2012/07/04
خاص بوسطة - علي وجيه
ربّما يكون الإنتاج الوحيد للمؤسسة العامة للسينما لهذا العام «حرّاس الصمت»، سيناريو وإخراج سمير ذكرى عن «الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية» لغادة السمّان، فيلماً واحداً لا أكثر، إلا أنّ ما حصل بعد العرض الأول للفيلم في الصالة الرئيسة لدار الأسد للثقافة والفنون، تجاوز حالة الفيلم بحدّ ذاته، وخرج من الخاص إلى العام في استحضار شامل لهموم السينما السورية المعروفة.
الفيلم يتناول كفاح شابّة اسمها زين (نجلاء الخمري) لإثبات نفسها ككاتبة وكشف حقيقة موت والدتها (ميسون أبو أسعد) في دمشق الخمسينيات، وسط محيط من حرّاس الصمت الخاضعين للعادات والتقاليد وثوابت العائلة الدمشقية المحافظة، بمن في ذلك والدها أمجد الخيّال (مازن منى) الذي تابع دراسة الحقوق في باريس، فبات أكثر مرونةً في معاملة ابنته الطموحة، فتارةً يمنحها المجال الذي تريد، وأخرى يعود لتقاليد العائلة والمجتمع.
الصوت في الصالة كان سيئاً والحوار غير مفهوم في كثير من المشاهد، حتى أنّ بعض الحضور استعان بالترجمة الإنكليزية لفهمه بشكل كامل، وهو ما لم يحدث مع بقية أفلام المسابقة الرسمية التي عُرضَت في نفس المكان. المخرج سمير ذكرى، الذي غادر مكانه مراراً في محاولة لتحسين الصوت، برّر ذلك بأنّ نظام الصوت في الفيلم «ستيريو» وليس «دولبي» نظراً لميزانيته المحدودة التي لم تتجاوز 25 مليون ليرة.
الصورة كذلك كانت باهتة ودون المستوى، وهو ما عزاه المخرج إلى مشاكل الصالة كذلك، مبيّناً أنّ نسخاً جديدة من الفيلم تطبع حالياً في الهند.
يُضاف لذلك النقطة الأهم، وهي المشاكل الفنية والدرامية الكثيرة في الفيلم نفسه والتي لا مجال لذكرها بالتفصيل الآن (مشاهد طويلة وفائضة عن الحاجة، البطء والرتابة خصوصاً في النصف الأول من الفيلم، التشظّي في البنية السردية وطول حكايات على حساب أخرى جاءت مبهمة، تكرار بعض الأفكار أكثر من مرة، الرواية غير القابلة للتحويل السينمائي أصلاً...).
كل ذلك دفع ببعض الصحفيين والنّقاد الحاضرين إلى التعبير عن انزعاجهم وسخطهم علناً في وجه طاقم الفيلم، الذي يبدو أنّ بعضه لم يكن راضياً عن النتيجة أيضاً. وترددت عبارات حادة في الصالة من قبيل: «بدنا فيلم بيرفع الراس»، «المشكلة مو بالصالة، المشكلة بالسينما السورية»، «نحنا جمهور ومو مشكلتنا هالتفاصيل» و«بدال الملايين المصروفة عالمهرجان اعملوا أفلام بترفع الراس».
سمير ذكرى تجاوب بكل رحابة صدر مع آراء المعترضين، وتحدّث عن وجود مشاكل عامّة في المؤسسة العامة للسينما، منها منع التعيين في المؤسسة من قبل رئيس الوزراء، وبالتالي لم تستفد الأفلام السورية من التقنيات المتطوّرة الموجودة في المؤسسة، لعدم وجود الكادر البشري القادر على التعامل معها، فهي تعتمد على المعلوماتية بشكل كليّ، وأضاف: «التطوّر في هذا المجال أسبوعي وليس سنوي.. وأنا أتمنى أن تطرح كل المشاكل الكبيرة على العلن».
ما حصل في «حرّاس الصمت» كان محبطاً ومخزياً بحق كل السينمائيين السوريين، داخل المؤسسة وخارجها، وهي «فضيحة» يجب أن تكون دافعاً للوعي والتحرّك للتخلص من العقد «التراثية» والمشاكل الأزلية في المؤسسة، التي ارتفعت ميزانيتها الإنتاجية الآن إلى 135 مليون ليرة، فالمشكلة في نوعية الإنتاج وليست فقط في كمّيته.