راسل كرو لـ«الحياة»: السينما فن ومسؤولية لا نجومية فارغة
نبيل مسعد – الحياة
راسل كرو هو من أحب نجوم هوليوود إلى قلب الجمهور السينمائي، وذلك منذ أن أدى بطولة فيلم «غلادياتور» من إخراج ريدلي سكوت في العام 2000. فالرجل يتمتع أولاً بمظهر وسيم جذاب يلفت انتباه النساء، ثم بخفة روح على رغم ملامحه القاسية إلى حد ما، إضافة إلى موهبة فذة تسمح له بممارسة الدراما والكوميديا والرومانسية والمغامرات، بالمستوى الرفيع نفسه من الجودة في الأداء.
حصد راسل كرو جوائز عدة خلال مسيرته الفنية، أبرزها أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم «غلادياتور» المذكور، كما أدى شخصية أمير اللصوص في فيلم «روبين هود» مشاركاً مرة جديدة في فيلم لريدلي سكوت، و «سنة حلوة» للسينمائي نفسه مرة ثالثة حيث تقاسم البطولة مع الفنانة الفرنسية ماريون كوتيار. وفي فيلم «البؤساء» الاستعراضي للسينمائي توم هوبر، والنازل حديثاً الى الصالات، يؤدي كرو دور الشرطي القاسي جافير مضيفاً إلى الأداء الدرامي قدرة غنائية كبيرة جلبت له تقدير النقاد.
جاء كرو الى باريس للترويج لفيلمه الجديد «مدينة مكسورة» من اخراج ألين هيوز الذي يتقاسم بطولته مع كاترين زيتا جونز ومارك والبرغ، فالتقته «الحياة» وحادثته.
في فيلمك الجديد «مدينة مكسورة» تؤدي شخصية عمدة مدينة نيويورك، وهو في إطار هذا السيناريو إنسان مرتشٍ وفاسد إلى أبعد حد. هل تعتقد بأن الحبكة تستوحي من واقع ما؟
- هل تقصد أن عمدة نيويورك يتصرف مثلما تفعله الشخصية التي أؤديها أنا في الفيلم؟ لا هذا أمر غير وارد وسيناريو الفيلم عبارة عن خيال بخيال ولا يدور في زمن محدد، الأمر الذي لا يعني أن ليس هناك في الحقيقة وفي مدن ما أشخاص من ذوي السلطة يتصرفون على مثل هذا النحو. لكن الفيلم لا يستوحي بالمرة من أحداث واقعية معروفة.
هل أعجبك تمثيل شخصية سلبية إلى هذا الحد؟
- نعم، فأنا استمتعت جداً بأداء دور هذا الرجل الذي لا يعير أدنى أهمية لحياته العائلية ولا لعنصر الشرف ولا لأي شيء بالمرة في حياته سوى كسب المال وتسلق سلّم النفوذ أكثر وأكثر. لقد أديت الدور في شكل أقوى بالمقارنة مع نص السيناريو حيث كان المؤلف قد أعاره بعض المشاعر وإن كانت قليلة، بينما جردته أنا كلياً منها وحولته إلى وحش مفترس يهدد رئيس الشرطة في اللحظة التي يلقي الأخير القبض عليه في نهاية الفيلم.
لماذا فعلت ذلك؟
- وجدت الشخصية أكثر إثارة بهذه الطريقة، وأردت أن أغذي لدى المتفرجين روح الكراهية تجاه هذا الرجل فلا يستطيع المشاهد العثور على أي مبرر لتفسير التصرفات البغيضة للعمدة. وأنا مسرور بالنتيجة النهائية للفيلم ولشخصيتي فيه وأتمنى أن يشاركني الجمهور إحساسي.
أنت تغني في فيلم «البؤساء» الموسيقي المستوحى من المسرحية الاستعراضية المعروضة في لندن ونيويورك منذ ثلاثين سنة والمأخوذة بدورها عن رواية فيكتور هوغو الشهيرة، ويقال إنك غير مدبلج، فهل تعلمت الغناء خصيصاً من أجل هذا الدور؟
- أنا كنت ملماً بأصول الغناء والفنون الاستعراضية عموماً، لكن في شكل خفيف وسطحي، لذلك كان من الضروري أن أتدرب على الغناء بطريقة جدية لمصلحة دور الشرطي جافير الذي عرض عليّ في فيلم «البؤساء». وبالفعل عملت مع مدرب محترف حوالى عشر ساعات يومياً لمدة ثلاثة أسابيع حتى أصبح مغنياً محترفاً نظراً الى ان الشركة المنتجة لم تمنحني أكثر من هذه الفترة القصيرة للتدريب، علماً أن كل شيء في شأن تحضير هذا الفيلم تم إنجازه بسرعة غير عادية بسبب تقديم موعد التصوير الأصلي لظروف قيل لنا إنها كانت خارجة عن إرادة المنتجين.
وجاءت النتيجة مجزية، فهل أنت فخور بنفسك؟
- كلياً، أنا فخور وسعيد بما أنجزته في أسابيع قليلة، وقد تلقيت تهنئة الكثيرين من الذين شاهدوا الفيلم.
هل حدث الأمر نفسه بالنسبة الى كل من آن هاثاواي وهيو جاكمان؟
- نعم في ما يخص هاثاواي، بينما كان جاكمان يجيد الغناء في الأساس على رغم قلة تأديته في أدواره السينمائية. وأحلى شيء هو كون آن هاثاواي فازت بأوسكار أفضل ممثلة في دور ثان في عمل استعراضي.
