2013/05/29

دمــوع غســــان مســـعود
دمــوع غســــان مســـعود


سامر محمد اسماعيل – السفير

«أين ستحمل أبناءك وزوجتك يا غسان في هذه اللحظة الجحيمية من تاريخ سورية؟»، سؤال طرحه المسرحي العراقي جواد الأسدي على الفنان غسان مسعود، وكان كافياً ليفقده هدوءه المعهود في اللقاءات التلفزيونية.

سؤال كان كافياً ليجعل من بطل فيلم «مملكة السماء» طفلاً يختنق بغصصه المريرة أمام كاميرا برنامج «بيت القصيد»، مساء الثلاثاء الماضي، على شاشة «الميادين»، ليتدخل زاهي وهبي موقفاً الحوار.

لكنّ سؤال الأسدي لرفيقه الذي اشتغل معه دور «إيفان» في مسرحية تشيخوف الشهيرة «تقاسيم على العنبر»، لم يخرج مسعود طويلاً عن رصانته وإجاباته الأكاديمية المتوازنة.

لكنّه كان دليلاً على ذلك الشعور التراجيدي الذي يحمله أمام أزمة بلاده، والتي تبدو كنوع متفوق من المآسي الملحمية التي لم يفكر مسعود يوماً أنّه سيشهق لها في حوار تلفزيوني، بعدما جسّد أصعب الشخصيات المسرحية. اكتفى هذه المرة بوضع يديه على وجهه، لتخرج كلمات هذا الفنان مخنوقةً: «أرجوك ما بدي أحكي عن سوريا».

يتمالك مسعود نفسه ثم يعلّق: «لا حل للأزمة من دون أن يجلس السوريون وجهاً لوجه على طاولة الحوار، وليأخذ الصراع السياسي بينهم أقصى مدى، فالمواطن السوري لا يمكن أن يتحوّل إلى حقيبة سفر، هذا صعب وغير إنساني».

هكذا يسجل «بيت القصيد» حلقةً مميزة بعد حلقات عدة لافتة قدمها الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي، فالبرنامج يخرج تلقائياً من نموذج «خليك بالبيت» البرنامج الذي قدمه وهبي لسنوات على شاشة تلفزيون «المستقبل»، ليفتح الأبواب مشرعةً على نوعية خاصة من البرامج الحوارية الغنية بأفكارها وأسئلتها وعمقها في تناولها لمفهوم الالتزام في الفن والثقافة والأدب.

وفي الحلقة، تحدّث مسعود عن سبب صمته عمّا يحدث في وطنه الآن، مستعيراً تعريفاً للمثقف أطلقه نعوم تشومسكي: «المثقف هو من يجسّر الهوة بين السلطة والناس وليس من يزيدها اتساعاً»، ويضيف: «سوريا تاريخ عشرة آلاف سنة من الحضارات، ومن المهين أن نصنف أبناءها إلى شبيحة ومندسين».

ليبقى «وحيد الجلالي» من جديد في مواجهة مع جمهور عريض، لا يفهم إلا لغة الأبيض والأسود، وتحديداً جمهور المعارضة الذي لا يقبل الصمت ولا الدموع بديلاً عن المطالبة بتدخلٍ خارجي فوري.. وبضربة جويّة قاضية.