2013/05/29
سامر محمد اسماعيل – تشرين
لا أحد يعرف على وجه الدقة كيف انتقل الفنان يزن السيد من لاعب كرة قدم في نوادي «الشرطة» و«المجد» إلى ممثل في مسلسلات الدراما السورية!
هكذا تختار الزميلة صبا ميا الفنان السوري الشاب ليكون ضيف حلقتها من برنامج «سبورت دراما» لتفتح الباب عريضاً هذه المرة عبر شاشة «سورية دراما» على سؤال أكثر سخونة؛ سؤال لا يرتبط فقط بهذا الدمج العجيب بين الرياضة والفن في «سبورت دراما» بل هو سؤال عما يحدث في قناة «دراما لا مثيل لها»؟ فالكل يتذكر أن الفنان «السيد» ومنذ فترة ليست بالبعيدة- «لا تتجاوز السنة ونصف السنة» كان يعمل كمقدم لبرنامج «أهل الفن» على شاشة فضائية «سورية دراما» واليوم يحل كنجم من نجوم «أهل الفن» على شاشة القناة التي كان يعمل فيها مذيعاً!. إعجاز ربما لم يتحقق بعد على شاشة التلفزيون «البرتغالي»؟! إعجاز ليس في طريقة قفز السيد قفزاً من ملاعب الفوتبول؛ مروراً بتقديم البرامج الإعلامية؛ وصولاً إلى بطولة المسلسلات؟ لا إطلاقاً فالشاب يمتلك حضوراً لطيفاً أمام الكاميرا! لكن الغريب هو هذا الإمعان من قبل فضائية الدراما السورية على مخاطبة الذات، فكيف يمكن لنا كإعلام سوري الاستمرار في تقديم هذا النوع من البرامج التي يلتقي فيها زملاء القناة الواحدة مع بعضهم البعض؟. في مقالات سابقة كنتُ قد تكلمتُ وأسرفت عن داء عضال في طبيعة الخطاب الإعلامي الذي يرسخ نمطاً من برامج يلتقي فيها الزملاء مع بعضهم البعض، ليس في ممرات الهيئة العامة للتلفزيون العربي السوري، بل على الشاشة؟ وعلى مرأى من عيون ملايين مشاهدي القنوات الوطنية!. كيف نفهم فعلاً ظهور السيد في برنامج شقيق لبرنامجه الذي كان يقدمه على شاشة القناة نفسها كضيف وحيد أوحد؟ وكيف يمكن للزميلة صبا ميا أن تجيب عن هذا السؤال؟ في حال توقعنا ظهورها قريباً كضيفة في برنامج «أهل الفن» باعتبارها محاورة جيدة لزملائها؟!
قد يبدو «سبورت دراما» ذا قالبٍ مختلف من حيث الفكرة، لكونه يدمج هنا بين عالم الرياضة والفن، لكنه بالمقابل لا يسعى إلى تنمية هذا القالب إلا بشكل سطحي، بينما مقدمة ومعدّة البرنامج تكتفي بحوار مطوّل مع ضيوفها؛ ممفصلةً ذلك عبر مشاهد من أعمالهم الدرامية، أو الرياضية إن وجدت؛ لكنها لم تسع إلى خلق سياق حقيقي بين عالم الرياضة والفن إلا من خلال وابل من الأسئلة المكرورة والمستنزفة؟ أسئلة تضع الضيف-هدف الحلقة كمستجوب بصري ليس إلا، فصبا تتجاهل هنا طبيعة البرنامج كوحدة بصرية وبنية تفاعلية متكاملة، ليست بنية «سين جيم»..أبداً؛ بل البرنامج عبارة عن مكونات متعددة ومنوعة، البرنامج عبر كاميرا مخرجته عبير العلي لا يتعدى تلك اللقطات المجترة من وإلى وجه الضيف ووجه المذيعة، نحو لقطات عامة، ومختارات من أعمال الضيف- «طبعاً هنا نتمنى من ميا لو كانت أوردت مشاهد عن المذيع يزن السيد» مثلما قدمت لقطات من مبارياته قبل أن يبتعد عن ساحات الملاعب، لقطات جعلتني أصدق-وعلى الأقل- أن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لم تعد معنية إلا بإنتاج برامج يلتقي فيها الجميع فيها مع بعضهم البعض؟! برامج «سورية الدراما» التي لم تستطع حتى الآن أن تشكل حضوراً إعلامياً مميزاً وموازياً لنجاح الدراما التي وجدت من أجل ترويجها والتدليل عليها؟ فالجميع بات يعرف أن العطب الرئيس في ذلك يكمن بمواجهات عديدة بين ثقل ونجاح المسلسل التلفزيوني السوري أمام إخفاق واضح لقناة «سورية دراما» في تحقيق كمّ جيد من البرامج المعقولة، والقادرة على تفكيك الخطاب الرسمي ونقله من حالةٍ إلى أُخرى عبر جلالة الفن وجماله، بخلاف حالة استجواب الذات واستحضارها إلى برامج تشبه بعضها، فالمطلوب برأيي اليوم هو تجديد حالة –ولو عابرة-في شخصية قناة «سورية دراما»... تجديد يرفع من أعمال السوريين في غيابات عدد كافٍ من القنوات المحلية القادرة على صناعة برنامج... صناعة لا تقتصر على الحوار مع زملاء المهنة وتقريبهم من عنوان «سبورت دراما» كبرنامج يشابه ما كانت الزميلة ميا تقدمه ذات مساء على شاشة القناة الأرضية الثانية «قناة الأسرة والمجتمع» التي أخذت قناة «الدنيا» محلها دون أي شعور بالذنب!
من هنا تستمر «سورية دراما» في تكريس نوعية من برامج لم تساهم حتى الآن في دعم إنتاج الدراما، برامج سجالية غير احتفائية فحسب، برامج تستطيع معاينة الأخطاء الجسيمة في سوق الدراما التلفزيونية، مثلما تستطيع إنجاز مجدها على فضائيات العرض، برامج ذات طابع نقدي حقيقي، وبقالب مشوق، لِمَ لا؟ فعلاً هذا سؤال إذا ما طرحناه سيبدو محرجاً بالنسبة لقناة تلقت مثلها مثل جميع الفضائيات الوطنية نصيبها من العقوبات الوفيرة، وذلك بعد حجبها مؤخراً عن قمر هوت بيرد الأوروبي، سؤال يطرح نفسه بقوة: ألا نستطيع أن نقدم ولو برنامجاً واحداً في إعلامنا الوطني قادراً على استقطاب شرائح واسعة من جمهور يلتهم المسلسلات السورية بنهم ويرمي برامجها كقشور الموز في تسربه إلى قنوات أخرى في عكاظ فضائيات الدراما العربية؟.