2012/07/04
نور الموسى- جريدة تشرين أطل الفنان القدير دريد لحام عبر شاشة قناة الدنيا في برنامج منا وفينا بحديث متنوع جمع فيه تاريخه الفني المشرف وحاضره الفني، ومركزاً على عدة نقاط كان من أبرزها مشروع إعادة إحياء شخصية غوار بالتعاون مع الكاتب مازن طه، وقد بدت عليه معالم القلق والخوف الإبداعي من هذه الشخصية الجديدة وردة فعل الناس حولها حيث صرح قائلاً: إن مشروع إعادة شخصية غوار مازال قيد الكتابة ولكن ليس «غوار» الذي كان من قبل وإنما برؤية جديدة تناسب عمري وشكلي الحالي لذلك أتمنى من الناس عندما يشاهدون هذا العمل ألا يقارنوه بغوار السابق، فإذا قارنوه به بالتأكيد سوف يسقط العمل ولن يرى النور حينها، فبعض الناس من شدة تعلقهم بالشخصية يريدونها دائماً كما شاهدوها للمرة الأولى حتى شكلها لا يريدون ان يتغير. أما عن مشاركة الفنان دريد في كتابة هذا العمل مع الأستاذ مازن طه، حيث اعتدنا عليه في كثير من الأعمال أن يكون مشاركاً لأعماله من أيام الماغوط ونهاد قلعي إلى الآن: فنوه عن هذا الموضوع قائلاً: أنا لم أشارك بالكتابة ولكن من الممكن وبعد أن ينتهي العمل أن أضيف أو أشارك ببعض الآراء التي تجوّد العمل أكثر. وأما النقطة الثانية فدارت حول شخصية «أبو الهنا» التي أثارت جدلاً كبيراً وتعددت الآراء حولها وكثرت الفئات التي لم تتقبل تلك الشخصية من دريد لحام في أثناء عرضها أول مرة.. إلا أن لهذه الشخصية مكانة عريقة ومهمة أكثر من شخصية غوار للفنان دريد لحام، كون شخصية «أبو الهنا» تعبر عن واقع المواطن العربي المهزوم بينما شخصية غوار كانت قوية ونمرودة بحد قوله وهذا ما لمسناه في أعمال الأستاذ دريد لحام حيث كان دائماً همه الوحيد وهاجسه في كل ما قدمه هموم المواطن ومشكلاته وحبه للأطفال ولبلده، فكشف عن هذا الموضوع وحقيقة الأمر قائلاً: إن الجمهور يحب دائماً أن يشاهد صعلوكاً يتغلب على من هو أقوى منه، وضعيف يتغلب على قوي وهذا ما حصل في غوار إنما أبو الهنا فقد شاهدنا به العكس ونحن إذا تجولنا في الطرقات سوف نرى أكثر من مئة أبي الهنا، ولكن لا نشاهد شخصية غوار لذلك فإن شخصية «أبو الهنا» تعد أكثر شمولية، وأنا أحس بأن بها صدقاً وواقعاً أما شخصية غوار فهي تمثيل. وحول تركيز الفنان دريد لحام على وجود السياسة دائماً في أعماله المسرحية والسينمائية وفي التلفزيون أيضاً فقد تحدث بكل أريحية وفخر عن الشعار الذي اعتمدوه على المسارح وهو أن لا رقابة على الفكر إلا رقابة الضمير، وهذا القول كان للسيد الرئيس حافظ الأسد- رحمه الله - أثناء حضوره لمسرح الشوك، فبدا الفنان دريد لحام فخوراً بتلك الثقة التي منحهم إياها سيادة الرئيس أثناء ما كان وزيراً للدفاع فقال: لقد وضعنا هذه المقولة على المسارح وتعلقنا بها وفهمنا انه لا احد يعطينا الحرية وإنما نحن من نخطفها، مع العلم أننا كنا خائفين من مبادرتنا لمسرح الشوك الذي ابتدأ فيه الفنان عمر حجو وكان هو صاحب تلك الفكرة، وجاءت هذه المسرحية بعد هزيمة الـ1967م – حين بدأت الأنظمة تتبارى بتبرير الهزيمة فابتدأنا بهزيمة ومن ثم قالوا إنها نكسة وفيما بعد أصبحت انتصاراً وهذا ما بدا لهم حين أخفقت إسرائيل بإسقاط الأنظمة الموجودة. وفي هذه الأثناء كنا نحن كفنانين متعطشين لكي تكون لنا كلمة أو توعية او صرخة لنعبر بها اننا لسنا بخائفين، فاخترعنا شيئاً يدعى (مهرجان دمشق