2012/07/04
ماهر منصور - السفير
في محاولات لخلق «كركتير» تلفزيوني يكون أشدّ تأثيراً من شخصية «غوار الطوشة»، التي اشتهر بها الفنان السوري
دريد لحام، قضى لحام قرابة ربع قرن من عمر تجربته الفنية، قدّم خلالها «أحلام أبو الهنا» ليتجاوز به شخصية «غوار»،
وحين تفوق عليه الأخير، عاد إلينا في مسلسل «الأصدقاء». لكن حضوره هنا أيضاً، ظل أقل حرارة وتأثيراً من حضور
«غوار»، ابن الشارع البسيط في دراما «الأبيض والأسود»، الذي يحتال على الحياة في سبيل تحقيق رغباته.
ونتيجة لذلك، لم يشعر الفنان دريد لحام وجمهوره بالرضى على حد سواء. على الأقل هو لم يرضِ جمهوره، الذي ظل
يبحث عن ظلال «غوار الطوشة» في أعماله اللاحقة. فيما بدت المشكلة أن تلك الأعمال كانت تكتب وتنفذ، وعيون
كتابها على «غوار»، سواء للتخلص منه أو للعودة إليه. بينما كان مطلوباً منها أن تتوقف عند سر نجاح شخصية «غوار»
لتعاود صياغته في عمل جديد، وهو أمر يتطلّب مراجعة أسباب نجاح الأعمال التي قدمت هذه الشخصية، وهي
أعمال، امتازت بمجملها بعفويتها وإخلاصها لحكايتها، ومن دون تحميلها أكثر مما تحتمل. فضلاً عن صدق مقاربتها
للواقع أو على الأقل عدم انشغالها بإعادة تجميله، خدمة لحكايتها. كما أنها احترمت مشاهدها، فلم تتذاكَ عليه إلا
بمقدار ما تحتاجه حكايتها، وليس وفق ما تتطلبه معادلة التسويق. حتى لو كانت هذه المعادلة فقط إعادة تسويق
شخصية قريبة من قلوب الناس مثل شخصية «غوار».
وبالتالي فإنها مشكلة نص يجب أن يستوعب سحر شخصية «غوار الطوشة» وأسرار تأثيرها، لا أن يركز على الملامح
الخاصة والنفسية للشخصية، باعتبارها وصفة مضمونة النجاح، ومجرّبة جماهيرياً.
وباعتقادنا أن الفنان لحام لا تنقصه الموهبة أو الشجاعة لمقاربة شخصيات جديدة بريئة من «غوار» ومن ثقل
جماهيريته. وذلك يكون من خلال البحث عن النص.
في تصريح أخير للفنان دريد لحام، لموقع «أم بي سي»، ما يؤكد هذه الفكرة. فهو يردّ أسباب غيابه عن الأعمال
التلفزيونية، إلى أنه «لم يجد نصّاً ملائماً»، مشيراً إلى أنه «وافق على بطولة «الخربة» (الذي يستعد لبطولته) لجودة
النص، إضافة إلى النجاح الباهر الذي حققه التعاون بين ممدوح حمادة والليث حجو في مسلسل «ضيعة ضايعة»
على مدى جزءيه، ما يشجع أي فنان على المشاركة في عمل من تعاونهما»، وذلك بحسب موقع «أم بي سي».
في السياق ذاته، أكدت مصادر مطلعة لـ«السفير» صحة ما تناقله عدد من وسائل الإعلام، عن عرض تقدّمت به أسرة
مسلسل «طالع الفضة» إلى الفنان دريد لحام للمشاركة فيه. وتؤكد المصادر أن مفاوضات جدية تجري اليوم مع لحام
لتجسيد شخصية إشكالية في العمل، الذي كتبه الفنان عباس النوري وزوجته الكاتبة عنود الخالد. ويتناول بحسب
تصريح النوري «النسيج الاجتماعي لمدينة دمشق من خلال حيّ «طالع الفضة» الذي يوجد في قلب أحياء دمشق
القديمة. حيث يسكن في هذا الحي جميع طوائف المجتمع المسلم إلى جانب المسيحي واليهودي. كما يطرح
مفردات الحياة الدينية بكل جوانبها. فالعمل يتطرّق الى الحياة الاجتماعية الدمشقية، بعيداً عن السياسة وتفاصيلها».
هنا يبرز السؤال: هل يحقق نص «طالع الفضة» الشرط المطلوب الذي يحتاجه دريد لحام اليوم؟
من المبكر الجزم بإجابة عن مثل هذا السؤال. فالأمور تؤخذ دوماً بخواتيمها. لكن دريد لحام ابن حي «طالع الفضة»
الدمشقي حقيقة، قد يجد في هذه الدراما ما يحتاجه حقاً. فهو صاحب الخطوة الأولى إلى جانب نهاد قلعي في
مسيرة دراما الحارة الشامية. وكاتب العمل الفنان عباس النوري خبر هذا النوع من الدرامي، وتحسّس عيوبه وأسباب
نجاحه، وبالتالي فإن نصّ من تأليفه (بمشاركة زوجته) مرشح، نظرياً، لتحقيق معادلة تحقق الحد الأدنى من القبول والتماسك.
ها نحن نتلقف خبر المفاوضات الجادة التي تجري اليوم بين لحام وأسرة «طالع الفضة»، لنقول إن استحقاق الانتصار
لدريد لحام الممثل، لا لشخصية «غوار» فيه، يحتاج الى شجاعة في مقاربة شخصيات جديدة، ولكن بشرط تلفزيوني
سليم. وهي شجاعة لا تنقص الفنان الكبير، إذا ما توافر هذا الشرط في «طالع الفضة». فهل يسجل الأخير تسجيل
عودة دريد لحام إلى دراما «الحارة» التي أحببناه فيها، دراما بريئة من ثوب «غوار الطوشة».. ومن ثوب قاتله؟