2012/07/04
ماهر منصور - السفير
يتضمن إنتاج رمضان 2012 على الأقل ثلاثة مسلسلات سورية، وفق ما أعلن حتى الآن، تبلغ مدة الحلقة الواحدة نصف ساعة. وهي: «زنود الست» للمخرج نذير عواد، «رومانتيكا» للمخرج مهند قطيش، و«أبو جانتي2» للمخرج عمار رضوان. والمسلسلات الثلاثة تطرح بزمنها الإنتاجي مفهوما إنتاجيا جديدا في الدراما السورية، لعله يصبح واحدا من تقاليد العمل فيها، إن تجاوز مشكلة التسويق.
لم تكن المدة الإنتاجية أو عدد الحلقات لتثير الانتباه في وقت سابق، فقد كانت مسألة الوقت رهناً بالضرورة الدرامية وما تقتضيه الحكاية، إلا أن ضرورات التسويق الإنتاجية التي ارتبطت بالعرض خلال شهر رمضان المبارك، فرضت أن يكون عدد حلقات المسلسل التلفزيوني ثلاثين حلقة، ويمكن أن تمتد حتى ثلاث وثلاثين لتغطية أيام عيد الفطر، بغض النظر عن الضرورات الدرامية. الأمر الذي ظهرت آثاره السلبية لاحقا في حالات التطويل والثرثرة الكلامية، التي أخذت على عدد لا بأس به من الأعمال الدرامية.
مع ثبات غالبية الأعمال الدرامية على عدد الحلقات الثلاثين لمعظم المسلسلات، ظل توقيت الحلقة، بمنأى نسبي عن تجاذبات الإنتاج. وبالرغم من ذلك ظلت المسلسلات التي تقل مدة حلقتها عن الساعة التلفزيونية (نحو 45 دقيقة) تعاني من صعوبات تسويقية، جعلت المنتجين يتمسكون بحلقات مدتها ساعة تلفزيونية (22 ساعة فعلية تقريباً للمسلسل 30 حلقة)، فيما كان إنتاج مسلسلات بوقت أقل (أغلبها كان بمدة ربع ساعة تلفزيونية أوأقل)، رهنا بحالات إنتاجية بعينها، كأن تكون القناة العارضة شريكاً في إنتاجها، أو يقوم التلفزيون السوري الرسمي بتبني عرضها، مع وجود حالات استثنائية بسيطة في هذا المجال.
اليوم تعيد المسلسلات السورية زمن الحلقة التلفزيونية إلى دائرة الضوء، باختيارها نصف ساعة للحلقة الواحدة، وهي مدة مربكة عموماً للبث التلفزيوني، فهي ليست ساعة تلفزيونية، كالمعتاد، ولا تقل عن ربع ساعة تلفزيونية بما يجعلها أقرب إلى فاصل إعلاني في خطة البرمجة التلفزيونية، فإلى ما يرد سبب هذا الاختــيار إذاً؟ الجواب يبقى واحدا: «فتش عن الإنتاج»!
تقف، بلا شك، الأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا اليوم خلف أي تفسير للزمن الإنتاجي للمسلسلات الثلاثة. ولكن يبقى تأثيراً غير مباشر، بمعنى أن هذه الأحداث لم تفرضه، بل جاءت صدى لفهم الجهة المنتجة لصيرورة هذه الأحداث. والدليل أن مسلسل «أبو جانتي» يصور بكامله تقريباً في دبي، وبعيداً عن الأحداث التي تشهدها سوريا اليوم.
ويمكن اعتبار تأخر البدء بتصوير المسلسلات، والرغبة بإنجازها بأسرع وقت ممكن، قبل بدء شهر رمضان، سببين رئيسين للمدة الزمنية المختارة لحلقات المسلسلات الثلاثة. الأمر الذي ينطبق، على نحو كبير، على مسلسل «أبو جانتي2» الذي كان من الصعب أن ينتهي تصويره في الوقت المحدد، لو أن مدة الحلقة الواحدة منه كانت ساعة تلفزيونية، وقد دخل التصوير فعليا منتصف أيار الفائت.
أما مسلسل «رومانتيكا» فدخل أيضا مرحلة سباق مع الزمن في التصوير، لكنه كان يسابق نفسه وليس موعد العرض الرمضاني، على اعتبار أن مخرجه قطيش بدأ التصوير في وقت مبكر نسبياً، واختار مكاناً لتصوير الأحداث في منتجع في مدينة طرطوس الساحلية التي تشهد حالة من الإستقرار الأمني، إلا أن القائمين عليه، أرادوا - على ما يبدو - الانتهاء سريعاً من التصوير، فكان ضغط مدة التصوير إلى النصف خيارهم الأنسب، وهو ما شجع فضائية «روتانا خليجية» على تبني عرضه الأول.
أما مسلسل «زنود الست» والذي سيقدم إلى جانب حكايته الدرامية يومياً طريقة طبخ واحدة من الأكلات الشامية، فسيخصص لقصته الدرامية نصف ساعة في حين ستكون مدة الطبخة عشر دقائق فقط. وبالتالي تبدو مدة الحلقة شرطاً إنتاجياً بحكم مضمونه الحائر بين برامج الطبخ والمسلسلات الدرامية.
ووفق هذا التصور، وبعيداً عن الأحداث الطارئة في سوريا اليوم، يبدو أن الدراما السورية على طريق إرساء مدة جديدة للحلقة التلفزيونية الرمضانية، يمكن أن تترك آثارها الإيجابية على الدراما السورية، إن لاقت رواجاً تسويقياً، وذلك لكونها تصلح أن تكون ملاذ الكتّاب، لإيصال حكايتهم حتى الحلقة الثلاثين المطلوبة إنتاجياً، من دون الحاجة إلى اللجوء لحالات التطويل، وإقحام الأحداث والحوارات، التي غالبا ما يلجأون إليها حين تنتهي حكايتهم، ولم تبلغ الحلقة الثلاثين بعد!