في تأدية شخصية الشاعر الراحل محمود درويش, وهنا يمكن التأكيد على أن التركيز في عملية القراءة الفنية للعمل الدرامي نتيجة الموقف المسبق من أصحاب المشروع الدرامي, وهذا لا يعني ان العمل الدرامي «في حضرة الغياب» كان في غاية الكمال والبهاء الدرامي و الفني.
وأيضا تجدر الإشارة إلى أن العمل الدرامي السوري «وادي السايح» من تأليف حسن الشيخ الحكيم وإخراج محمد بدرخان اعتمد على أكثر من خط درامي وطني, وفلسطيني ويظهر الخط الدرامي المتعلق بالمقاومة الفلسطينية عبر مجموعة من الشباب الحمصي القريب من حركة القوميين العرب, الذي يتطوع للعمل الفدائي في الجناح العسكري للحركة عبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الراحل الدكتور جورج حبش، ومن خلال هذا التدريب المستمر تستطيع المجموعة أن تنفذ أكثر من عملية فدائية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة, وتتصدى لعملية إنزال على شاطئ البحر في لبنان.
إن عملية إبراز وتظهير فصيل من المقاومة الوطنية الفلسطينية في عمل درامي سوري يتناول مدينة حمص وحياتها الاجتماعية على صعيد أكثر من طبقة اجتماعية منها البرجوازية والمتوسطة والفقيرة أمر جيد, لكن في العام ما يعيب عملية التوظيف الدرامي لخطوط المقاومة الوطنية الفلسطينية في الأعمال الدرامية هو التناول غير الواضح للكثير من الأسماء التي ساهمت في العمل الوطني السوري والفلسطيني إلا من خلال الإيحاء والرمز من دون الحديث عن الأسماء والشخصيات بعينها ولاسيما التي غادرت الحياة باتجاه الرفيق الأعلى.
بالعموم.. تبقى عملية توثيق سرديات النكبة الشفوية فعلاً إنسانياً ووطنياً يستحق العمل عليه ولاسيما لدينا في المخيمات الفلسطينية في سورية, لكن يبقى أن هنالك أعمالاً روائية وسردية وقصصاً تقص سرديات وحكاية النكبة الفلسطينية تستحق أن تتحول إلى أعمال درامية لكي يشاهدها الإنسان الفلسطيني والعربي، ومن تلك الأعمال ما كتبه الناقد والكاتب الفلسطيني يوسف سامي اليوسف في كتبه «تلك الأيام»، وكذلك أكثر من عمل روائي للكاتب الدكتور حسن حميد منها «جسر بنات يعقوب, تعالي نطير أوراق الخريف» وأيضاً الكاتب الروائي صبحي فحماوي في عمله «عذبة», وكذلك الكاتبة نهاد توفيق عباس في روايتها «دارة متالون». فهل هناك من يستطيع تحويل هذه الأعمال الروائية إلى أعمال درامية؟.