2013/05/29

دراسة تؤكد تأثيرها السلبي فيهم الفضائيات تفسد ذوق الأطفال
دراسة تؤكد تأثيرها السلبي فيهم الفضائيات تفسد ذوق الأطفال


المعتصم بالله حمدي – دار الخليج

أكدت دراسة حديثة قام بها خبراء بالمجلس العربي للطفولة والتنمية على شريحة من الأطفال في المنطقة العربية، أن الفضائيات أسهمت، خصوصاً برامج الأطفال منها، في إفساد ذوقهم العام من خلال ما تقدمه من إعلانات غير ملائمة وأفلام كرتون تحض على الجريمة كالسرقة والكذب والاستهتار بالقيم . هذه الحقيقة نوهت بها تلك الدراسة، مشيرة إلى أهمية الدور الذي يلعبه التلفزيون في تثقيف وتوسيع مدارك الطفل من خلال نقل المعارف والخبرات عبر البرامج الهادفة المختلفة، لكن هناك العديد من السلبيات التي تؤثر في الناحية التربوية للطفل، منها زيادة نوعية البرامج التي تحتوي على مشاهد عنف . في هذا التحقيق نستعرض ما جاء في الدراسة، وآراء فنانين وإعلاميين فيها . .

أشارت الدراسة إلى أن الفضائيات العربية بسيطرتها وهيمنتها على قطاع كبير من المشاهدين، جعلتهم بمرور الوقت أشبه بالأسرى، ما أضعف التواصل والعلاقات الأسرية خاصة بين الأطفال وآبائهم .

واعتبرت الدراسة أن التنشئة التلفزيونية أثرت في الأطفال وحولتهم من نشطاء مندفعين راغبين في فهم الأشياء والشروع في العمل، إلى أطفال أكثر حذراً وسلبية لا يريدون التقدم واكتشاف ما حولهم، واستشهد الخبراء في بحثهم بالعديد من الدراسات التربوية التي أجريت في العقد الأخير والتي كشفت وجود علاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي، وأنه كلما زادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون انخفض تحصيلهم الدراسي .

كما أشارت الدراسة إلى أن هناك دلائل تشير إلى أن مشاهدة التلفزيون لا تؤدي إلى تقليل وقت اللعب عند الأطفال فحسب، بل إنها تؤثر في طبيعة لعب الأطفال، خاصة اللعب في المنزل أو المدرسة .

وأكدت أنه رغم دور التلفزيون في النمو الاجتماعي والثقافي للطفل، فإنه قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، ويجعل شخصية الطفل ضعيفة منفصلة عن مجتمعها إذا ما ركز على عرض قيم وثقافات أخرى، كأفلام الكارتون المدبلجة، التي تؤثر في ذاتية الطفل الاجتماعية والثقافية .

أوصت الدراسة بأهمية بحث القائمين على الإعلام العربي، خاصة قنوات التلفزيون سواء الأرضية أو الفضائية عن برامج جذابة ومشوقة وهادفة قادرة على تحفيز الأطفال على المشاركة في أنشطة المجتمع، وإتاحة الحرية لهم للتعبير عن أفكارهم وتنمية قدراتهم على النقد وتشجيعهم على المناقشة والتواصل مع آبائهم، والتأكيد على أهمية أن تكمل تلك القنوات الدور التربوي للآباء تجاه الأبناء، من خلال حثهم على احترام الحق في الاختلاف والتعدد والتنوع والتسامح مع الآخرين، واحترام قيم المشاركة والحرية، وتحفيزهم على الاستفادة من تكنولوجيا العصر المتقدمة من حولهم .

الفنانة نشوى مصطفى ترى أن الفضائيات الموجهة للأطفال تحتاج لإعادة صياغة وتصحيح لأهدافها، لأنه لا بد ألا يكون الربح هو الهدف الأساسي لها، لكن هناك أهدافاً تربوية أهم، ولأن الأطفال يثقون كثيراً فيها فلا بد من التدقيق في محتواها واختيار موضوعات تتناسب مع ثقافتنا الشرقية وتكون بعيدة عن العنف .

وتؤكد نشوى مصطفى أن الفضائيات أصبحت خطراً في الوقت الحاضر على الأطفال خاصة في ظل اهتمام الأسر العربية بمتابعة الأخبار والبرامج السياسية التي تحمل كآبة كبيرة، ولأن الأطفال يتابعونها مع أسرهم، فهم يعيشون معهم تجارب حياتية مزعجة تؤثر سلباً في سلوكاتهم وحالتهم المزاجية .

