2013/05/29
ليندا حمود – تشرين
عندما يذكر اسم هشام شربتجي لابدّ من أن نتذكر أعماله ذات الجماهيرية الواسعة، ولاسيما أعماله الكوميدية التي تعد من أشهر وأنجح الأعمال الكوميدية السورية، فـ(يوميات مدير عام) الجزء الأول1995، إضافة إلى أعمال (عيلة النجوم)، (جميل وهناء)،
كلها أعمال رسخت في الذاكرة ونجحت بسبب بساطتها وتلقائيتها رغم تعرضها في البداية للهجوم على أنها أعمال سطحية، إلا أن الجمهور العريض الذي أحبها هو الذي أعطاها شهادة النجاح.
إن هذه الأعمال وغيرها من المسلسلات الكوميدية السلسة والممتعة جعلته يحوز لقب عراب الكوميديا السورية بامتياز، فمن يتابع ماقدمه صاحب «أسرار المدينة» عبر مسيرته الفنية الطويلة يرى أن أعماله دائماً كانت سباقة إلى إبداع الشكل الفني، إذ تتميز بالأفكار الجديدة فقد كانت دائماً أشكالاً فنيةً جديدةً ومبتكرة، فكل مرة كانت تفتح أبواباً رحبة على عوالم درامية ساحرة، فيدخل بعده الآخرون قاصدين التنعّم بنجاح أفكاره الخلاقة، فينجح من ينجح ويخيب من يخيب.
لقد بدأ صاحب «أيامنا الحلوة» مسيرته الفنية بالعمل السوري الكوميدي (مرايا) مع الفنان ياسر العظمة، «مرايا» التي تعدّ من أهم وأنجح الأعمال الكوميدية السورية، والتي مازالت مستمرة وناجحة حتى اليوم، فالشكل الفني لهذه السلسلة اعتمد على الحلقات المنفصلة، المتصلة، متخذاً طابع اللوحات الكوميدية الناقدة، لتفتح الباب واسعاً فيما بعد لأكثر من عمل درامي سوري اتخذ من هذا الشكل أسلوباً له، فكان من أشهر هذه الأعمال سلسلة (بقعة ضوء) التي تعد اليوم من أهم الأعمال الكوميدية.
إن عدّ شربتجي أباً للكوميديا السورية فقط هو ظلم لمسيرته الفنية الطويلة والتجديدية، فلم يكن الرجل أباً للكوميديا فحسب؛ بل هو شيخ المخرجين السوريين بجدارة؛ فأعماله الاجتماعية التي حققها تميزت بنكهة مختلفة عن السائد؛ نكهة خاصة به وحده، فشربتجي أول من دخل بكاميرته إلى مناطق العشوائيات والمخالفات العمرانية، فقدم لنا أعمالاً درامية عن أناسٍ حقيقيين ينتمون إلى هذه المناطق التي كانت منسية ومهمشة من قبل المسلسل التلفزيوني العربي، حتى صارت موضة متبعة لاحقاً بسبب ماحققته من نجاح جماهيري ومتابعة واسعة.
استطاع شربتجي أن يحقق للدراما السورية سبقاً في طروحات فنية مهمة ولافتة كان أبرزها مسلسله (أيامنا الحلوة) 2003 والذي كان من أوائل الأعمال الدرامية التي سلّطت الضوء على الحارات الشعبية في أحد الأحياء العشوائية التي نمت وانتشرت بكثرة في محيط دمشق، وسرعان ما تلقفتها شركات الانتاج، واستنسخت منها أعمالاً استهلكت فيها هذه الحارات فقدمت أعمالا ناجحة وأخرى كانت لمجرد الربح التجاري.
حتى مسلسلات «الصبايا» التي درجت في الآونة الأخيرة أيضاً، والتي اعتمدت على البطولة النسائية الشابة كان شيخ المخرجين شربتجي من أوائل من أخرج هذا النمط من الدراما التي اتخذت من المرأة موضوعاً لها، فمن خلال مسلسله (بنات أكريكوز) عام 2003 الذي لاقى نجاحاً لا بأس فيه شكّل البداية لهذه النوعية من المسلسلات، بل فتح المجال لمسلسلات قادمة فتتالت هذه النوعية من الأعمال، ولاسيما في الفترة الأخيرة كمسلسل «صبايا» بأجزائه الأربعة ومسلسل «بنات العيلة» وغيرهما.
هذا هو هشام شربتجي الرائد والجميل، والاسم السوري المضيء في سماء الدراما السورية، الفنان الذي قدم أعمالاً فنية أثارت الجدل والنقاش حولها وفتحت الطريق لأنواع درامية جديدة ومتنوعة، فصاحب «يوميات مدير عام» هو أبو الكوميديا وشيخ التراجيديا، وصاحب البصمة المتميزة على دراما كان لها زمنها الجميل ما قبل زمن سطوة المال النفطي، إنه هو الذي قدم عمله الجريء «المفتاح» في الموسم الدرامي الماضي، فاضحاً الفساد الإداري والقضائي في أجهزة الدولة، رافعاً الصوت في وجه البشاعة العمومية وتجار الدم على اختلاف مناصبهم ومشاربهم.