2012/07/04
شكري الريان
خلال لقاء إذاعي أخير، وكنت فيه ضيفا بالإضافة إلى زميل عزيز عن موضوع "ظاهرة الدراما التركية"، لفت إنتباهي أمر لم أذكره على مدى أربع مقالات تناولت فيها الظاهرة من مختلف جوانبها.. والحقيقة أن الموضوع قفز أمامنا بطريقة مفاجئة خلال تناولنا لأسباب انتشار هذه الظاهرة.. وهو أن هناك عامل آخر مساعد جدا "للشعبية" التي لقيتها المسلسلات التركية وهو أن الساحة خارج رمضان خالية تماما، وبالتالي يمكن حتى لـ "حديدان" أن يملأ الميدان!!!.. وبما أن "فرساننا" متوارون إلى موعد الهلال فمن باب أولى أن يرمح في ساحاتنا من شاء فاردا عضلاته أمام جمهور لا يفعل شيئا إلا مشاهدة التلفزيون. فمن قال لكم أننا نشاهد التلفزيون في رمضان فقط؟!!.. المشكلة أن أحدا لا يمكنه معرفة من الذي أطلق هذه الإشاعة التي جعلت شاشاتنا العربية قفرا طيلة أحد عشر شهرا تاركة الدسم كله إلى شهر واحد من السنة. وأسأل نفسي قبل الجميع، ما هو الوقت المطلوب لأخذ فكرة أولية عن كامل الأعمال المعروضة، لأجد أنني بحاجة إلى ثماني ساعات وعشرين دقيقة يوميا في المشاهدة.. صدقوني لا أبالغ واحسبوها معي.. 100 مسلسل عربي أنتج هذا العام. 50 مصري، 25 سوري، 25 خليجي. وهذا وسطيا وبدون ذكر الأعمال القادمة من لبنان مثلا وسواها من الدول العربية على اعتبار أن ساحة الإنتاج عندنا ما تزال حكرا على الفرسان الثلاثة إياهم للآن. لأخذ فكرة عن عمل ما وحتى تكون منصفا إلى حد ما، عليك أن تشاهد ثلاث حلقات، بمعدل 150 دقيقة للحلقات الثلاث. اضربوا الرقم المذكور بمئة عمل ووزعوها على ثلاثين يوم، ستصلون إلى ثماني ساعات وثلث!!!!.. بصراحة شديدة من يقوم بعرض كل هذا الكم من الأعمال في شهر واحد من السنة ويطمح أن يشاهدها الجميع فهو إما.... وإما....!!!. ولم أكتب الخيارين حياء أو خجلا، بل لأنني حقيقة عجزت عن العثور على كلمتين تصفان من يفكر بهذه الطريقة ويحشر الجميع حشرا في زمان واحد آملا بالمقابل من الجميع أن ينحشروا في بيوتهم فقط لمشاهدة التلفزيون!!.. نعم نحن مدمنو مشاهدة، وهذه من شيمنا ولا فخر. ولكن في رمضان بالذات نتحول إلى عكس طبيعتنا على مدار العام، نصبح اجتماعيين فعلا. ندعوا أفراد العائلة والأصدقاء إلى منازلنا، ونقبل دعواتهم إلى منازلهم. ونذهب برفقتهم إلى الأماكن العامة على دعوات إفطار أو سهرات في خيم رمضانية وسواه من الأنشطة التي نستغلها في هذا الشهر الفضيل فعلا وفي كل معانيه، بما فيه ذاك المعنى الأسري والاجتماعي الذي نفتقده كثيرا على مدار العام. فلو فرضنا أن النشاط الاجتماعي لن يتجاوز في عدد ساعاته اليومية الأربع ساعات كحد أقصى.. وعدد ساعات العمل (سايروني وافترضوا انو عم نشتغل) ثمانية.. وعدد ساعات النوم (هي ما رح نختلف عليها) ثمانية.. يصبح لدينا عشرين ساعة.. الباقي من ساعات النهار أربع ساعات.. سنفترض أنها ستفرغ بالكامل للمشاهدة التلفزيونية.. ولكن حسب المعادلة أعلاه ستكون بالكاد كافية لمتابعة ثلاث أو أربع مسلسلات يوميا من أصل مائة مسلسل سيتم "ضخها" عبر كل الشاشات.. وبما أن هناك أولويات في جدول المشاهدة بالاستناد إلى التميز الذي ستنتقل سمعته بسرعة البرق إلى الجميع.. وهناك أعمال مميزة بدون أدنى شك ستعرض، فهذا يعني أن الباقي سيذهب أدراج الرياح بدون أن يسمع به أحد إلا اللهم عبر خبر تم نشره مسبقا عن العمل وهو في طور الإعداد كنوع من الترويج فقط للقول بأن جماعة العمل ما زالوا أحيا... عفوا أقصد موجودين.. بالله عليكم من شاهد "يسرا" خلال السنوات الثلاثة الماضية على الأقل؟!!!.. نحن نسمع ونعرف أن لها عمل يعرض في رمضان.. واسحبوا على يسرا أسماء كثيرة تليها أو تسبقها.. نور الشريف وبعد "الحاج متولي" من شاهده.. ربما "ماتخافوش" القادم سيكون له بعض الحضور، ولن نحكم قبل المتابعة.. جمال سليمان وبعد تجربته المصرية الأولى التي جذبت جمهورا في حلقاتها الأولى وبسبب جمال سليمان بالدرجة الأولى، هل حقق متابعة في الثانية كتلك التي حازها في الأولى.. وهل في الثالثة سيتجه صعودا في نسب المشاهدة، أم ستكون حركته باتجاه معاكس.. هيثم حقي وبعد الدخول في "مدار" أوربت صرنا نسمع أخباره سمعا.. وبالرغم من أنه منتج الآن إلا أن لمسته لا يمكن لها أن تغيب عن تلك الأعمال التي يختارها ويشرف عليها بنفسه.. وربما كانت حركة ذكية للتوجه إلى جمهور يدفع كي يراه ويرى مجموعته الجديدة.. أسامة أنور عكاشة، المعلم الرمضاني الأبرز ولعدة مواسم.. غاب بدوره عدة مواسم ليعود بـ "المصراوية" التي هي صدى بعيد للمسات "معلم" لن ينسى أبدا.. بسام كوسا سحب بعضا من جمهوره إلى "الحوت" فهل يكررها في رمضان هذا ويبقي لنفسه "حصته" المعتادة من الجمهور الرمضاني، أم يصبح بدوره اسما نعلم أنه حاضر في رمضان من باب السمع.. كل ما ذكرته أعلاه من أمثلة وعددها ستة وعلى سبيل المثال وليس الحصر، هي أعمال من الدرجة الأولى لنجوم من الدرجة الأولى.. ولو أردنا تعداد مثل هذه النوعية من الأعمال التي ستعرض في رمضان القادم فسنتجاوز الرقم 20 وبسهولة.. ونحن لا نملك من الوقت أكثر من 4 ساعات وليس 4 مسلسلات.. لأننا لو فرغنا الساعات الأربعة الباقية للمشاهدة حصرا، فسنحرم أنفسنا حتى... من دخول الحمام!!.. والبركة بالإعلانات التي ستعطينا الفرصة للاستراحة قليلا.. مع أن تلك المعلومة ستجبر المعلنين على التفكير في المبالغ التي يدفعونها للعروض "الكبيرة" في رمضان.. وربما من أجل ذلك اتجهوا إلى حديدان.. أقصد مهند الذي احتل الميدان خارج رمضان ودفعوا له مليون دولار من أجل إعلان واحد!!!..