2015/11/05
السفير - رامي كوسا
نشرت صفحة على «فايسبوك» منسوبة لعضو مجلس الشعب السوري أحمد شلاش وتحمل اسمه، وتحظى بمتابعة أكثر من عشرين ألف مستخدم، تدوينةً كُتب فيها «في آخر جلسة للبرلمان عرض مشروع قانون يحظر على الفنانين السوريين دبلجة المسلسلات التركية وتجريم هذا العمل تحت طائلة الطرد من نقابة الفنانين، البارحة تم التصويت على مشروع القانون بالأغلبية المطلقة، يلي بدو يبيع مسلسلات تركية يبيع بأرمينيا أو أذربيجان مو عنا عمي، كرتن عنا انحرق، وخلي الأتراك يقلعوا شوكن بايدن، تخيلوا معي الكساد الدرامي للمسلسلات التركيّة في عالمنا العربي بعد هذه المبادرة، أحبتي للحرب ألوان عدّة».
وكعادتها، ومن دون أن تكلّف نفسها عناء التحقّق من درجة مصداقية الخبر، سارعت عدّة صفحات ترصد يوميّات الأزمة السورية إلى تناقل الخبر، فصار حديث وسائل الإعلام العربية. وضمن سياق النتائج علت أصواتُ طيفٍ من العاملين في حقل الدبلجة (التمثيل، الترجمة، الإعداد) اعتراضاً على القرار المفترض، تخوّفاً من أن يؤدّي إلى تدميرِ سوقٍ حيويّ، تعتاش من عائداته أكثر من ألف عائلة سورية. كما تخوّف آخرون من الشروط الجزائية التي سوف تدفع بموجبها شركات الدبلجة المحليّة مبالغ مهولةً للفضائيات العربية المتعاقدة معها.
في اتصالٍ مع «السفير» أكد البرلماني السوري أحمد شلاش أنْ الصّفحة الّتي نشرت التدوينة مزوّرة، وأن القرار المذكور لم يُبحث في البرلمان أصلاً حتّى يتمّ التصويت عليه.
تلك الحادثة ليست إلّا غيضاً من فيضِ الفوضى الإعلامية المنتشرة اليوم، والّتي صارت «صناعة الخبر» بموجبها متاحةً لكلّ من امتلكَ صفحةً على السوشيال ميديا. بعض هذه المنابر يتجاوز عدد المعجبين به عتبة نصف المليون متابع. هؤلاء بدورهم يشكّلون منابرَ مضافة لنشر الأخبار والمعلومات الّتي يمكن أن تكون كاذبةً أو مغلوطةً أو غير دقيقةٍ في احتمالاتٍ كثيرة.
وإذا كانت ردود الأفعال على شائعة من نوع إيقاف العمل بدبلجة الأعمال التركية في سوريا قد انحصرت بحزمةٍ ضيّقةٍ من العاملين في هذا المجال، فإنّ تكرار الحادثة مع استعمالِ خبرٍ وازنٍ يتعلّق بحدثٍ عسكريّ أو قضيّة تخصّ أمن البلاد هو أمرٌ من شأنه أن يخلق تشويشاً في الرّأي العام يمكن أن يُفرز نتائج كارثية على أكثر من صعيد. ذلك ما يعيد إلى الواجهة أزمة البحث عن أسس لتحديد مصداقيّة شبكات الأخبار والصفحات المدارة عشوائياً من قبل أشخاصٍ يفتقر أغلبهم لألفباء المهنيّة والأصول المعمول بها في حقل الإعلام.
بالعودةِ إلى أكذوبةِ منع دبلجة الأعمال التركية في سوريا، يبدو أنّ مجلس الشعب استطاع أن يسجّل سابقةً مرحليّة بخروجه من اتهامٍ شعبيّ وُجّه له. فالعادة الجارية أثبتت أنّ سقطات المجلس وسوء أدائه وعدم انسجام نتائج عمله مع متطلّبات المرحلة، فاقت توقّعات أكثر الناس تشاؤماً بفعالية هذه المؤسّسة. وبعبارةٍ أخرى، يجدر بالقائمين على المجلس أن يسألوا أنفسهم عن السّبب الّذي يدفع النّاس إلى تصديق كلّ شائعة سلبيّة يُمكن أن تثار حول رداءة عمل البرلمان