2012/07/04
مِلده شويكاني - البعث
لم تتألق ثناء دبسي بإبداعاتها في المسرح والإذاعة والسينما والشاشة الفضية وإنما تألقت بمثاليتها وثقافتها وتعاملها الإنساني، قرأ الناس في ملامحها الناعمة رقة إحساسها فاقتربوا منها.. فغدت نجمة مضيئة في كل المجالات، حفظت الموشحات والقدود الحلبية. وأتقنت رقص السماح وكان لها دور مع زملائها الفنانين الأوائل في بناء قاعدة متينة للدراما السورية.. تعاملت مع كبار المخرجين وقدمت أجمل الأعمال، تحاورت معها «البعث» حول رؤيتها للدراما في الماضي والحاضر وعملها الجديد وكيفية المحافظة على نجاح الدراما..
انطلقت ثناء دبسي من خشبة المسرح القومي فقدمت أجمل كلاسيكيات المسرح(البخيل-الأخوة كارامازوف- شيترا- الأشجار تموت واقفة).. ومواجهة الجمهور منحتها القدرة على الوقوف أمام الكاميرا فيما بعد، تعلمت من المخرج هاني صنوبر -كما تقول- كيفية إخراج الصوت من الحنجرة وتقطيع الجملة وانسيابية الحروف مع معانيها وبراعة التوقف والنطق، ثم تابعت مع الأستاذ عبد اللطيف فتحي وعلي عقلة عرسان..
كما شغفت أيضاً بعوالم الإذاعة التي كانت برأيها أشبه بمسرح صغير تُدرس فيه كل المؤثرات وأبعاد الصوت، ومن وراء الميكرفون خاطبت المستمع بإحساسها وصوتها، وما زالت تحتفط بالكثير من الخطوط الأولى التي تعلمتها من المخرج مروان عبد الحميد..
عملت ثناء دبسي مع الفنانين الأوائل بأوضاع صعبة ومضت معهم يشقون عباب المياه بسفينتهم الصغيرة.. فكانت معهم حينما عقدوا اجتماعات متتالية وقدموا مذكرة للرئيس حافظ الأسد لإنشاء نقابة مهنية للفنانين ووضعوا أسس بناء المعهد العالي للفنون المسرحية، وهم الذين أسسوا لقاعدة متينة للدراما السورية بأنواعها..
تابعت ثناء دبسي رحلتها مع الكاميرا التي ارتبطت معها بعلاقة حب منذ الستينيات، وحينما تحدثنا عن دراما الأمس وأخذت بسرد يومياتها مع الكاميرا، لمحت في عينيها شعاع حب متوقد لذاك الزمن الجميل وللذكريات الساحرة والصداقات الحميمة التي ربطتها مع أصدقائها الفنانين الأوائل، ولتلك المشاعر الوجدانية التي تخيم عليهم وتمدهم بالقدرة على الاستمرار لتطوير الفن السوري.. كانت بداياتها مع المخرج سليم عطايا وكانوا يعملون بكاميرا واحدة في استديو مغلق، ولم يكن هناك مونتاج فإذا أخطأ أحد يعاد المشهد من بدايته.. ثم عملت مع علاء الدين كوكش فمثلت في أجمل أعمال الدراما السورية( حارة القصر- القناع- عشاء الوداع- راكبو البحار) وتوسعت بنشاطها أكثر فشاركت في الدراما الأردنية على صعيد الأعمال التاريخية الناطقة باللغة الفصحى(المتنبي- شجرة الدر).. وترى ثناء دبسي أن جيلهم ظُلم لأن الأعمال السورية لم تكن تعرض إلا في القناة السورية ولم يكن هناك مجال للتسويق الخارجي ولا محطات فضائية.. وبالتالي فرصة النجاح والانتشار أقل من الآن بكثير، وعلى الرغم من ذلك حقق الفنانون الأوائل نجاحات مذهلة.
