2012/07/04
خاص بوسطة- رامي باره
الشعبية والاقتراب من الجمهور العام، هي الفكرة التي توقف عندها النقاد في توضيح رؤيتهم، سواء الإيجابية أم السلبية، عن مسرحية «راجعين» التي اقتبسها وأخرجها الفنان "أيمن زيدان" عن نص للراحل الجزائري "الطاهر وطار".
فإن اعتبر البعض أن شعبية العمل ساهمت في الاقتراب من الجمهور العريض، وناقَضَهم الآخرون باعتبارهم أن هذه البساطة، بكثرة الدبكات والرقصات والأغاني، لم تجعل العمل يرتقي إلى مستوى العرض المسرحي، وسواء ناصرنا المؤيدين لشعبية المسرحية، أو وقفنا إلى جانب القائلين بسطحية العرض، فمن الواضح أن فكرة العمل هي التي حملت أيمن زيدان إلى إخراج المسرحية ومعالجتها بتلك الطريقة.
فإن كان السؤال الافتراضي بموقف الناس من عودة الشهداء إلى مجتمعهم، الذي أُطلق في نص "الطاهر وطار"، والذي كان عنوانه «الشهداء يعودون في هذا الأسبوع»، ذا قيمة بعد الحرب الجزائرية التي راح ضحيتها أكثر من مليون شهيد، فإننا نسأل اليوم عن قيمة هذا السؤال عندما يحوَّر العرض ليكون عن حرب 1973 خاصةً بعد مرور أكثر من خمسة وعشرون عاماً على نصر تشرين.
(تكريم الشهداء وإحياء ذكراهم، أو التفكير التخيلي بعودتهم والمشاكل الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي ستنتج عن تلك العودة).. هذه العناوين مجتمعة، وإن حملت بعض الفنتازيا في فكرة عودة الموتى، لكنها، شئنا أم أبينا، لم تخرج عن إطار المواضيع المكررة والمطروقة والمعالَجة بأسلوب فجّ، وكأن غياب فكرة عرض جيد، دفعت المخرجين للبحث في أوراقهم القديمة، ونبش مواضيع أخلاقية مستهلكة ومحاولة نفض الغبار عنها وبث الروح فيها من جديد.
أيمن زيدان اجتهد في تعشيق فكرة المسرحية بالتفاصيل الحياتية من الريف السوري، بحيث تماشت تلك التفاصيل في إيقاع متوازٍ مدروس مع فكرة العرض الأساسية، والتي جسدها والد الشهيد (محمد حداقي) الذي نادى بعودة ابنه وبقية الشهداء خلال الأيام القادمة، ليلتقي الخطان في الجزء الأخير من المسرحية، وليقدم العرض مجموعةً من الانتقادات السياسية والاجتماعية بوقوف تلك التفاصيل مجتمعة بوجه والد الشهيد الذي بشّر بعودة الشهداء.
امتاز العرض بالموسيقى الحية على المسرح، مما زاد في التفاعل والإحساس بين الموسيقى والممثلين والجمهور على الرغم من عدم وجود أي تبرير درامي لظهور الموسيقيين على الخشبة. وأُعجب الحضور بصوت الممثل التلفزيوني الذي وقف للمرة الأولى على مسرح الحمراء الفنان "وائل وهبة"، والذي قدم باقةً من الأغاني التي أُطلقت في السبعينيات احتفالاً بانتصارات تشرين، ولكنها، على الرغم من جمالياتها، أثقلت العرض منذ البداية، خاصةً بعد تكرير بعضها أكثر من مرة خلال العرض.
لا يمكننا أن نتجاهل الإيجابية في حيوية العرض، وتنوع شخصياته، وطريقة معالجته لبعض العادات الريفية، ولكن عودة العملاق أيمن زيدان "تحديداً" إلى الخشبة بعد غياب دام ثلاث سنوات، جعل عشاق المسرح ينتظرون لحظة بريقٍ ملفتة في العرض، لكنها لم تظهر حتى نهاية المسرحية، عندما خرج زيدان نفسه وحيّى الجمهور ليرتفع التصفيق بحرارة أكبر من أية حرارة رافقت تصفيق الجمهور لأي جزء من أجزاء العرض الأخرى.
ومهما كان رأينا تجاه العرض علينا أن نتذكر بأن زيدان أجبر الجمهور على العودة إلى المسرح بعودته إليه، لتمتلئ مقاعد مسرح الحمراء كباراً وصغاراً في اليوم الأخير من أيام العرض.
بطاقة المسرحية:
"راجعين" اقتباس وإخراج: أيمن زيدان
الممثلون: محمد حداقي- أدهم مرشد- لمى الحكيم- حازم زيدان- زهير عبد الكريم- وائل وهبة- أويس مخللاتي- علاء قاسم- أيمن عبد السلام- خوشناف ظاظا
مخرج مساعد: منصور نصر
تصميم وديكور: محمود الحلبي
موسيقى: عدنان فتح الله- عامر دهبر- ربيع عزام.