2013/07/06
فجر يعقوب – الحياة
بدا واضحاً تماماً لدى كثر أن اغلاق بعض الفضائيات «الدينية» المصرية بالتزامن مع خطاب وزير الدفاع المصري جاء في محله، ولم يسبب رد فعل واسعاً ومتخوفاً من الاعتداء على حرية الرأي والإعلام. فالفضائيات التي استهدفت دأبت على ترويع السلم الأهلي ونشر الفرقة والفتن بين المصريين الى درجة أنها أصبحت تمثّل خطراً لا يمكن التهاون معه، أو التسليم به من باب حرية الرأي. لم يكن ممكناً السكوت على نوع من السموم الإعلامية التي كانت تبثها عبر الفضاء، والاتّجار بالدين الحنيف على يد دعاة متهورين من الذين ساهموا بالدعوة إلى تطهير الإعلام من كل من يعادي الظاهرة التي ولدت وترافقت معهم.
قد يبدو هنا أن الأمر شأن مصري داخلي، سيقف فيه أصحاب هذه القنوات مثل «الرحمة» و«مصر 25» و»الناس»، بالتالي موقفاً متشدداً ازاء الآراء الواردة من أمكنة أخرى، لكن ما حدث مع ولادة مثل هذه القنوات لا يجعل ذلك شأناً داخلياً، فالفضاء نزع تلك الصفة عن محدودية التدخل وانتهاك حريات الآخرين، بحيث لا يسود الاعتقاد بانتهاك لحريات الإعلام اليوم. فهذه القنوات لم توفر فرصة للاعتداء على حريات الآخرين الدينية والسياسية إلا وانتهزتها مؤمنة إنها تستحق هي وحدها أن تكون في ميادين البث الفضائي.
وقد يبدو أن ما يقال محض كلام عمومي، ولكن من باب التخصيص يمكن الإشارة إلى مساهمة فضائية «الأقصى» الفلسطينية التابعة عملياً لحركة حماس بالانتساب إلى المعركة الإعلامية الضروس التي كانت تشهدها ميادين مصر والانحياز إلى طرف ضد طرف. ففي حين كانت فضائيات كثيرة تبحث عن الأخبار في هذه الميادين التي شهدت التظاهرات الأكبر في التاريخ البشري، كانت فضائية حماس تلزم نفسها بنقل بث تظاهرات ميدان رابعة العدوية على تردداتها بعد وقف الفضائيات المعنية بذلك البث.
تبدو هنا فضائية «الأقصى» متورطة بالشأن الداخلي المصري، وإن كان الفشل عنوان هذا التدخل، فإن ارتدادات المشاركة بنقل مؤيد للبث الحي من ميدان رابعة العدوية، ستترك أثراً كبيراً في الخطاب الإعلامي الفلسطيني الموجه وصاحب النبرة الواحدة، وهذا قد يترك آثاراً سلبية في وضع قطاع غزة في مرحلة لاحقة وعلى الحركة.
لا يبدو أن مساهمة فضائية «الأقصى» جاءت في مكانها الصحيح، ما يشكل سقطة في وجودها عبر الفضاء ونوعاً من الاستسلام لتوجه إعلامي فضائي مرفوض من كثر، وهذا ما لم تدركه فضائية فلسطينية وجدت نفسها في صراع تنتسب إليه أكثر مما تنتسب لخطاب إعلامي فلسطيني يلتزم الحياد الموضوعي على الأقل في واحدة من أكثر لحظات «أم الدنيا» مفصلية وتوجساً وانعطافات.