2012/07/04
علي وجيه
ليس مهمّاً أن يبدأ الفنانون «اللقاء الوطني السوري الحر» الذي جمعهم في شيراتون دمشق بمشادات كلامية وفوضى وعدم الاستماع لبعضهم، وليس حدثاً جللاً عدم حضور وزير الإعلام بوجود أطياف الفئة التي دعيت للحوار ولبّت الدعوة. النتائج المستفادة مما حدث تلك الأمسية هي الأكثر أهميةً وحضوراً وإغراءً على أكثر من مستوى، ويمكن تكثيفها في نقاط مقتضبة وبسيطة:
1 – يمكن اعتبار أنّ الوسط الفني السوري يضمّ نماذج فكرية وإيديولوجية عن مختلف أمزجة وتيارات المجتمع السوري. هناك العلماني وذو الميول المحافظة، الموالي والمعارض والمحايد، الأمني والمدني، البعثي والقومي والشيوعي وغير ذلك.. وبما أنّ كل هؤلاء لبّوا الدعوة وتحمّسوا وانفعلوا وصرخوا وعبّروا عن آرائهم بشكل ما، فهذا يعني، من حيث المبدأ، أنّ الجميع مع الحوار ولا يوجد «فيتو» لأحد على الآخر. ضمن هذا الإطار، تبقى التفاصيل التي تختلف من طور لآخر وبين جلسة وأخرى بطبيعة الحال.
2 – الفوضى التي حدثت في البداية لم تتطوّر لدرجة إلغاء اللقاء برمته رغم انسحاب البعض وتشنّجهم. على العكس، الجو هدأ تدريجياً، وحصل حوار وتبادل لوجهات نظر مختلفة، وخرجت بعض الآراء الهامة والمختلفة، لدرجة دفعت بالفنان جهاد سعد إلى القول: «مستوى الحرية في سورية هذه اللحظات أعلى من أي مكان في العالم».
3 – لا بدّ من الاعتراف أنّ ما زال أمامنا الكثير لنتعلمه على صعيد الحوار الجدلي والتداولي والاختلاف الفكري وتقبّل ذلك برحابة صدر، وذلك بعد عقود طويلة من وجهة النظر الأحادية وغياب أو تغييب ألوان أخرى عن المشهد السوري العام. إذاً، ما حدث طبيعي ولكنّه إيجابيّ، ويمكن اعتبار أنّه يأتي ضمن سلسلة الضرائب التي لا بدّ من دفعها والدروس التي لا بدّ من تعلّمها للوصول إلى المناخ الصحي العام الذي نطمح إليه.
4 – كان الحزم شديداً وواضحاً فيما يخصّ التدخل الأجنبي والتدويل وسيء الذكر عبد الحليم خدّام، وبالتالي فإنّ رفض تخوين أي فنان بات بديهياً ولم يعد قابلاً للنقاش أصلاً، مع بقاء أي طرح أو رأي ضمن البيت الداخلي للوصول إلى سورية أكثر صحةً وتماسكاً.
5 – المواد الصحفية التي نُشرَت عن اللقاء لم تخشَ الإشارة، وأحياناً الانتقاد المبطّن، لقيام الأمن بمصادرة أشرطة الصحفيين ومسح فيديوهات الهواتف المحمولة. هذا لم يكن ممكناً في السابق بأي شكل من الأشكال، ولا بدّ من البناء عليه للوصول إلى إعلام لا يستثني جهةً أو شخصاً، في ظل قانون إعلام عصري يكفل حق الوصول للمعلومة وحمايتها وتداولها ونشرها محلياً دون الخشية من أي عواقب لا تتعلق بالمهنة وطبيعتها.
6 – مبدأ اللقاء والحوار مفيد دائماً مهما كانت معطياته، والترتيب لحوارات مستقبلية أكثر اتساعاً ومراعاةً لكل الأطياف والتوجهات الوطنية، المعارضة منها والموالية، ضمانة حقيقية لاستقرار دائم وطويل الأمد، بما في ذلك الوسط الفني الذي شهد في الفترة الأخيرة ارتجاجات غير محببة لا يرغب أحد بتكرارها.