المسرحي) في عام 1969م – وكنا قد حضرنا عملاً (جريئاً) ولكن كيف سنقدمه على المسرح بوجود الرقابة والناس، فاخترعنا هذا المهرجان لإظهار العمل وبالطبع قد أثار جدلاً كبيراً وكان له مؤيدون ومعارضون ومن ثم وصلت الأصداء للقيادات العليا، فحضر العرض الرئيس نور الدين الأتاسي وبعض الضباط كان من بينهم وزيراً للدفاع الرئيس الراحل حافظ الأسد فحضروا العرض ومن ثم اجتمعوا بنا بغرفة مستقلة في صالة القباني وكنت أنا وعمر خائفين جداً إلا أن كلام السيد الرئيس حافظ الأسد جعل لنا متنفساً حين قال: ابقوا على ما أنتم عليه فلا رقابة على الفكر إلا رقابة الضمير... اما عن ابتعاد الفنان دريد لحام عن التلفزيون لعدم وجود نص مناسب في فترة أنجزت بها الدراما السورية الكثير من النجاحات وحصدت انجازات وتكريمات عالمية فيقول: يصل إليّ الكثير من النصوص لكي اقرأها ولكن المشكلة لعدم استجابتي لها هو أنه لدي تاريخ لا أريد أن أتنازل عنه، فإذا رأيت عملاً على مستوى هذا التاريخ أقدم عليه ولكن إذا لم أر أنتظر واعتبر ان تاريخي يكفيني. وأنا الآن أحيّ الدراما السورية لما حصلت عليه من نجاحات وانجازات ويتهيأ لي بأنها تعيش في عصر ذهبي ولكن أنا لم أجد نفسي في أي شخصية من هذه الشخصيات التي اقرؤها وأراها. وعن رأي الفنان دريد لحام بموضوع ان النجم المصري غير مضطر لأن يحرق نفسه في اكثر من عمل في العام ويكفيه عمل واحد لكي يبرز به بينما نجمنا السوري يقدم على أكثر من عمل وهذا برأيه غير صحيح، وما ذكره الأستاذ دريد بالطبع صحيح ولكن ما يتقاضاه النجم المصري هو نصف ميزانية العمل، بينما الفنان السوري مضطر لأن يشارك بأكثر من عمل بسبب الأجور فيقول: من وجهة نظري ان الفنان عندما يقوم بتقديم عمل واحد يقوم بلفت النظر إليه أكثر ولكن عندما يشارك في أربعة أو خمسة أعمال فهو لن يستطيع أن يخلص لهذه الأدوار التي يؤديها فهناك فنانون نراهم منذ حوالي أربع أو خمس سنوات لم يتقدموا ولا خطوة وحتى الشخصية التي يلعبونها في كل دور هي ذاتها وهذا يعود إلى الاستعجال في الانتشار والشهرة بينما في مصر عندما نريد الحديث عن نجم كبير يبرز لنا بسرعة نور الشريف أو يحيى الفخراني أو يسرا وهذا لأنهم اختصروا أعمالهم، والفنانون الذين لديهم أعمال اقل في سورية نراهم نجحوا اكثر لانهم استطاعوا أن يدرسوا شخصياتهم بشكل أكبر ويتأنوا بكل ما يقدمونه اما عن موضوع الكسب المادي والاجور فيقول: لا بد من أن يكون هناك شيء على حساب شيء آخر. وأما عن الشوق الذي يحمله دريد لحام في داخله لرفاق دربه الذين رحلوا فيستذكر نهاد قلعي وناجي جبر رحمهما الله ومعالم الحزن والشوق قد بدت على ملامحه وهو يتحدث عنهما بكل حميمية فيقول: قد بدأنا المشوار أنا ونهاد وحققنا الكثير من الانجازات معاً وبالتأكيد هو أكثر شخص اشتاق له وأتذكره دائماً، فكان هناك الكثير من المواقف المضحكة التي تظهر على الشاشة كانت تحدث معنا في الحياة اليومية... أما ناجي جبر الصديق والرفيق بعيداً عن تعاملنا الفني في صح النوم أو الأصدقاء أو غيره فهو صديق حقيقي وشفاف وودود وعادة هؤلاء الأشخاص يظهرون على الشاشة بشكل وهم في الواقع شيء آخر تماماً فأبو عنتر على الشاشة هو ارق من النسمة وزهرة الياسمين في الحياة. هؤلاء تركوا بصمة في قلبي وفي قلوب الناس بشكل عام، هم يذهبون ولكن لن يرحلوا فهم حاضرون معنا بكل ما قدموه.