2012/07/04
راسم المدهون – دار الحياة
الحلقات الأولى من مسلسل المخرج المثنى صبح «جلسات نسائية»، تذهب في الاتجاه الفكري والجمالي ذاته الذي قدّم صبح نفسه من خلاله للمشاهدين مخرجاً خلال الأعوام القليلة الماضية. هو اشتباك مع موضوعات إنسانية – اجتماعية، ولكن من خلال التركيز على صلتها المباشرة بمشاعر أبطاله الدراميين.
ما يلفت في «جلسات نسائية» هو الروح المدينـية التي تلف الدراما كحكاية ومعالجة فكرية، لا نغامر إذ نقول إنها «دراما علمانية» بذلك المعنى الذي يؤكد ديـموقراطية العيش والمفاهيم، ويساهم في بلورة القيم الحداثية والحريات الفردية والخصوصيات بالتأكيد.
ذلك كله جميل ومفرح، لكن ما يجعله كذلك هو الحلول الإخراجية التي يحقق بها المثنى عمله، خصوصاً جماليات الصورة، و «ترشيدها»، أي توظيف الجماليات الفنية في خدمة المقولات الفكرية للعمل، على نقيض ما شاهدناه ونشاهده من بعض من عملوا خلال العقد الماضي بروح «تقديس» الصورة الجميلة في ذاتها، وفي معزل عن وظيفتها الدرامية الحقيقية، أي التي تمكنها فعلاً من أن تكون حاملاً للمقولات الفكرية في صورة وأساليب تقنع المشاهد وتدفعه للتفاعل مع الدراما والجدل حول مقولاتها.
نقول هذا وقد تجاوزنا نصف حلقات هذه الدراما الجميلة التي تحتاج بالتأكيد إلى عودة أوسع وأشمل، خصوصا أننا نؤمن بأهمية المزج بين الأفكار الجادة وبين «ذرائعها» الجمالية، في فن درامي بصري نعتقد أن للصورة فيه المكانة البارزة، التي لا يجوز أن تهتز أو يُضَحى بها تحت حجج نبل الموضوع، كما أن العكس صحيح أيضاً إذ لا منطق يبرر تقديم زخرف شكـــلي فائض الألوان ليستر دراما هزيلة أو مرتبكة.
عمل آخر يضيفه المثنى صبح لرصيده الجميل من المسـلسـلات الـناجحة التي حـققـت مـشاهدات جماهيرية كثـيـفة في مـواسم رمضان الماضية، دفعت هذا المخرج الشاب إلى مكانة مرمـوقـة بـين صانعي الدرامـا مــن المخرجين الـسـوريين الذين ننتظر منهم المزيد، ليرتفعوا بفن الدراما التلفزيونية جمالياً، وليحسنوا اختيار النصوص التي تشـتـبك مع مـوضـوعـات اجـتـماعية وإنسانية على علاقة وشيجة بحياة الناس وتفاصيل عيشهم.