2013/05/29
البعث ميديا
في سابقة فريدة من نوعها في بلدنا، تقدم مخرج مسلسل سيت كاز زهير أحمد قنوع لنقد عمله أولا ونفسه ثانيا، ليعتذر من جمهوره الذي توقع منه إسلوبا مبدعا في مشاركته الدرامية لهذا العام.
وفند قنوع في رسالة "اعتذار مع سبق الإصرار" التي وجهها للجمهور السوري، الواقع المتردي الذي تعيشه الدراما السورية، وتأثير الظروف السيئة التي تعيشها سورية على حالة الإبداع التي تميزت بها الدراما ونجومها السوريين.. وهذا النص الكامل الذي خطه المخرج زهير أحمد قنوع:
بعد أن شاهدت معظم نتاج الموسم الدرامي السوري , والمصري , والعربي عموماً وحتى العشرين من الشهر الكريم فإنني ومع فخري الكبير بأنني مشارك في دراما هذا العام ( البشع ) بالذات , إلا أنني أود وبصدق أن أقدم اعتذاري كواحد من صناع الدراما السورية عن العديد من الأشياء الشخصية والعامة أذكر منها :
• أعتذر عن تواضع المستوى العام لمسلسل سيت كاز وهو من تأليفي وإخراجي دون أن أدخل بالتفاصيل والأسباب طبعاً ...
• أعتذر من الجمهور أولاً ومعهم نقاد الفن وقبلهم كل زملائي الفنانين والفنيين اللذين ربما يشعرون ببعض الخيبة ...
• أعتذر من كل اللذين توقعوا مني نصاً كوميدياً محكماً غنياً ...
• أعتذر من كل اللذين توقعوا مني أسلوباً إخراجياً مميزاً ...
• أعتذر عن سوء الصورة والصوت على المحطة العارضة لأسباب خارجة عن إرادتنا جميعاً كمعظم الأشياء في واقعنا السوري اليوم للأسف ...
• أعتذر أيضاً عن ظهور عشرات أشرطة العواجل السياسية التي تغطي نصف مساحة الشاشة أثناء عرض المسلسلات على المحطات السورية ... فهناك المهم ... وهناك الأهم ...
• اعتذر أيضاً عن سوء التسويق لأعمالنا لأسباب سياسية وأخرى غير سياسية مع التنويه على نجاح البعض في التسويق و اعتذر عن مواعيد عرض الأعمال دون خطة إعلامية ترويجية لائقة إلا لبعض الأعمال فقط ...
• اعتذر باسم كل مبدع اضطر للعمل ليكسب قوت يومه رغم استغلال معظم شركات الإنتاج للأوضاع العامة لتخفيض الأجور وكسر حالة الرضا عند معظم المبدعين مما سيؤثر على نتاجه طبعاً ... علماً بأن هذه الشركات لم تقدم يوماً مكافئة لأي فنان أو فني عندما حصدت الملايين والملايين من الأرباح ( بأيام اللولو )
• أعتذر ومن كل قلبي عن أننا مضطرون للعمل في ظروف قاسية تدمي القلوب و لا يمكن للإبداع فيها أن يحيى أو أن يستقيم ... ولطالما عمل الكثير الكثير من مبدعينا تحت عنوان ( مضطر ) وأحيي من كل قلبي كل من كتب حرفاً أو أخرج مشهداً أو أدى دوراً أو عمل ساعة في صناعة دراما لهذا العام وأخص بالذكر أولئك اللذين قدموا مستوى متميز قادرين بذلك على تجاوز أزمة وطننا أثناء ساعات العمل والمحافظة على مستواهم المميز رغم آلامهم , الأمر الذي أعترف بأنني فشلت في تحقيقه .
• أعتذر عن تقصيري وتشتت ذهني وضعف تركيزي أثناء كتابتي لمسلسل سيت كاز ربما لأسباب عامة الكل يعرفها وربما لضعف في مخيلتي أو موهبتي ...!!!
• أعتذر عن ظهور التشتت وعدم التركيز على أدائي كمخرج ربما للظروف العامة ذاتها , وربما أيضاً لفقر في قدراتي وموهبتي ...!!!
• أعتذر من كل المشاهدين باسمي واسم كل المبدعين في الدراما السورية سواءً أولئك اللذين وفقهم الله في أعمالهم ولقيت نجاحاً جماهيرياً أو الآخرين اللذين كانت أعمالهم متواضعة , نعتذر عن فرق المستوى التقني والفني الواضح بين أعمالنا والأعمال المصرية وبعض الأعمال العربية , وهو الأمر الذي لا حول لنا ولا قوة فيه ... بل لأن كبريات الشركات في سوريا سواء كانت منتجة أو منتجة تنفيذية لا زالت تتعامل مع العملية الإنتاجية بمبدأ ( خلينا نوفر قد ما بنقدر ) ...
• أعتذر عن غياب المعايير والتقاليد والاحترام مع مزيد من السيطرة للمنتج ومزيد من التبعية من قبله للمحطات المنتجة والعارضة والتي صدقوني تتعامل مع معظم منتجينا كموظفين مطيعين ليس أكثر ...
• أعتذر عن استخدامنا لتقنيات وكاميرات وإمكانيات متواضعة أصبحت بحكم التطور الهائل الحاصل لا تكفي لأكثر من تقرير أخباري أو برنامج متواضع على أبعد تقدير ...
• أعتذر حقاً لأننا لسنا قادرين على منافسة الدراما المصرية ( صاحبة المحطات الوطنية الكثيرة جداً ) بعد أن كنا بمشاركاتنا في الدراما المصرية أولاً ورفع مستوى المسلسل التلفزيوني السوري في الأعوام العشر الأخيرة ثانياً قد شكلنا السبب في عودة خروج العملاق المصري من قمقمه ...فعذراً عن عدم وجود محطات وطنية كثيرة تدعم صناعة الدراما السورية التي لا يمكن لها أن تستمر دون وجود هذا السوق الغائب حتى الآن ...
• أعتذر من كل زملائي اللذين عاتبتهم يوماً على عدم تقديمهم أعمالاً لهذا العام ... ومن زملائي اللذين ابتعدوا لأي سبب كان ..
• أعتذر أخيراً وليس آخراً من بلدي الجريح ,بلدي الحبيب ومرة أخرى من جمهورنا السوري العظيم , وأدعو الله أن تنعم بلدي قريباً بالخير والسلام ... ؟؟؟ وعندها ومع عودة مزاج جمهورنا العظيم المتعب المرهق بالحزن والخوف والحذر القهر والصدمة إلى سابق عهده كمتلقٍ وعاشقٍ للفن والفنانين السوريين ... عندها لن يكون للاعتذار مكان , بل هو فجر إبداع جديد ... ننتظره .