2013/05/29
ماهر منصور – السفير
تلملم الدراما السورية حقائب العديد من مسلسلاتها المُعَدّة للعرض في موسم 2013، قاصدةً لبنان (راجع «السفير» 05/10/2012). تبدو طريق دمشق/ بيروت اليوم، الأقل تكلفةً وتكلُّفاً، بالنسبة للمنتجين وصنّاع الدراما السوريين، وذلك مقارنةً مع التجارب الدراميّة السوريّة المنفّذة في دبي. وطريق بيروت هو الأسهل والأقرب لناحية تنقّل فريق العمل وإقامته، كما انّه لا فرق حقيقيا يذكر بين بيئة التصوير السورية وتلك اللبنانيّة، من الناحية الجغرافيّة. وما عجزت الجغرافيا عنه، تكفّل كتّاب السيناريو به، من خلال ابتكار حكايات سورية/ لبنانية، تصلح للتصوير في لبنان، من دون أن يخرج من يتهمهم بلي عنق النص، كرمى لموقع التصوير.
وفق هذا الشرط وتحولاته، من المرجح أن يتجاوز عدد المسلسلات السورية التي ستصور في لبنان خمسة مسلسلات، حتى الآن. فبعد مسلسل «نيران صديقة» الذي باشر المخرج أسامة الحمد تصويره فعلياً (راجع «السفير» 20/12/2012)، الذي تدور حكايته حول قريتين حدوديتين لهما ملامح سوريّة ولبنانيّة، يتحكم بمصيرهما متنفّذون محليون، من المنتظر أن يبدأ خلال الشهرين الحالي والمقبل، تصوير ثلاثة مسلسلات سورية دفعة واحدة في لبنان، هي: «سنعود بعد قليل» للمخرج الليث حجو، و«أسرار ونساء» للمخرج سامر برقاوي، و«قيامة البنادق» لعمار رضوان. ويبحث الليث حجو وسامر برقاوي عن بيئة جغرافيّة مشابهة لسوريا، وعن مواقع تصوير داخليّة، يمكنها استحضار طابع خاص في المكان. من جهته، سيصوّر عمار رضوان عملاً تدور أحداثه في عشرينيات القرن الفائت. وكان المخرج تامر اسحاق، المشغول حالياً بتصوير الجزء الثاني من مسلسل «زنود الست» في دمشق، أعلن أنه سيقوم بتصوير مسلسله الجديد «خاتون» بين دمشق وبيروت ودبي، ليكون المسلسل الخامس الذي يصور في لبنان، وهو رقم مرشح للزيادة خلال الأيام المقبلة. وعلمت «السفير» أنّ نصف الإنتاج السوري المتوقّع إنتاجه هذا العام (قد يبلغ المعدل السنوي المعتاد خلال الأعوام الماضية)، سيتمّ تصويره خارج سوريا، بين لبنان والإمارات العربيّة المتحدة.
وبذلك يكون السوريون قد تجاوزوا ــ ولو نسبياً ــ النفق المظلم الذي وضعتهم فيه الأحداث المأساوية في بلادهم، خصوصاً لناحية الكوادر البشرية المؤهلة، والتجهيزات. فمسلسل «نيران صديقة»، على سبيل المثال، استعان بفريق تقني وفني سوري، ومعدّات سوريّة. ولكن ما الذي يستفيد منه المشهد الدرامي اللبناني في هذه الحالة؟ وأي تأثير محتمل لحضور الدراما السورية في لبنان؟
من المؤكّد أنّ الأعمال الدرامية المنجزة، ستحمل في غالبيتها، صبغة سورية محلية. لكنَّ التصوير في لبنان، من شأنه إتاحة فرصة أكبر لمشاركة فنانين لبنانيين في المسلسلات السورية. كما انّه يتمّ العمل على نصوص دراميّة تحمل مبررات تصويرها في لبنان، ما من شأنه زيادة مساحة حضور الفنان اللبناني في الدراما السورية، وإعطاء مساحة أكبر للهجة اللبنانيّة عربياً.
استعداد الدراميين السوريين للعمل على الأرض اللبنانية، بكامل لياقة الدراما السورية وأسباب نجاحها، سيكون من شأنه تحفيز جهات إنتاجية لبنانية أيضاً على الانخراط في العملية الإنتاجية السورية. وبعدما كان المنتج اللبناني يحمل أمواله ليتجاوز الحدود وينتج مع السوريين، بات اليوم يدير العملية في عقر داره... إذ ينتج اليوم «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني» مسلسل «قيامة البنادق»، وقام تلفزيون «الجديد» بشراء حقوق عرضه في لبنان. الأهمّ أنّ تصوير المسلسلات السورية في لبنان، سيجعل من البلد فضاءً مفتوحاً على التصوير الدرامي... ما قد يفتح شهية كثر للتصوير فيه. وقد تدخل الأراضي اللبنانية على أجندة المخرجين السوريين، كمكان محتمل ودائم لتصوير مسلسلاتهم، حتى بعد عودتهم للتصوير في سوريا.