2013/05/29
صهيب عنجريني – السفير
لم يكن استهداف موفدة قناة «الإخبارية» السورية إلى القصير يارا عباس (26 عاماً) بالأمس الحادث الأول من نوعه، ولا يبدو أنه سيكون الأخير. أعلنت القناة النبأ في شريطٍ عاجل قالت فيه إنّ مراسلتها «استشهدت بعدما استهدفها إرهابيون بالقرب من مطار الضبعة شرق القصير». فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «عباس قُتلت إثر إصابتها برصاص قناصة قرب مطار الضبعة، كما أصيب عدد من طاقم القناة».
بثت الإخبارية السورية تقريراً أكدت فيه أن فريقها «تعرّض لكمين عند قرية الضبعة، استشهدت يارا على إثره، وجُرح زميلاها المصوران أسامة ديوب، وبدر عواد». وكانت الزميلة عباس قد أصيبت في الثامن من تشرين الأول الماضي خلال تغطيتها مواجهات مسلحةً في مدينة حلب. وبثّت «الإخباريّة» السوريّة، سلسلة أشرطة، لتقارير أنجزتها عباس بين حلب والقصير.
يندرج استهداف عباس وفريقها الإخباري في خانة «جرائم الحرب» استناداً إلى بيانٍ صدر عن «منظمة العفو الدولية» مطلع أيّار الحالي، وقالت فيه إنّ «الصحافيين الذين يغطون النزاع السوري المستمر منذ أكثر من عامين، باتوا ضحايا استهداف من طرفي الازمة»، وإن «الاعتداءات التي يتعرضون لها جرائم حرب».
سادت مشاعر الحزن والصدمة على تعليقات زملاء عبّاس، ممن عملوا جنباً إلى جنب معها في القصير. وكتبت مراسلة قناة «الميادين» ريمي معلوف على صفحتها على فايسبوك: «تحدثت عنك يارا امام الكاميرا اليوم. قلت إن ابتسامتك رافقتك خلال المعارك. تخيلت اسمي مكان اسمك للحظة. نحن في الخندق نفسه خندق الصورة والخبر... لكن من المحزن ان نصبح نحن الخبر». في حين كتب زميلها في القناة نفسها محمد محسن: «إلى الصحافي الذي يخجل التعزية بالشهيدة يارا لأنها تختلف معه في السياسة، لا بد من كلمة حق واضحة: أنت حاقد، وتشارك القناص في قتل زملائك».
بعض الذين انبروا لتقديم «تبريرات» للحادثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي علّلوها بالقول إنّ «يارا كانت ترتدي لباساً مماثلاً لما يلبسه الشبيحة». وذهب البعض بعيداً في تقديم تحليلات مثيرة للاستغراب حين قالوا إنّه «ليس من المستبعد أن يكون مقاتلو «حزب الله» مسؤولين عن تصفية يارا زيادةً في بثّ الفتنة». كما لم يخفِ آخرون شماتتهم معتبرين أنّ عباس «نالت جزاء تشبيحها الإعلامي».
لا يمكن تناول الخبر بمعزل عن الانتماء المهني، فالطلقة كانت مصوّبةً إلى صحافية، وهي بالتالي مصوّبة إلى المهنة بعمومها، وإلى المراسلين الميدانيين في سوريا بشكل خاص، على اختلاف انتماءاتهم السياسية. ينطبق ذلك على كلّ الصحافيين الذي سقطوا خلال الأزمة السوريّة، وقد بلغ عددهم 23 صحافياً، إضافة إلى 58 ناشطاً إعلامياً وفقاً لتقرير صدر عن منظمة «مراسلون بلا حدود» مطلع الشهر الحالي. لكن، كالعادة تحولت الحادثة إلى ذريعة لمواصلة الرقص على الأشلاء، والمتاجرة بها، مقدمةً دليلاً جديداً على إسقاط الأزمة السورية كل الاعتبارات الإنسانية، بما في ذلك حرمة الموت.