الفنان سامح حسين الذي يحظى بقبول الأطفال، وحقق نجاحاً في مسلسله “القبطان عزوز”، يطالب شركات الإنتاج والفضائيات بتقديم العديد من الأعمال الفنية التي تدعم الذوق الفني عند الأطفال وتخرجهم من حالة الكآبة التي نعيش فيها حالياً، في ظل تصاعد حالة العنف في المجتمع المصري .

ويرى سامح أن الفضائيات المصرية لا تقدم أعمالاً تناسب احتياجات الأطفال، ودائماً ما تخلو الخريطة البرامجية لأي قناة من أعمال تناسب الأطفال وتساعد على تنمية قدراتهم العقلية .

الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلان بكلية الإعلام، يقول: في جميع الباقات الإعلامية نجد أن بها قناة متخصصة للأطفال تعمل بشكل علمي ممنهج، بمعنى أنها تستهدف عدة شرائح من الأطفال، منها على سبيل الطفولة المبكرة التي تحتاج لعدة برامج تعرض في الصباح، ثم هناك الطفولة المتأخرة التي تعرض في المساء، ثم برامج متنوعة منها أفلام الكارتون وبعض البرامج التعليمية التي تهم الطفل وتعلمه الرسم أو أي شيء آخر .

الفنان محمد صبحي يطالب برؤية واضحة لبرامج الأطفال، تكون لها رسالة محددة تحاول أن تنقلها إلى الطفل، وتحمل معها مجموعة من القيم التربوية والمفاهيم الإيجابية والمعايير العلمية التي تحاول أن تنقلها وتغرسها في وجدانهم، وهناك توجيه محدد للطفل ولا بد أن يكون هناك اهتمام من جانب المسؤولين في الفضائيات العربية بالطفل، والاستعانة بالخبرات الأكاديمية والعلمية والفنية والإعلامية التي ترسم خطوطاً وبرامج واضحة تناقش مشاكله واهتماماته، خاصة أن الإعلام له اهتمام خاص من جانب الصغار .

الإعلامية نجوى إبراهيم التي لها باع كبير في برامج الأطفال تقول إن الطفل هو أفضل استثمار للمستقبل وللمجتمع، ولا بد من توجيه الاهتمام به في النواحي التربوية والتعليمية والتثقيفية والإعلامية منذ سنوات عمره الأولى، حتى يصنع منه رجل المستقبل الذي يخدم نفسه ومجتمعه ويكون مسلحاً بالعلم والمعرفة، ولديه القدرة على اتخاذ قرار وتكوين رؤية مستقبلية مستنيرة ومواكبة التغييرات المستمرة التي تطرأ على العالم، خاصة في ظل تدفق التكنولوجية والمعلوماتية والإعلام الغزير، وبعد أن أصبح العالم قرية إلكترونية صغيرة، كما لا بد من مواجهة العنف الذي يسيطر على أفلام الكارتون الأجنبية التي تساهم بقدر كبير في إفساد الذوق العام للطفل، ونفس الأمر بالنسبة للأغاني الشعبية التي توجه للأطفال، وبها ألفاظ سيئة وموضوعاتها تمثل خطورة شديدة على الطفل .

أما الدكتور أسامة عبد الباري أستاذ علم الاجتماع فيرى أن المشكلة الكبرى حالياً تكمن في عدم الاهتمام بالطفل العربي، سواء في عدم تطوير التعليم أو حتى في البرامج التلفزيونية التي تحتاج للعمل بأسلوب علمي يرتكز على كيفية تشكيل وجدان طفل في مرحلة عمرية معينة، وما الأسلوب الصحيح في مخاطبة هذه المرحلة، ففي بعض المراحل نحتاج للصورة أكثر من الكلام، وفي أحيان أخرى نحتاج لقصة ونترك له الخيال .

كما يشير عبدالباري إلى أن برامج الأطفال تساهم أحياناً في تغيير مفاهيم عدة عند الأطفال وتأثيرها سلبي للغاية في حالة ما إذا اعتمدت على الخرافات والأشياء غير المنطقية التي من شأنها أن تضعف من ذكاء الطفل .