توقفت ثناء دبسي عن التمثيل عدة سنوات لأسباب عدة، إلا أنها عادت بقوة في مطلع التسعينيات لتجد أن محبتها في قلوب الناس ما زالت متوهجة ولم تخبُ يوماً، وهذا ما حفزها لتقلع من جديد، فعملت مع (هيثم حقي وغسان جبري وحاتم علي وسمير حسين) وشاركت بأهم الأعمال التي تركت صدىً واسعاً لدى المشاهدين مثل(قوس قزح-سيرة آل الجلالي- الواهمون- عصي الدمع-غزلان في غابة الذئاب-رسائل الحب والحرب ).
وفي السنوات الأخيرة اقتربت أكثر من المشاهد العربي بعد إطلالتها في مواسم رمضان المتتالية، وغدا السؤال المتكرر ماذا ستقدم ثناء دبسي في رمضان القادم؟ فمن زمن العار إلى الخوف والعزلة إلى وراء الشمس وتعلق على أدوارها قائلةً «فوجىء جمهوري بأدواري المختلفة البعيدة عن نمطية الأم الحنون الودود التي قدمتها سابقاً، وأنا بطبيعتي أحب الأدوار المركبة والمعقدة وأرفض أدوار المرأة ذات الوجه الواحد».. ورغم تنوع أعمالها التاريخية والاجتماعية والبدوية، إلا أنها تفضل العمل بالمسلسلات الاجتماعية لأنها من وجهة نظرها تلامس الواقع وتعبّر عن القضايا الكبرى التي نعيشها والاشكاليات اليومية التي نتعرض لها. وفي منحى آخر تقترب من أيامنا الحالية لنتحدث عن دراما اليوم، فتؤكد دبسي في حديثها بأن العمليات الفنية للدراما تطورت كثيراً من حيث المونتاج ودخول فنون كثيرة مثل الديكور و"الأكشن" والغرافيك والماكيير المتخصص وتقطيع الصورة والمشاهد الصغيرة، وإدخال بعض برامج الكمبيوتر، كما أُفردت مساحة كبيرة للتصوير الخارجي الذي يغني جمالية الصورة البصرية ويمنح الممثل حركة وحيوية وعلى صعيد المضمون ايضاً كانت مرآة صادقة لواقعنا فخاضت بجرأة مختلف المحاور.
والمفاجأة أن ثناء دبسي رفضت عدة أعمال وستظهر بكاركتر جديد ومثير في رمضان المقبل، إذ تشارك في مسلسل الزعيم سيناريو وفيق الزعيم وإخراج الأخوين بسام ومؤمن الملا، وتقول :«إنني أحب الدخول إلى عوالم ومفردات البيئة الشامية وحينما قرأت الدور أعجبني ورأيت أنه وفق طموحي، أجسد دور زوجة الزعيم المنفصلة عنه وأم ابنه الأكبر، وللشخصية دور فعّال في تصاعد الحدث الدرامي، وأتمنى أن يحظى بمحبة الناس، وتنتظر نجمتنا أن تعرف رأي الناس بدخلوها هذه التجربة الجديدة وتضيف دبسي أنا شاركت سابقاً في(أولاد القيمرية) من أعمال البيئة الشامية لكن للأسف لم يعرض إلا في محطة «الأوربت» ولم يتسنَ للناس متابعته وهذا حفزني لتقديم تجربة ثانية طبعاً مع اختلاف الرؤية الإخراجية فلكل مخرج أسلوبية خاصة وأنا سعيدة جداً بالعمل مع الأخوين بسام ومؤمن الملا..».
أما عن رؤيتها لدراما 2011 فتقول: «أتمنى أن تستمر الدراما السورية بنجاحها وتحافظ على تألقها، وأن تشغل المحطات الفضائية في رمضان كعادتها، وبرأيي نحافظ على درامانا بالحب والبعد عن الغرور الذي يقتل نجاحنا والبعد عن الأنانية والشللية الفنية ومفهوم النجم الأوحد.. ونعود إلى الألفة والحب الذي جمعنا سابقاً وحققنا من خلاله نجاحاتنا.