2013/05/29

رومـــانتيـــــــــكا مهنــــد قطيـــــــش.. رحـــــــلــة الألــــف مـــــيـل تبـــــــدأ بـــخطـوة
رومـــانتيـــــــــكا مهنــــد قطيـــــــش.. رحـــــــلــة الألــــف مـــــيـل تبـــــــدأ بـــخطـوة


عمر محمد جمعة – البعث

تــرتكز التيمــة الرئيسية لمسـلسل رومانتيكا الذي تدور حكايته في منتجع "صيّف يا صيف" لصاحـبه المعلم شـفيق "زهير رمضان" على شبكة متداخلة من العلاقات وقصص الحب، الناظم الوحيد للحكاية ومسرحها ردهات المنتجع وشاطئ البحر المحاذي له.

>  فالمسلسل الذي كتبه شادي دويعر وأخرجه مهند قطيش وقام بأداء الأدوار الرئيسيّة فيه عاصم حواط "عزوز" وريم زينو "نورا" وجرجس جبارة "أبو علاء" وصفاء سلطان "نيفين" ومحمد خير الجراح "زوربا" وجيني إسبر "تهاني" وبشار إسماعيل "أبو نورا" ومحمد حداقي "عنتر" ورنا شميس "كوكب" ينتمي إلى الكوميديا الخفيفة التي باتت سمة من سمات الإنتاج الدرامي السوري في حقل الكوميديا خلال السنوات الأخيرة، إذ ينزع معظم الكتّاب والمخرجين إلى تكثيف الحكاية واختزال مقولة العمل ضمن مدة زمنية لاتزيد عن 25 دقيقة، فضلاً عن إيلاء الصورة اهتماماً بالغاً يوسّع من خيارات المشاهدة والتلقي كمعادل بصري للحوار المكتوب واعتمادها على اللمحة الخلاّقة. على أن "رومانتيكا" خرج عمّا قُدّم مؤخراً من أعمال كوميدية وتحرّر من التقليد والتكرار بأن تبنّى قضايا إنسانية أكثر عمقاً من خلال الحكايات الموازية للحكاية الرئيسية، وركّز على العلاقات الاجتماعية بشيء من الجديّة، حتى لكأن النهاية "حلم المعلم شفيق" التي سارت الشخصيات إليها كانت مفجعة حين افترق الجميع ليكتشف كلّ واحد من هذه الشخصيات أن الأحلام الوردية والحب الذي رسم تفصيلاته ومآلاته كان محض سراب وخاصة "عزوز" الذي كانت صدمته كبيرة بحجم الحب الذي انساق خلف غواياته وأوهامه، ولولا النهاية الثانية المحيّرة التي لم يحسّن الكاتب صوغها، وأعاد فيها شخصيات العمل إلى المربع الأول، لكنّا أمام مسلسل مدهش حقّق كل معايير وعوامل الاكتمال والنجاح.

ونزعم أن العلاقة الدائرية غير المكتملة بين شخصيات المسلسل، قد أغنت العمل برمته، وخصوصاً في الحلقات الخمس الأخيرة، حيث ازدادت جرعة التشويق التي افتقرت لها الحلقات الأولى، واستطاع الكاتب أن يقدّم لنا شخصيات مأزومة بالحب المبتور، إضافة إلى طرافة موقف الحب من طرف واحد والمشكلات التي يواجهها العاشق الموهوم، حيث كوكب تحب زوربا وبدوره يحب نورا الهائمة بحب عزوز والذي يتجاهلها ليغازل تهاني الطامحة للوصول إلى قلب المعلم شفيق!!.

ولئن كانت التجربة الإخراجية الأولى تلفزيونياً للفنان مهند قطيش تحمل الكثير من المغامرة والتحدي، إلا أنه استطاع وبعين المخرج المبدع أن يقدّم لنا مسلسلاً ناجحاً إلى حدّ بعيد، وتمكّن من استثمار الفضاء الجغرافي للمكان "منتجع صيف يا صيف" ليدهشنا في بعض المشاهد التي كانت مترعة بالجمالية البصرية العالية ولاسيما تلك المشاهد التي كانت تدور على شاطئ البحر، أو تلك التي كانت تستدعي رصداً دقيقاً لردود أفعال الشخصيات على ما يدور حولها، غير أن ما وقع فيه بعض الفنانين من مبالغات وصلت حدّ التهريج قد أربك الإيقاع العام للمسلسل وأضعف الشخصيات ذاتها فبدت متصنّعة، مقحمة في بعض المشاهد، ففي حين نرى أداء منضبطاً لكلّ من عاصم حواط وجيني إسبر وريم زينو ومحمد خير الجراح، نفاجأ بخروج الفنان زهير رمضان عن الملامح العامة للشخصية (المفروض أنها جديّة ومتوازنة) بحركات غير مبرّرة درامياً كالضحك وهزّ الأكتاف المبالغ به، وإرهاق المتابع والمشاهد بلازمة "الله يرحمك يا أم علاء" وادّعاء البكاء للفنان جرجس جبارة والتي رافقته حتى نهاية المسلسل وأثقلت الشخصية ذاتها، فيما كان لافتاً لجوء صفاء سلطان إلى تقليد أمل عرفة في مسلسل "عيلة خمس نجوم" بطبقة الصوت والضحكة وسرعة الكلام، ونجزم أن ذلك يتحمّل مسؤوليته المخرج الذي ينبغي عليه ضبط الأداء وتقويم وإدارة الممثلين بشكل يخدم الإيقاع العام ويتسق مع أداء بقية الفنانين المشاركين في العمل.

إن ما سبق لا ينتقص أبداً من جهد الكاتب والمخرج اللذين قدّما مسلسلاً هدفه الأول والسامي إمتاع المشاهد وتعزيز مكانة الكوميديا كإحدى مقومات انتشار الدراما السورية عربياً، فشادي دويعر الذي تابعنا له أيضاً مسلسل "أنت هنا" مع المخرج علي ديوب ينبئ بولادة كاتب نستبشر به إبداعاً مختلفاً يضاف إلى المشهد الدرامي في سورية.

وبالقدر ذاته يمكن القول عن تجربة مهند قطيش الأولى تلفزيونياً والتي كــــان فيها متميزاً بحق.. والـــرهان سيكون عليهما كبيراً بعد الخطوة الأولى، فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.