سجن الفنانين دراما حقيقية خلف القضبان

  الخليج الإماراتية عادل إمام، وسعيد صالح، وعايدة رياض، ووفاء عامر، وتامر حسني، وهيثم شاكر، ومحمد الحلو، وحنان ترك، ووفاء مكي، وشمس، وعنبر، وحاتم ذو الفقار، وأحمد يحيى، وفاروق الفيشاوي، وهياتم، وسيد زيان، وعلي حميدة، ومنى جلال، وإجلال زكي، وغادة إبراهيم، ويحيى الفخراني، ومعالي زايد، ود . سناء شافع وآخرون غيرهم . هذه ليست سوى قائمة تضم أسماء بعض الفنانين والفنانات الذين تعرضوا للسجن في قضايا مختلفة ومتنوعة (آداب  تزوير مستندات  نصب واحتيال وشيكات  بلطجة وتحرش  أفلام جريئة وفاضحة  مخدرات (اتجار أو تعاطٍ) وغير هذا من القضايا الأخرى التي أدت إلى قضائهم جميعا فترات متفاوتة خلف القضبان الحديدية فمنهم من قضى بضع ساعات ومنهم من قضى بضعة أسابيع ومنهم من قضى شهوراً وأعواماً . وهناك فنانون وفنانات آخرون كثيرون عاشوا نفس التجربة المريرة ولكونهم رحلوا عن عالمنا لم نشأ ذكر أسمائهم . كل تجربة يمر بها الإنسان، خاصة إذا كانت مؤلمة يخرج منها بدروس مستفادة، لذلك توجهنا لبعض هؤلاء الفنانين لنتعرف منهم على الأشياء التي تعلموها من تجاربهم خلف القضبان . يأتي في مقدمة الفنانين الذين تكررت معهم  التجربة الصعبة أكثر من مرة الفنان الكوميدي الكبير سعيد صالح والذي قضى خلف القضبان عاماً كاملاً بسجن الحضرة بالإسكندرية بسبب إدمانه على المخدرات إلا أنه دائما ينفي هذه التهمة عن نفسه ويؤكد أن مواقفه السياسية وانتقاده الدائم للحكومة في مسرحياته، ورفضه كما يقول للكثير من الأوضاع هو الذي دفع البعض لمحاولة إسكاته بتلفيق هذه التهمة له . وأياً كانت الحقيقة هذا أم ذاك فالمحصلة أنه قضى عاماً كاملاً خلف القضبان وعندما سألناه عن هذه التجربة فاجأنا بقوله: هل ستصدقونني إذا قلت إن صحتي تحسنت تماما أثناء فترة السجن، وإنني كنت أشعر أنني أكثر حرية فكنت ألعب الكرة وأصلي وأفعل أشياء كثيرة لم أكن أفعلها قبل السجن . وأضاف كانت شهور الزنزانة بالنسبة لي فرصة للتأمل والتقرب من الله، فقد تعمقت في العبادة والقراءة، وهناك شيء آخر أهم من كل هذا وهو أنني كنت أشعر بأمان كامل في السجن، فلم أكن أخاف من أي شيء أو على أي شيء فلا شهرة ولا ثروة ولا خزائن حديدية ولا سيارات ولا كذب ولاخداع، فكل شيء على الطبيعة والكل سواسية وهناك نظام دقيق جدا يخضع له الجميع . أذكر جيدا أنني كنت في رعب شديد يوم الإفراج عني لدرجة أنني لم أنم ليلتها وظللت أقول لنفسي: هل سأخرج لكي ألتقي من جديد بالكاذبين والمنافقين وأصحاب الابتسامات الزائفة والأفكار المريضة وأعود للسهر وحياة الفوضى . ويتحدث سعيد صالح عن استفادته من هذه التجربة بقوله: بالطبع حياتي قبل السجن كانت شيئاً وبعده أصبحت شيئاً آخر تماماً فهناك استفادات كثيرة خرجت بها أهمها أنني عرفت الناس على حقيقتهم وأصبحت أكثر قوة وإيماناً وصلابة، فهل هناك أروع من هذه التجارب العظيمة؟ ويتفق معه في الرأي المطرب الشاب تامر حسني الذي تحدث عن الفترة التي قضاها خلف القضبان الحديدية واستمرت عاماً كاملاً هو والمطرب هيثم شاكر بعد اتهامهما بتزوير شهادات الخدمة العسكرية الخاصة بهما . وعن هذه التجربة وماتعلمه منها يقول تامر حسني: كانت تجربة رغم مرارتها وقسوتها في غاية الأهمية فقد خرجت منها بأشياء كثيرة أهمها ضرورة اقتراب الإنسان من الله في كل وقت وحين فهو الوحيد القادر على تفريج همومنا وإخراجنا من أحزاننا، ورغم قسوة التجربة كانت ثرية بالنسبة ليّ على صعيد الإخلاص في العبادة فقد تقربت من الله بشكل لا أستطيع وصفه كما عرفت جيدا معادن كل من كانوا يحيطون بي ويدعون أنهم أصدقائي ومستعدون للتضحية من أجلي بأي شيء . وبعد الافراج عني أعدت حساباتي