2013/07/02
امين حمادة – السفير
الحديث مع الممثل السوري جهاد سعد، أشبه باعتلاء الخشبة. يرى نفسه بـ«الابن الضال الشرعيّ في آن للمسرح». من خلف ستارته مدّ يده إلى عالم الدراما العربية بقوّة. «عندما ينتقل الممثل المسرحي إلى الشاشة الصغيرة يقدّم فيها خلاصة جهده، ويظهر تمثيله بأسلوب محترف وجميل. أهم الفنانين الذين لمعوا أمام الكاميرا في العالم خلفيتهم الفنيّة مسرحيّة».
في أول مقابلة له منذ حوالى ثلاث سنوات، يتحدث النجم جهاد سعد لـ «السفير» عن تجربته الفنيّة الطويلة، عن أدواره الجديدة، وعن خشبته الأولى «الوطن»، وأيضاً عن علاقته بالأديب الراحل محمد الماغوط: «أفكر في أن أضع تجربتي مع الماغوط، في كتاب. عشت معه بشكل يومي، في بيته وفي الشارع والمقهى والمسرح، ومسرحية «خارج السرب» التي أخرجتها له أخذت سنتين ونصفاً في البروفات، هو عملاق وإنسان مختلف، صعب وعميق، مبدع في كل لحظة، شاعر وفنان... أثر بي كثيراً وبكل ما حوله».
بعد تصوير أدواره في أربعة مسلسلات لرمضان المقبل في العاصمة السورية دمشق، أنهى سعد مؤخراً مشاركته في بطولة مسلسل «العبور» للمخرجة عبير اسبر في لبنان. يبحث سعد دائماً عن خوض التجارب المختلفة، ويعتبر أنّ «العبور» تجربة جديدة في الأعمال الدرامية العربية، لأنه يحمل فكرة خيالية وعلاقة افتراضية بين الشخصيات. يصفه بـ«المغامرة الفنية المدروسة، لكن المجهولة وغير الواضحة النتائج». وكمعظم أعماله، يتواجد أستاذ المعهد العالي للفنون المسرحية إلى جانب ثلة من تلاميذه في موقع التصوير، ومنهم ريم علي وميسون أبو أسعد في «العبور». يصف الحالة قائلاً: «يمكنك أن تعلّم على المسرح أو أن تجلس مع الجمهور وتشاهد تلاميذك، لكن المميز أن تكون ذاك الممثل في المشهد معهم».
ويشارك سعد كضيف في مسلسل «ياسمين عتيق» للمخرج المثنى صبح، الذي يتحدث عن دمشق في العام 1830، ويجسد فيه شخصية الأب توما التاريخية الذي قُتل لافتعال الفتنة والشغب والنعرات، في دور يعتبره «مهماً وصعباً ويعني الكثير». وفي مسلسل «الحائرات» للمخرج سمير حسين، يتحوّل سعد إلى «موظف مثاليّ، شريف، يحافظ على مهنيته ومبادئه ويتهم بعملية اختلاس بالرغم من براءته منها»، في عمل اجتماعي يجسد الواقع السوريّ الراهن. يستذكر أيام تصوير المسلسل «كنا نسمع أصوات القذائف والاشتباكات، ونحن نصوّر عن القضية نفسها، كنّا في قلب الحدث واقعياً ودرامياً، والمسلسل هو مرآة للحدث».
بين تصوير المشهد والآخر يمارس سعد هوايتيه المفضلتين، التصوير إذ يحتفظ بألبومات خاصة لجميع زملائه، كما يحمل آلة الهرمونيكا ويعزف عليها.
وكأوّل مشاركة له في عمل من البيئة الشامية، يؤدي سعد دور البطولة في الجزء الثاني من مسلسل «زمن البرغوث» من إخراج أحمد ابراهيم أحمد، بتجسيده شخصية أبو صفوان التي أداها الممثل عبد الهادي الصباغ في الجزء الأول من العمل. ويختم سعد رصيده من الأعمال الدرامية لهذا الموسم بمشاركته في خماسية «أهواء محرمة» ضمن خماسيات مسلسل «صرخة روح» للمخرج سامر برقاوي، والذي يصفه بـ«العمل الجريء جداً، الذي يعالج مسألة العلاقات الاجتماعية المفككة نتيجة الفساد».
يجد سعد فرقاً شاسعاً بين الأعمال السورية قبل سنتين وبين ما هي عليه اليوم. كل شيء اختلف بالنسبة إليه: «اختلف الأداء والإحساس، اختلفت الوجوه والنظرة، وحتى وسائل التعبير، فلا يمكن للفن الحقيقي أن ينفصل عن الواقع». مؤكداً أن الظرف العام فرض نفسه على الممثل الذي عليه أن يكون «واعياً لكلّ ما يحصل حوله، ليفجّر طاقة جديدة، وليخلق في داخله شخصاً جديداً وينمّي فيه مواهب جديدة»، متمنياً على الفنانين السوريين أن يحافظوا على المهنة من خلال تحليل الأحداث التي تعصف بالعالم العربيّ بمصداقية ليحافظوا على «أمانة الكلمة وتوصيل الرسالة الحقيقية إلى الناس». ويعتبر سعد أن على النصوص الدرامية أن تصبح أكثر مرونة في ظل هذه الأزمة وبعدها: «يجب على النصوص أن تكون ذات نظرة نقدية للأحداث التي تعصف بمجتمعاتنا، لتوصل للناس حقيقة ما يحصل، ولتحقق التطوّر والانفتاح».
أكثر ما يؤلم سعد هو أنّ من يدمّر سوريا الجميلة «جزء من العائلة». لكنه لا يطلق رأياً سياسياً لتسجيل موقف، خصوصاً في ظروف تحكمها فقط الـ «مع» والـ «ضد»، ما «يسحق كل ما بينهما». ولا يجد ليصف خطورة الأزمة إلا أن يستذكر حواراً من مسرحية «إيواكس» التي أخرجها العام 1993: «هي مسرحية لا أحد يعرف هويتها، ولا من يمثل فيها ويُخرجها، والله أعلم بما ستكون نهاية هذا العرض، المهم أن تكون داخل اللعبة وإلا تخرج منها، فأنت في كل الحالات ستخسر، ليركز الناس، دعونا نركز».