2012/07/04
دارين شبير - دار الخليج
كثيرة هي الأحداث من حولنا، كثيرة هي الصرخات، قد لا ندرك الآن بدقة ما يجري، لكن أبناءنا سوف يكتشفون” بهذه الكلمات تكشف المذيعة السورية زينة يازجي ملامح مشروعها الجديد الذي تبنته قناة “دبي” ويحمل عنوان”الشارع العربي”، والذي تصول به وتجول لتلملم جراح أبنائه مرفقة بأسئلة تضعها على طاولة أصحاب القرار، كما تقول، فتجر السياسة مسلحة بأدواتها الإعلامية إلى الشارع، رغبة في الحصول على إجابات تشفي الجراح .
فما الجديد الذي يحمله البرنامج، وما الذي شجع زينة على الانضمام إلى قناة “دبي”، وهل ترى في ذلك مجازفة، وماذا عن استقالتها من قناة “العربية” التي ترددت حولها الكثير من الأقاويل، وكيف تفاعل معها زوجها الفنان عابد فهد في تلك الفترة؟ أسئلة نناقشها مع الإعلامية زينة يازجي في هذا الحوار . .
بداية ما “الشارع العربي”؟
“الشارع العربي” هو مشروعي الذي أؤسسه بكل عناية كما أؤسس منزلي، وهو برنامج حواري أسبوعي مدته ساعتان، اخترت له هذا العنوان لأنه يعبر عن صميم فكرة البرنامج، وانطلق فيه من أن المستقبل مسؤوليتنا ومسؤولية كل شخص سواء كان داخل السلطة أو خارجها، وقد حصلت فيه على دعم كامل من المسؤولين في مؤسسة دبي للإعلام، ويسير معي خطوة بخطوة في متابعة هذا المشروع أحمد الشيخ، عضو مجلس الإدارة المنتدب مدير عام مؤسسة دبي للإعلام .
وما فكرة البرنامج؟
البرنامج عبارة عن مرحلتين، نقوم في أولاهما بجولة ميدانية في الشارع العربي بمعناه الحقيقي، إذ نجول في شوارع تونس والمغرب ومصر والأردن والعراق ولبنان وغزة وأوروبا وأمريكا، بحثاً عن مزيج من الآراء، فنحن الإعلاميين نتواصل مع الشارع عن طريق المراسلين وغيرهم، ولكننا لا ندري عادة ما الذي يحدث في الشارع إلا بعد أن يتفجر، وبعد أن تتحول الأمنيات والرغبات التي تعتريه إلى ثورة، وبعد أن تتبلور بحدث جلل لتأتي المحطات الإخبارية لتغطيته، وسرعة الحدث لا تعطينا الفرصة لمعرفة كيف تراكمت الأمور ووصلت إلى حد الانفجار، وهنا يصعب التوصل إلى حلول، ولذا فنحن في هذه الجولة نجمع أسئلة الشارع قبل أن ينفجر أصحابها بها، لنطرحها في المرحلة الثانية التي تحمل شعار “كل الآراء الآن” على طاولة أصحاب القرار والزعماء والمسؤولين .
من أصحاب القرار الذين تحتويهم قائمتكم؟
سنجري بداية حواراً مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي، ولدينا على القائمة رئيس الوزراء المغربي ابن كيران، وبعض مرشحي الرئاسة في مصر، وشخصيات أخرى ستسفر عنها جولاتنا .
كيف سيتم تناول الثورات العربية في البرنامج؟
انطلقنا من الثورات لأنها حديث الساعة، ولكن هدفنا ليس الترويج لها بل اكتشافها أكثر، فالكل يترقب ما الذي سيحدث في مصر وتونس وسوريا وغيرها، ويرغب في معرفة كل الأبعاد والتفاصيل التي أوصلت تلك البلدان إلى هذه المرحلة، ويراقب كيف سيلملم أبناؤها أنفسهم لينطلقوا نحو مستقبل أفضل، ولدينا في الوطن العربي نماذج عدة لقيادات استوعبت شعوبها فوراً واقتربت منها وفتحت لها قنوات التواصل، وتجنبت الاصطدام والاحتدام معها، وأخرى لم تستطع استشعار الخطر وآلام وآمال شعوبها، واصطدمت بها وكانت النتيجة هذه الثورات .