هل كنت قد شاهدت المسرحية الاستعراضية «البؤساء» أساساً؟
- نعم، مثل 60 مليون شخص في العالم طبقاً للإحصاءات. وكنت أعرف أغنياتها عن ظهر قلب أيضاً، مثل غيري من الذين حضروا العرض هنا وهناك، لكن من دون أن يكون ذلك بأسلوب فني.
ما كان شعورك عندما تلقيت العرض بأداء شخصية الشرطي الصارم جافير؟
- شعرت بالفرح ولم أصدق ما الذي كان يحدث لي، إذ إن شخصية جافير من أقوى وأجمل الأدوار التي يمكن أي ممثل أن يحلم بلعبه. وفي الوقت نفسه انتابني الخوف لأن جافير يردد أحلى أغنيات الفيلم وأقواها، مثلما كان الوضع في المسرحية أساساً. وتغير الوضع بعدما تعلمت الغناء، مثلما ذكرت، وصرت قادراً على أداء الدور وأغنياته المختلفة.
بروس لي
حدثنا عن فيلم «الرجل ذو القبضة الحديدية» النازل حديثاً من بطولتك؟
- الفيلم يحكي قصة صينية بحتة، وهو صور كلياً في مدينة شنغهاي ومدن صغيرة قريبة منها، وأنا أقارن هذا العمل بالأفلام التي كان يؤدي بطولتها الراحل بروس لي في أيامه، وأقصد المبنية على الألعاب الرياضية الآسيوية والمعارك العنيفة التي تستمد حركاتها وأسلوبها من التراث الصيني في شكل خاص. ويروي الفيلم كيف تساهم مجموعة من الفرسان الشجعان في تخليص قرية من طغيان عصابة أشرار تنهب سكانها وثرواتها.
لماذا اللجوء إذاً إلى ممثل أسترالي هوليوودي هو أنت بدلاً من نجم صيني لتمثيل بطولة هذا الفيلم؟
- سألت نفسي هذا السؤال مرات عدة، لكنني لم أوجهه مرة واحدة إلى مخرج الفيلم أو إلى منتجيه، لأنني أردت فعلاً أن أحتفظ بدوري فيه. أعتقد بأن السيناريو بنى حبكته منذ الأساس حول قدوم مقاتل أجنبي إلى القرية للدفاع عن أهلها.
من هو نجمك السينمائي المفضل في شكل عام؟
- دانيال كريغ لأنه أفضل من أدى شخصية جيمس بوند حتى يومنا هذا، وأنا من أشد المعجبين بأفلام العميل السري بوند.
هل فكرت في تقمص هذه الشخصية في يوم ما؟
- نعم، حلمت بهذا الشيء مثل أي ممثل، لكنني لم أتلق العرض بتمثيل الدور أبداً، وأدرك السبب عندما أرى كريغ فوق الشاشة.
لقد منحك السينمائي ريدلي سكوت بطولة فيلم «غلادياتور»، أي الفيلم الذي حولك نجماً عالمياً. هل توقعت مثل هذا النجاح في أول الأمر؟
- لم أفكر في النجومية عندما وافقت على المشاركة في فيلم «غلادياتور»، فكل ما كان يهمني في ذلك الحين هو حسن الاستعداد لمثل هذا الدور الصعب الذي تطلب ستة شهور كاملة من التدريب الجسماني الرياضي على المشاجرة والامساك بالسلاح والمبارزة . لقد وضعت ثقتي الكاملة في المخرج الكبير ريدلي سكوت وتركت العنان لخيالي حتى أدرك معالم شخصيتي السينمائية مثلما رسمها هو في الأساس. لقد أنجزنا عملاً مشتركاً مبنياً على الدقة والروح المهنية العالية، بمشاركة جميع أفراد الفريق، من ممثلين وتقنيين، وهذا ما صنع رواج الفيلم في ما بعد. أما النجومية، فإذا فكر فيها المرء منذ بداية مشاركته في مشروع فني ما، فهي لا تحدث أبداً، لسبب بسيط هو فشل هذا المشروع. إن الطاقة الفردية والجماعية يجب ألا تتركز في الطموح الخاص بالسطحيات بل بالعمل في حد ذاته وبمشقاته والمسؤولية التي يفرضها على كل من يساهم في إنجازه. فالسينما هي قبل كل شيء فن ومسؤولية لا نجومية فارغة.
لقد سعدت جداً في ما بعد إثر النجاح العالمي الذي عرفه الفيلم والذي ترك بصماته على مشواري الفني الشخصي، لكن كل شيء لا بد من أن يحدث في أوانه في هذه الحياة وإلا فسدت الأمور.
هل توقعت عندما مثلت أمام ماريون كوتيار في فرنسا في فيلم «سنة حلوة» أنها كانت ستتحول في ما بعد نجمة هوليوودية من الدرجة الأولى؟
- نعم لأنني أتمتع بحاسة شم قوية، خصوصاً في ميدان المواهب الفنية. لقد أدركت منذ أن مثلنا المشهد الأول من الفيلم معاً أنني كنت أمام فنانة قديرة، لكن أيضاً إمرأة قوية ذات إرادة صلبة تعرف ماذا تريد وكيف تحصل على رغباتها في الحياة. وعلى العموم، فقد اختارها ريدلي سكوت من أجل أن تشاركني البطولة في وسط أكثر من 500 ممثلة فرنسية خضعن للاختبار، وهذا وحده أكبر دليل على أنها تتميز بشيء يلفت الانتباه.