2012/07/04
جمال ادم - البيان قبل أن يخرج للنور كان هناك اعتراضات على تجسيده أو الدخول في تفاصيل المرحلة التي مر بها ، وتعالت تلك الأصوات التي أحست أن هناك مؤامرة مدبرة بين الحكومة المصرية وصناع المسلسل مع أول أيام عرضه ، ولكن مسلسل »الجماعة« وجد طريقا آمنا للعرض على شاشة شهر رمضان . حيث ألمح الكاتب وحيد حامد أن معلومات غائبة عن الأجيال حول نشوء جماعة الإخوان المسلمين التي تكونت عام 8291 أي قبل نحو 08 عاماً، على يد صاحبها حسن البنا ( 6091 - 2491 ) يجب أن تتوافر لديهم، لذا وجد من الضروري كتابة مسلسل يعرض لحال تشكل ونشوء حركة الإخوان المسلمين التي أطلقها حسن البنا في وقت مبكر من تاريخ مصر الحديث . وعلى خط متواز من الجماعة قام المؤلف بتحقيق قفزة زمانية درامية باتجاه الزمن المعاصر حقق من خلالها بعض المقارنات بين زمنين والوضع الذي آلت إليه الحركة ضمن إطار حياتي وإنساني وسياسي وضمن منطق زماني مغاير للذي كان قائما في مصر بين مرحلتين مختلفتين ومن خلالهما دخل الكاتب وحيد حامد في تقديم قراءته لمسلسل الجماعة ، إذا لعبة الزمن الحياتي والزمن الدرامي هي اللعبة التي دخل من خلالها حامد المسلسل ، موجها انتقادات ما لجماعة الإخوان في ثلاثينات القرن الماضي ، وانتقادات للحكومة المصرية في الزمن الحالي . اعتمد مخرج العمل محمد ياسين على الممثل الأردني إياد نصار لتقديم شخصية حسن البنا وهذا أثار بعض الانتقادات حول هذا الخيار وقد عزا المخرج هذا إلى الشبه بين كلا الشخصيتين وفيما لو دققنا في الصور المتوافرة عن حسن البنا لما وجدنا ذلك الشبه بينهما . ولكن وحسب ما قيل رفض عدد من النجوم المصريين أداء هذه الشخصية خوفا من تهديدات ما قاد المخرج الاعتماد على إياد نصار بديلا ولن نقلل من أهمية هذا البديل إذ أن نصار نجح في تحقيق شعبية له كممثل في الشارع المصري كما حدث مع البنا ويعود ذلك إلى فهمه لتاريخ البنا وتحديد مفاتيح درامية للدخول في هذه الشخصية ولكننا قد نجد في بعض الأحيان تقديم اقتراحات مبالغ بها وبعيدة عن منطق الشخصية . ويحسب للعمل وجود مخرج متمكن هو محمد ياسين الذي يبرز دور الفن في صياغة روايات تلفزيونية كهذه ولعل اقتراحاته الفنية في العمل قد عززت من أهمية المرحلة ومن تأكيد القناعة بالمرحلة الزمنية التي ينتمي إليها العمل ، ولعل الرؤية الفنية وفق مسارين زمنيين مختلفين قد أجهدت المخرج ولكنه وفر بطانة لعمل مشغول بفنيات عالية ويقف وراءه مخرج متمكن وكاتب يدرك ماذا يريد أن يقدم من مسلسل يرصد سيرة الإخوان المسلمين الآن . في مرحلة مبكرة من العمل خمدت الأصوات المناوئة للعمل فجأة ودون سابق إنذار لأن الكاتب قام بعرض ذكي ضَمن تفاعل الناس مع دعوة البنا المبكرة لإطلاق حركته ، حركة الإخوان المسلمين والذي جاء من خلال الكلمة الطيبة دون مغالاة في ردود الأفعال. فيما لو كان هناك اعتراض من قبل البعض على هؤلاء الشيوخ الصغار الذين دربهم البنا لدخول المقاهي والأماكن العامة كي يدعو إلى الإسلام بل إلى تنظيمه الجديد تلك الدعوة التي وجدت آذانا صاغية وصارت تمهد لولادة واحدة من أهم الحركات الإسلامية السياسية إشكالية في التاريخ الحديث . وهذا يؤكد محاولات الكاتب بحال من الأحوال تقديم قراءة تقترب من الواقع لهذه الحركة ما لها وما عليها ولكن مع مرور الوقت كانت تبرز النوازع السلطوية التي كانت تظهر مع البنا ورغبته ألا ييرز بمنصب ديني كمشرف عام على جماعة الإخوان المسلمين بل رغبته أن يكون قياديا سياسيا في حركة المجتمع المصري . وربما حسب القاعدة الميكافيللية الغاية تبرر الوسيلة ، ومع بدء تسليح تلك الجماعة أحب البنا أن يكون التحول العسكري إلى ورقة ضغط على الأوساط السياسية كي تعترف به وبجماعته وكي يصبح الإسلام طريقا يمهد لولادة قائد سياسي . وفي هذا مقاربة لما قاله البنا في حلقات متقدمه لأحد الوزراء طالبا منه أن يعرض على علي ماهر ان يصف حكومته بالإسلامية حتى لا يستطيع الانجليز منعها ، فكلمة الإسلام صمام أمان ومن خلالها يكسب ود المسلمين في كل أنحاء الأرض وليس في مصر فقط ! لو لم تكن الحكومة راضية عن هذا العمل لما سمحت له بالظهور وسماحها هو إدانة لحياة البنا ، هذا ما ألمح إليه أحد النقاد في مصر مع بدء بث هذا العمل ، وعلى كل الأحوال يبدو الكاتب حريصا على ان يتمسك بموضوعيته في سرد الأحداث تباعا واللحاق بالتفاصيل التي أغنت سيرة حياة البنا ولكن لم يتجاهل الكاتب رغبة البنا السلطوية والقيادية. والتي قد تجعله يتحالف مع اي حزب كي يصل الى مبتغاه ومع مرحلة متقدمة صار هناك فصل بين البنا المسلم والداعية وبين البنا رجل السلطة والسياسة وربما لو كتب له الحياة أي لم يجر اغتياله في عز نشاطه السياسي لكان له وقع آخر في تاريخ مصر الحديث ولكنه خلف وراءه حركة ما زالت حاضرة في المشهد المصري والعربي وتمارس دورا سياسيا ودينيا كما كتب لها . نجل البنا يعترض قضائيا أقام احمد سيف الاسلام نجل حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين دعوى قضائية أمام مجلس الدولة ضد 9 أشخاص وهيئات على رأسهم وزير الإعلام بصفته ووحيد حامد مؤلف المسلسل بشخصه، للطعن على قرار وزير الإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون بشأن عرض المسلسل وامتناعهم عن وقف عرضه. ورأى أن مسلسل (الجماعة) جاء متناقضا مع ضوابط حرية التعبير والبث الإعلامى وأنه أساء لسمعته وللعائلة ولسيرة والده وجاء بصورة مشوهة ومغلوطة عن البنا وعن جماعة الإخوان المسلمين التى أسسها . وأضاف أن ما سيطر على كاتب السيناريو هو فكرته الشخصية عن حسن البنا وعن جماعة الإخوان فلم يلتزم الحياد فى عرض الوقائع التاريخية ولم يستقها من مصادرها الصحيحة رغم طلب الطاعن تمكينه من رؤية السيناريو لتصحيح ما يكون قد اعترى المسلسل من أخطاء ومغالطات أو ما يشين إلى أسرة البنا.