ما الفائدة التي سيخرج بها المشاهد أو السياسي أو أصحاب القرار من البرنامج؟
في كل البلدان التي نجول فيها نشطاء وقوى سياسية صاعدة وأخرى تقليدية، وهناك مراهنات حول إمكانية استيعاب القوى التقليدية للقوى الشبابية الصاعدة، وكل هؤلاء سنلتقيهم في جولتنا، كما سنلتقي من يمثلون المجتمع المدني والمجتمع النسوي وحقوق الإنسان ونقابات العمل، والمجتمع الذي لا بد لأي سلطة أن تلتصق به، إذ نريد أن نسمع منهم ونستنبط حلولاً قد تكون مفيدة، لنتجنب الدخول في أزمات وحالة من الغموض ومستقبل مبهم، كما سنلتقي في أوروبا وأمريكا الجاليات العربية، وهي شريحة مهمة، إذ عاشت الديمقراطية وتعرفت إلى تفاصيل المجتمع المدني، وعاشت القانون والحرية ضمن إطار القوانين، وجرت هذه القوانين في عروقهم، فلماذا لا نستمع إليهم ونبلور تلك القوانين بما يناسب بلداننا كي نتجنب الدخول في أزمات؟
ما الإضافة التي يمنحك إياها “الشارع العربي”؟
إضافة كبيرة ومختلفة، فبعد ثماني سنوات في مجال الأخبار، أخرج في هذا البرنامج من سياق النشرة الإخبارية التي تحكمنا بضيق وقتها، ونضطر فيها إلى أن نسأل الأسئلة الحدثية ك “الآن ماذا يحصل؟”، فسؤال الأمس لا ينفع لنشرة اليوم، أما البرامج الحوارية فمساحتها أكبر، ويمكن فيها تجاوز الحدث لما بعده واستعراض ما قبله، والغوص في السياق الذي أدى إليه، واستنباط ورصد التوقعات، والتحدث في النقطة نفسها مع عشرة أشخاص لنحصل على عشر وجهات نظر، إما أن تلتقي وإما أن تتقاطع لتكشف عن شيء ما، وما يميز البرنامج أننا لا نتحدث فيه عن معارضة أو موالاة ولا نهدف إلى إعلاء شأن رئيس او تحطيم آخر، ولا ندعو لثورة أو غيرها، بل نحمل هم الشارع العربي إلى طاولة صاحب القرار، ونعرض رأيه وإجاباته أمام الشارع .
قلت في حوار سابق إن كل البرامج استنساخ بعضها من بعض، لأي مدى سيظهر الاستنساخ في برنامجك هذا؟
أحاول كل جهدي مستغلة كل خبرتي ومعرفتي كي لا يكون البرنامج نسخة عن أي برنامج آخر، حتى لو دخلت ضمن سياق المجهول والمغامرة .
ما الذي شجعك على الانضمام إلى قناة “دبي”؟
مدينة دبي نفسها التي عشت فيها حتى الآن 8 سنوات، ولم يعش طفلاي في مدينة سواها، فسوريا بالنسبة إليهما هي العائلة والأقارب والأعياد، ولكنهما ابنا هذا البلد بالهواء الذي يتنفسانه، إضافة إلى سمعة دبي التي انتشرت في العالم والنجاح الذي حققته على المستوى العالمي، وهي المدينة العربية النموذج، وقد عشت فيها وأشعر بالراحة والاستقرار في أحضانها في ظل الخدمات والتسهيلات التي توفرها، والحريات ضمن القوانين والأنظمة التي تتبعها، والأمان الكبير رغم أنها مدينة عالمية مفتوحة، كما أن تلفزيون “دبي” معروف في كل العالم، ورغم أنه قد لا يكون المحطة الدائمة لكل مشاهد، فإنه موجود بوعي كل عربي، وحين وجهت إلي دعوة للانضمام إلى القناة، والتقيت المسؤولين عنها وعن المؤسسة شعرت بوجود إدارة ذات إرادة عالية ترغب في الارتقاء بالقناة، وكلي ثقة بها، وأنا مطمئنة إلى أنني أحمل اسمي وخبرتي، وأوظفهما في سبيل الارتقاء بالقناة .
ألا ترين أن انضمامك إلى قناة ليس لها باع كبير في مجال البرامج السياسية مغامرة؟
أنا معهم في هذه المغامرة، وأعتبر نفسي شريكة في مشروع الارتقاء بالقناة، ولذا سأضع كل خبرتي رغبة في فتح صفحة جديدة تهدف إلى أن تجعل من قناة “دبي” واحدة من المحطات صاحبة الرقم الصعب في البرامج السياسية، ولدي رغبة كبيرة في تحقيق هذا الهدف .
نعود إلى الوراء قليلاً، ما سبب استقالتك من قناة “العربية”؟
استقلت حين شعرت بحاجتي إلى أن أتحدث أكثر وبوقت أكبر ومساحة أطول، فالقضايا كبيرة والآراء متنوعة، ولا أستطيع أن أحصر ما يحدث بأبيض أو أسود، ولأن الحدث جلل فمن الظلم أن نختصر الآراء جميعها ب”مع” أو “ضد”، وكل هذا يحتاج إلى برنامج كبير يمكن من خلاله سماع الشارع بكل أطيافه والسلطة بكل أطيافها، ومساحة النشرة الإخبارية ضيقة ولا تمنحني ذلك .
هل هي كما قلت عنها سابقا “علبة صغيرة”؟
نعم، نشرة الأخبار علبة صغيرة وثمينة، صغيرة لضيق الوقت، وهذه طبيعة نشرة الأخبار، وثمينة لأن لها نسبة مشاهدة عالية جدا لا تتوافر في كل المجالات .
