2013/05/29
سامر محمد إسماعيل – تشرين
يبدو اللعب اليوم على حساسيات اجتماعية أمراً بالغ الخطورة، فما اصطلح على تسميته بالدراما السورية، دخلت من حيث تعلم أو لا تعلم في تقديم فكرة قاتمة عن المجتمع السوري،
بدا ذلك واضحاً مع تقليعة مسلسلات الدراما الصفراء، والتي افتتحها مسلسل «غزلان في غابة الذئاب» للكاتب فؤاد حميرة وأكملها الكاتب سامر رضوان في «ولادة من الخاصرة» في جزأيه الأول والثاني، وذلك بعد أعمال من طراز «الخبز الحرام» و«العشق الحرام» و«شتاء ساخن» وسواها من العروض التلفزيونية التي وظّفت جريمة الشرف وسفاح القربى، وتسلط المسؤولين لمصلحة الحبكة الدرامية، لتساهم هذه الأعمال في نقل صورة شديدة السوداوية عن الحياة السورية المعاصرة، فليس العمل التلفزيوني هنا مجرد تسلية وترفيه وإن كان كذلك، لكنه في الدرجة الأولى مقطع عرضاني من المعيش اليومي، حيث استخدمت الدراما التلفزيونية الأماكن الحقيقية لتصوير أعمالها، واستثمرت اللهجات السورية، والديموغرافية الوطنية كمفردات أصلية في بنية العرض، وهذا لا يمكن تجاهله في تنميط مجتمعات بأكملها، فالخطورة تكمن في قدرة هذه الأعمال على نمذجة حياة السوريين، وتقديمهم بهذه الوحشية، تماماً كما تفعل نشرات الأخبار الكاذبة منذ سنتين تقريباً، مكرسةً مقاطع اليوتيوب المزوّرة، وأفلام الموبايل وسواها في تغطية الحدث السوري، إنما الدراما أخطر منها هنا في قولبة الحياة، وتصدير فكرتنا عن أنفسنا، فمن غير المعقول أن تتم مصادرة هذا النوع تحت حجة الدراما، بل من غير الجائز التهاون مع هذا النوع من المسلسلات.
قد يعرف المشاهد السوري أن ما يشاهده في مثل أعمال كهذه حالات فردية، لكن ماذا عن المشاهد العربي؟ هذا المشاهد الذي يقارن الآن بين ما شاهده في «ساعات الجمر» مثلاً وما يتابعه عن الأزمة السورية في نشرات «الجزيرة» و«العربية» وسواها، حيث ستكون المقارنة لمصلحة تصديق أي شيء عن سورية وأهلها الطيبين، فدراما جرائم الشرف هذه لم تدع للصلح مطرح، فالمكان خطير، ومملوء بالمجرمين والفاسدين وأرباب السوابق، المكان السوري حسب «الخبز الحرام» يعوم بالمرضى النفسيين، وبالقتلة وأصحاب النفوذ وغيلان السوق، والأخ في «شتاء ساخن» يستغل أخاه ويصطاد له زوجته في غيابه، فالأختُ أَمة، والزوجة جارية حميدة، والأخ جزار ومفترس، والزوج يبيع زوجته لرب العمل، والأب يقطع لسانه ويرمي بنفسه من الطابق العاشر بسسب ولدٍ أذاقه الإهانة ونهب له أمواله، والأمُ تدور على حلِّ شعرها، والمرأةُ رهينة جلسات القمار والحشيش وبيوت الدعارة، والحب فيديو كليب، والجامعة مكان لتدبير صفقات الدعارة، والعشوائيات التي يسكنها حتى دكاترة الجامعة عش دبابير يمور بشذاذ الآفاق ومروجي الجنس الرخيص، والمغلوبون على أمرهم تحت رحمة محققين فاشستيين ومسؤولين ساديين، يكوون الوجوه ويخطفون ويعذبون ويغتصبون.