2012/07/04
تشرين - سينما
خمسة أفلام بينها أربعة روائية كانت حصيلة السينما السورية خلال العام 2011، موقعة باسم المؤسسة العامة للسينما
وهي الأعلى في تاريخ السينما السورية على صعيد إنتاج القطاع العام.. وهي تجربة من المنتظر أن تفتح باب الجدل واسعاً حول ما آلت إليه السينما السورية، ولاسيما أنها تقدم أجيالاً مختلفة من السينمائيين السوريين، وفق رؤى جديدة وقديمة... تقف اليوم إلى جانب بعضها بعضاً، الأمر الذي يضعنا أمام مقارنة لابدّ منها تتعلق بطرق المعالجة الفنية و قياسات مستوى التطور الذي يطرأ على السينما، (موضوعات ومعالجات فنية)، فضلاً عن علاقة الأجيال السينمائية فيما بينها مع وجود تعاون فني بين المخرج عبد اللطيف عبد الحميد والمخرج الشاب جود سعيد... فضلاً عن مقارنة بين طرق معالجة اثنين من الأفلام الأربعة لروايتين سوريتين، حيث تقدم واحة الراهب فيلمها «هوى» عن رواية للروائية هيفاء بيطار، ويقدم غسان شميط فيلمه الشراع والعاصفة عن رواية للروائي حنا مينه. ولعل من شأن الأفلام الخمسة، أو الأربعة الروائية منها على الأقل أن تضعنا أمام سؤال: هل الكم (رغم أن الرقم مازال متواضعاً) هو الذي قد يصنع الكيف السينمائي الجيد؟
«هوى».. واحة الراهب
الفنانة واحة الراهب أخرجت هذا العام فيلم «هوى»للمخرجة واحة الراهب، سيناريو رياض نعسان آغا عن رواية لهيفاء بيطار بالاسم نفسه وهو تجربتها السينمائية الثانية بعد فيلمها الروائي الطويل الأول (كتابةً وإخراجاً) «رؤى حالمة».
وتنطلق أحداث «هوى» عام 2009، وتتحدّث عن ممرضة مطلقة (سلاف فواخرجي) تتورّط في الفساد في مكان عملها، وتحاول إنقاذ نفسها بأخطاء أخرى تغرقها أكثر فأكثر، إلى أن تجد حلاً. وسبق للمخرجة واحة الراهب أن وصفت فيلمها في حديث سابق لـ «تشرين» بأنه «فيلم واقعي جداً ويلامس الناس، وعالم الخيال المقدّم ضمنه مستمد من أرضية واقعية صلبة ومن عوالم شخصياته». وبحسب الفنانة الراهب فـ«في رواية الكاتبة هيفاء بيطار حيز مهم من الجرأة. لدينا تورط في الفساد ونفاذ منه وطرح قريب من هموم الناس. لا أنكر أنّنا لا نستطيع تجاوز سقف معين كوننا محكومين بعقلية القطاع العام، ولكنّنا نحاول إيصال ما نريد ضمن السقف المتاح».
ويجسد الشخصيات التمثيلية في الفيلم كل من النجوم سلاف فواخرجي، واحة الراهب، عبد الرحمن آل رشي، طلحت حمدي، زهير رمضان، خالد القيش، مظهر الحكيم، لمى الحكيم، آمال سعد الدين، باسل حيدر، نبال الجزائري، إيمان الجابر، عبد الناصر المرقبي وغيرهم. ومن لبنان: نعمت بدوي، نجوى بركات.
«الشراع والعاصفة» زوربا السوري
عن رواية (الشراع والعاصفة) للروائي (حنا مينه).. قدم المخرج (غسان شميط) فيلمه الجديد الذي حمل اسم الرواية نفسه، وقد كتب المخرج غسان سيناريو الفيلم بمشاركة الكاتب وفيق يوسف.
والفيلم بحسب مخرجه شميط يسلط الضوء على شخصية (محمد بن زهدي الطروسي) الذي يقود صراعاً شرساً في مواجهة العواصف البحرية العاتية كما يركز على الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بها سورية خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي.