بصراحة، هل “العربية” قناة حيادية؟
تحاول جاهدة أن تكون حيادية، من منطلق أن ليس هناك إعلام قادر على أن يكون حياديا بنسبة مئة في المئة .
كيف كان شعورك حين قدمت استقالتك؟
كانت لحظة توقف فيها الزمن، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي “وماذا بعد؟”، فلم تكن لدي إجابة عن هذا السؤال في ذلك الوقت، ولكن ما خفف عني وقوف زوجي الفنان عابد فهد إلى جانبي، فقد كان سندي وكان يؤكد لي أنني أستطيع أن أؤسس مشروعي الذي أطمح إليه .
ولماذا أعلن زوجك خبر استقالتك ولم تعلنيه أنت؟
الأمر ليس كذلك، فقد تم الإعلان عن استقالتي ببيان رسمي مشترك بيني وبين إدارة “العربية”، ولكن ربما لأن عابد شخصية عامة وفنان معروف فقد سأله الناس عني وأجابهم، لكن لم يكن هو من أعلنها إعلاناً صريحاً، بل البيان عبر عن موقفي الواضح والصريح، وقد عشت أياماً جميلة جداً في “العربية”، وكونت صداقات متميزة أعتز بها، وتركت “القناة” بكل محبة وود .
لاحظنا تدخل زوجك في قراراتك وعملك وتحديداً في ما تعلق بموضوع الاستقالة، فلأي مدى تتدخلين انت في قراراته واختياراته الفنية؟
أنا وعابد نعتمد على بعضنا كثيراً، انطلاقاً من ثقة كل منا بأن الآخر يريد له الأفضل دائماً، ونحن الاثنان ننطلق من مهنة لها وجهان، فالوسيلة مختلفة ولكن الهدف واحد وهو المشاهد، ونأخذ مصداقيتنا وأهميتنا منه، وحين أغرق في السياسة يعيدني عابد للمجتمع، وحين يغرق هو في الفن أعيده أنا للحدث الآني، ويعطيني رأيه في عملي ويساندني كثيرا، والعكس صحيح، إذ أعطيه رأيي في ما يعرض عليه من أعمال، فمثلا، عرض على عابد مسلسل تاريخي، فقلت له إن الشارع في الوقت الحالي يعيش حدثاً مهماً ويريد أن يفهم ويبحث عن الإجابة في عيون الفنانين، وغير قادر ومتقبل لأن يعود للتاريخ والماضي، وهكذا، كما أن فكرة “برومو” البرنامج الذي أقدمه مع طفليَّ ليونا وتيم كانت فكرة عابد التي استوحاها من البعد الإنساني الموجود بالفن .
ألا ترين أنه من غير المحبذ أن يظهر أطفالك على الشاشة في هذا العمر الصغير؟
نعم، أنا لا أحبذ ذلك، ولكن كان لي هدف رئيسي من وراء ذلك، إذ أردت أن أقول للعالم إنني كأي أم وأب يقلقني مستقبل العالم العربي وأريد أن يعيش أطفالي فيه بكرامة ورفاهية وحرية وأمان واستقرار، وهذا مشروعي الذاتي العائلي الإنساني، الذي يوافق المشروع الحقيقي لتلفزيون “دبي”.
ماذا عن الاستقرار الأسري بين ظروف عملك وعمل الفنان عابد فهد؟
عابد يعيش معنا هنا كل الوقت، ولكنه يسافر لإنجاز عمله في أوقات التصوير ليعود بعد الانتهاء فوراً، وأنا أؤمن بطبيعة الحال بأن العائلة المتوازنة بحاجة إلى الأب والأم حتى تصل إلى بر الأمان .
من يقوم برعاية طفليك في ظروف عمليكما؟
نرعى طفلينا بأنفسنا، ولم أكن أسافر قبل عملي في هذا البرنامج، وعادة ما نقسم أنا وعابد الوقت للعناية بليونا وتيم، فعابد لن يبدأ التصوير قبل أن أنتهي أنا من جولاتي الميدانية، وبرأيي هي عملية إدارية تنجح بتنظيم الوقت .
هل تؤثر طبيعة عملك في حياتك وتعاملك مع أطفالك؟
إلى حد كبير، لدرجة أنني أعود للاعتذار لهما في حالات يكون فيها صبري قليلاً، فنفسيتي لا تكون دائماً في أفضل حالاتها، وخصوصا في اللحظات التي كنا نغطي فيها الثورات، فالهواء مسؤولية كبيرة، ويحتاج إلى أقصى درجات التركيز، وإلى حالة تأهب دائمة من العقل والعواطف والانفعالات التي يجب أن تكون دائماً جاهزة ومستعدة، كما يحتاج إلى التعرف إلى الخبر الآني وتحليله ونقل الصورة بشكل يتقبله الجمهور .
ما رأيك في ظاهرة استقالة المذيعين على الهواء؟
من خلال طريقتي في إعلان استقالتي يظهر رأيي في هذا الموضوع، وأعتقد أن المذيع شخص مؤتمن على الهواء، ورغم أنه شريك فإن هذا الحيز تابع في النهاية للمحطة التي يعمل بها .