2012/07/04
مِلده شويكاني - البعث
يبدو أن حميمية الحارة الشامية والتلاحم بين الجوار والتعاون بين عضوات الحارة وتألق المرأة الدمشقية وأسرار البيت الكبير وجمالية البحرة والياسمين صور متكررة في أعمال البيئة الشامية..إلا أنها ما زالت تشدّ المشاهدين لمتابعتها دون ملل رغم تشابه أجوائها العامة، فنمضي مع خصوصية كل عمل من حيث المعالجة الدرامية والاستناد إلى مفردات الموروث الشعبي والتراث المادي واللامادي ورؤية المخرج والموسيقا التصويرية، ويشهد موسم دراما 2011 تنوعاً في أعمال البيئة (رجال العزّ- الزعيم- الدبورج2-طالع الفضة) ومنذ الحلقات الأولى لرجال العزّ لاحظنا أنه عمل مختلف، إذ تمكن المخرج المبدع علاء الدين كوكش من توظيف درامي محكم لمقولات العمل والأحداث المتشابكة، التي خطها السيناريست الشاب طلال مارديني حول حكاية البيت الدمشقي وأحجاره وأقواسه مستمدة من الأحداث التاريخية لحقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، أهمها النضال ضد الفرنسيين، يحكي العمل عن أهل الشام والقيم النبيلة السائدة آنذاك والمقاومة، تتقاطع هذه السمات مع الظلم والغدر والحب، تدور الأحداث في «حارة اللوز» في القيمرية حول شخصية الزعيم (نوري) التي جسدها لأول مرة النجم رشيد عساف الذي غاب عن الدراما السورية سنوات طويلة يعود ليتواصل مع جمهوره، ويقدم هذه الشخصية بكاركتر مختلف من حيث الشكل والسلوكيات، إذ أظهر المخرج الجوانب الإنسانية الكامنة في أعماقه واشتغل عليها كسمة أساسية من سمات شخصية الزعيم البعيد عن السطوة، والذي يتعامل مع عضوات الحارة بروح الأخوة ويعمل على حلّ النزاعات بطرق ودية، في حين تتألق نجمة الأعمال الشامية الفنانة الكبيرة منى واصف بحضورها الآسر وأدائها اللافت لتكون أم الزعيم (أم نوري) وتصور واقع المرأة الدمشقية التي تدير منزلها بحب وتحيط أولادها بالحنان وتتحدى كل الصعاب وتساند نساء حارتها، وتجسد أيضاً اشتراك المرأة في الدفاع عن حارتها ووقوفها بجانب الرجل في وجه الفرنسيين بصورة مغايرة للمشَاهِد التي رأيناها في نضال أم جوزيف إحدى الشخصيات الرئيسية في مسلسل باب الحارة، وتتصاعد الأحداث لينشأ صراع بين نوري الذي تم تنصيبه من قبل رجال حارة اللوز بعد مقتل عمه(أبو شكري).. جسد دوره الفنان الكبير أسعد فضة، وشكري ابن عمه الذي لايتحلى بأخلاقيات الزعيم والذي يثير أعمال شغب وتخريب في الحارة منها حرق فرن الزعيم، وفي الطرف الآخر يُظلم عبود الشامي(قصي خولي) من قبل حارة اللوز ويُتهم بمقتل(أبو شكري) ويصبح مطارداً من قبل الفرنسيين
.
يتقاطع السرد الحكائي للعمل مع صراع بين أم نوري وأم ياسين(نادين) خالة عبود الشامي التي تشعر بالظلم من قبل حارتها، وقصة حب بين فطمة أخت الزعيم (ميسون أبو أسعد) وياسين(ميلاد يوسف) الشاب الذي يمثل تيار المثقفين ويتبنى مشروع إقامة مدرسة لتعليم الأطفال، ليقضي هذا الحب على حب آخر بعد أن ترفض فطمة الزواج من يونس شقيق شفيقة التي يحبها فارس الأخ الأصغر للزعيم فيرفض طلبه للزواج منها
.
المحور الثاني الذي تدور حوله مقولة العمل هو نبذ كل الخلافات الشخصية والتوحد لمحاربة الفرنسيين وتحرير بلدنا.. من خلال التعاون بين الزعيم نوري وزعماء الحارات الأخرى وجهود الشباب الذين يغامرون لتسليم السلاح ليلاً للمناضلين في الغوطة ومن ثم اشتباك المعارك.
بالتأكيد ستشهد الحلقات الأخيرة تطوراً على صعيد الصراع بين شكري ونوري واشتراك المرأة بالمقاومة والمعارك ضد الفرنسيين.
يترقب المتابع مصير شخصيات رجال العزّ في حلقاته الأخيرة، العمل الذي نجح بإيجاد مقاربة مع الحارة الدمشقية بأحداث متماسكة وحبكة محكمة بعيدة عن الدخول بمسارات تفاصيل تبعدنا عن المحاور الأساسية للعمل، وهي شخصية الزعيم والنضال ضد الفرنسيين، كما نجح في إسقاطات قريبة من واقعنا..
ضم العمل نجوم الدراما السورية (أسعد فضة- عبد الرحمن آل رشي-هدى شعراوي- نادين- صالح الحايك- أحمد مللي- إياد أبو الشامات).