ويقول الفنان جهاد سعد الذي يؤدي شخصية «الطروسي» في الفيلم، في حوار سابق مع «تشرين»، عن شخصية بطل الفيلم: «الطروسي يعمل في التجارة والإبحار مأخوذ بفكرة رومانسية هي متعة السفر، فهو ابن بحر ويذكرني كثيراً بشخصية زوربا اليوناني في الفيلم العظيم الذي مثله أنتوني كوين في نهاية الستينيات وهو من كلاسيكيات السينما العالمية – في إحدى المرات ينكسر مركب الطروسي ويغرق.. هل يا ترى نستطيع أن نستمر في الحلم بعد الصدمة؟ طبعاً لأن حلماً واحداً لا يكفي وحياة واحدة لا تكفي في تحقيق كل شيء، فأراد الطروسي بكل عنفوان وبكل ثقة بنفسه وشجاعة أن يعيد بناء حياته من جديد فاستأجر مقهى بحرياً قريباً من الميناء لكي يرتاده البحارة والصيادون وعمال الميناء ليتحول المقهى تدريجياً إلى مكان يجمع فيه الناس بحوار سياسي مفتوح عن الاستعمار الفرنسي وعن اللحمة الوطنية وعن مفهوم النضال والكفاح ضد الاستعمار». وتشارك في الفيلم نخبة من نجوم الفن السوري منهم جهاد سعد وماهر صليبي وزهير رمضان وهدى شعراوي وزهير عبد الكريم وجرجس جبارة ورندة مرعشلي وريما الشيخ وغيرهم.
«العاشق»... عبد اللطيف عبد الحميد
المخرج عبد اللطيف عبد الحميد يسجل في العام 2011 فيلماً جديداً باسمه هو «العاشق» سيناريو وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد، وبتعاون فني للمخرج جود سعيد.
يتناول الفيلم، بحسب، مجلة «آفاق سينمائية» الالكترونية التي تصدرها المؤسسة العامة للسينما، «قصة حياة مخرج سينمائي يصور فيلمه الأول ويقوم هو بمونتاجه ليعبر بنا من خلاله إلى ذاكرته في قريته الساحلية الصغيرة والمهمشة ويستعيد ذكريات طفولته ونشأته فيها ومعاناته وقصة حبه الأول وما صاحبها من خيبات وآلام بعد أن تركته حبيبته، ثم انتقاله إلى مدينة دمشق للدراسة وما واجهه فيها من ضغوطات جديدة، وعلاقات مختلفة تفرضها حياة المدينة، ويعيش قصة حب جديدة مع ابنة الجيران ريما التي تعاني أيضاً قسوة عائلتها المحافظة المتشددة، ويسرد حكايته عبر تداخل في الأزمنة بين طفولته وحبه الأول في قريته والزمن الحالي في دمشق».
ورأت المجلة في المقالة التي كتبتها الزميلة رويدة رفاعي أن «الفيلم أشبه بسيرة ذاتية للمخرج تضع المتلقي أمام تساؤل عن مدى التشابه بين حياته وقصة الفيلم». فيما نقلت عن الفنان عبد المنعم عمايري الذي يجسد دور البطولة(المخرج مراد) في الفيلم قوله: «جميع الشخصيات الموجودة في الفيلم رغم أنها من لحم ودم وهي شخصيات واقعية فإنها لم تعد موجودة في زماننا ببساطتها وشفافيتها، هي شخصيات جميلة استطعت أن اشتم رائحتها في الفيلم من خلال علاقات مراد:مع أصدقائه، ذاكرته، حبيبته، أهله،وقريته..». يجسد شخصيات الفيلم كل من النجوم عبد المنعم عمايري وديمة قندلفت وبمشاركة قيس شيخ نجيب وفادي صبيح وأيمن عبد السلام، إضافة إلى المخرج عبد اللطيف عبد الحميد.. وآخرين.
«نوافذ الروح»... للتاريخ السوري برؤية حداثية
المخرجان عمار العاني والليث حجو قدما في فيلم (نوافذ الروح) للكاتب عمر أبو سعدة بحثاً عن سيرة حضارة تعود للألف السابع قبل الميلاد، برفقة النجم الفنان جمال سليمان الذي يجسد شخصية الراوي، ويحكي رحلة إنسان يبحث عن تاريخه، وحضارته فينتقل من ضفاف الفرات إلى شواطئ البحر، ومتاحف دمشق وإدلب واللاذقية، مروراً بأسواق تدمر القديمة والمدافن التدمرية، ومنها إلى دير معلولا وسمعان العامودي وصولاً إلى أسواق حلب ودمشق والجامع الأموي. والفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف ومؤسسة جذور.
عنوان الفيلم (نوافذ الروح) كان اقتراحاً قدمه الكاتب أبو سعدة، وهو يعني تاريخياً العيون الكبيرة التي كانت تخرج منها الأرواح، لذلك كانت تُصنع عيون كبيرة للتماثيل لتسهيل عملية رجوع الأرواح إليها من جديد. وهذا ينطبق على الفيلم إذ كانت الغاية الأولى منه إعادة الروح للتاريخ السوري برؤية حداثية معاصرة وفق ما بيّن المخرج الليث حجو.