في كل الأمور أضف إلى هذا أنني اختبرت قدرتي على تحمل المشاق والمصاعب ولهذا أقول دائما إنني ولدت من جديد بعد هذه التجربة . وعن الأشياء التي تعلمتها من التجربة الصعبة التي مرت بها قبل 25 عاما من الآن بعد إلقاء القبض عليها في إحدى قضايا الآداب تقول الفنانة عايدة رياض: كانت تجربة صعبة بكل المقاييس لا أزال أشعر بمرارتها حتى اليوم فلا يمكن أن أنسى هؤلاء الضباط الذين لفقوا هذه التهمة الظالمة لي أنا ومجموعة من سيدات المجتمع المحترمات وجعلونا نقضي شهورا صعبة خلف قضبان سجن النساء بالقناطر حتى أظهر الله الحقيقة وتم الإفراج عنا . ولا يمكن أن أنسى موقف زوجي العظيم في هذا الوقت الفنان محرم فؤاد رحمة الله عليه والذي ظل واقفا إلى جانبي ومتمسكاً ببراءتي بل وأصر على إقامة حفل كبير لي يوم خروجي من السجن الذي تصادف مع عيد زواجنا ليؤكد للجميع ثقته الكاملة في شرف زوجته . وتضيف: أكثر شيء تعلمته من هذه التجربة ضرورة أن أكون حريصة في كل أفعالي وتصرفاتي ولا أعطي ثقتي إلا لمن يستحقها فقط . ليس كل من دخل السجن مداناً وليس كل من خارجه بريئاً، هكذا ترى الفنانة وفاء عامر التي مرت بتجربة صعبة قبل عشرة أعوام حينما ألقي القبض عليها هي وحنان ترك وعنبر وأخريات في قضية الآداب الشهيرة التي ظلت حديث الجميع حتى الإفراج عنهن بعدما ثبتت براءتهن جميعا . تقول وفاء عامر: كنت أسخر قبل مروري بهذه التجربة ممن كان يقول إنه بريء وألقي به في السجن ظلما حتى مررت أنا وزميلاتي بالأمر ذاته في هذه القضية الجديدة من نوعها حيث لم يلق القبض علينا ونحن بإحدى الشقق المشبوهة كما هو الحال في قضايا الآداب . لكن احضرونا من بيوتنا ومن هنا تعلمت ألا أحكم على أحد ما دمت لا أعرف ولم أر بعيني فيجب ألا نأخذ بظواهر الأمور ولا ننخدع في من يبتسمون في وجوهنا وهم من داخلهم يحملون سموما وخناجر ينتظرون الفرصة لكي ينقضوا علينا بها . ويذكرنا كلام وفاء عامر بما قالته حنان ترك عن تجربتها هذه بعد الإفراج عنها مباشرة: بعد أن فقدت حريتي ووجدت نفسي محاطة بأربعة جدران في مكان مظلم عانيت نفسياً بدرجة لا أستطيع وصفها وتعرفت على نماذج غريبة وشاذة من المسجونات ولا أنكر تعاطفهن الكامل معي فلا أنسى نوسة القاتلة التي كانت ترعاني وتربت دائما على كتفي وأيضا سعاد تاجرة المخدرات الشهيرة التي كانت تضع الطعام أمامي وتلح عليّ لكي آكل، بل كانت ترفه عني بالغناء والرقص وإلقاء النكات ورغم ذلك لم يفارقني الحزن أبدا لدرجة أنني لم أفرح يوم علمت بخبر الإفراج عني وبراءتي من هذه التهمة الظالمة والقاسية وفكرت في عدم الخروج من السجن، فكيف سأواجه الناس والمجتمع ومن الذين سيقتنعون ببراءتي؟ وعموما تعلمت الكثير من هذه التجربة وأهم ما تعلمته أنني عرفت الناس على حقيقتهم فكم من أصدقاء كنت أعتقد أنهم مقربون جدا مني وأثبتوا أنهم لم يكونوا جديرين بصداقتي وثقتي فيهم وهناك أناس وقفوا إلى جانبي في الأزمة ما كنت أتوقع منهم هذا . يختلف الأمر مع الفنانة وفاء مكي التي مرت بتجربة مختلفة، إذ أدينت في قضية تعذيب الخادمتين مروة وهنادي والتي قضت بسببهما بضعة أعوام في السجن هي ووالدتها وأيضا الفنان أحمد البرعي الذي اتهم بمساعدتها وخرج من السجن قبلها . وعن تجربتها هذه وما تعلمته منها تقول وفاء مكي: تعلمت أشياء كثيرة أهمها أنني اكتشفت في نفسي صفات وأشياء عديدة كنت أجهلها تماما فقد اكتشفت أنني قوية جدا وتمكنت من التكيف مع الوضع الظالم الذي وجدت نفسي فيه واستطعت التعايش مع كل النماذج الغريبة التي صادفتها وتعرفت عليها في السجن، أضف إلى هذا أنها كانت مرحلة للتأمل والتقرب إلى الله ولهذا خرجت من السجن كما قال معظم من يعرفونني جيدا إنسانة مختلفة تماما