2012/07/04
حكمت داوود
لا يخفى على أحد أن (الحطّة – الشماخ – السلك – الغترة – الكوفية).. وما لها من تسميات مختلفة على امتداد جغرافيا العالم العربي، تعتبر رمزاً وطنياً يدعو إلى الاعتزاز بها، حيث ترتبط مشاهدة الحطّة بمقاومة الظلم والاضطهاد في شتّى بقاع العالم العربي.. فقد كان لظهور وانتشار هذا النوع من الزي ارتباط بمقاومة الفلسطينيين للاحتلال البريطاني في بدايات القرن العشرين.. وأصبح رمزاً للثورة وللكفاح الفلسطيني ضد الاستعمار، وامتدّ إلى كل بقاع العالم، متجاوزاً بذلك كافة الحدود الجغرافية ليصبح رمزاً للشعوب المناضلة وأحرارها التي تدافع عن حريتها وكرامتها.
وترجع الكوفية المعروفة باسم "الحطّة" لأحداث ثورة 1936 عندما استخدمها الفلاحون الفلسطينيون في التلثّم، حتى لا تعرفهم القوات الإنجليزية والعصابات اليهودية، وفي ذات الحين أمر قادة الثورة أبناء المدن الفلسطينية أيضاً بارتدائها حتى لا يسهل على القوات الإنجليزية والعصابات اليهودية القبض عليهم، ومنذ ذلك الحين صارت الحطة ليست قاصرة على الفلاحين الفلسطينيين فحسب، بل إن أبناء المدن الفلسطينية أصبحوا يرتدونها، وصارت علامة عن الوطنية، والثورة.
كما لا يخفى على أحد في سورية ارتباط الحطة أو السلك بمقاومي الاستعمار الفرنسي وثوار الغوطة الذين ضحوا بحياتهم في سبيل استقلال سورية وتحررها الوطني، فكانت تلبس من شمالها وحتى جنوبها لتصبح رمزاً للثوار وجزءاً من تراث الملابس الشعبية في بلادنا، حيث تم استخدامها في الكثير من المسلسلات السورية التي أحاطت بتلك الفترة المشرقة من ذاكرتنا الوطنية، ولعل مسلسل "باب الحارة" الشهير كان الأوفر حظاً في إبراز هذا التراث من خلال انتشاره الواسع في العالم العربي.
أردت من خلال هذه المقدمة الصغيرة التعريف بالحطة كرمز وطني بعد أن شاهدت هذا الفيديو الـ... الذي حطَّ من قيمة هذه الرمزية المرتبطة بتاريخنا وقيمنا، التي طالما تغنينا بها، وزينّا جدران بيوتنا بصور المناضلين الذين شاركوا بالثورة وهم يضعون هذه الحطّة على أكتافهم ورؤوسهم، وباليد الأخرى كانوا يحملون السلاح.
أعتقد أن صناعة "اللانجوري" من قماش الشماخ، واستخدامه لتصنيع موديلات الأزياء الداخلية وحمالات الصدر والبكيني لهو تسفيه للقيمة التراثية له.
لو أن إحدى الدول الغربية قامت بصناعة مثل هذه السلع للتجارة لقلنا إنهم يستخفون بتراث طالما أحببناه، ولقمنا بالرد عليهم ومحاربتهم عبر جميع الوسائل المتاحة المرئية والمسموعة والمكتوبة، ولكن أن تكون هذه الصناعة سورية بحتة فهذا يدعو للاستغراب والخجل!!
حكمت داوود