2013/05/29
إيناس عبدالله – الشروق
أثار القرار الشفهى الذى أصدره صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام بتجميد عرض مسلسل «الحسن والحسين» و«خالد بن الوليد» والاحتفاظ بهما بمكتبات التليفزيون من دون عرضهما على شاشة التليفزيون المصرى غضب عدد كبير من المبدعين الذين اعتبروا القرار «محاولة جديدة لتقييد حرية الإبداع» خاصة أن العملين أهديا للتليفزيون بلا مقابل.
وقال مصدر بماسبيرو إن عبدالمقصود اضطر لقبول هدية محمد العنزى رئيس شركة «المها للإنتاج الفنى والإعلامى»، والتى تضمنت عددا من المسلسلات التاريخيه القيمة لإثراء شاشة التليفزيون، وهذا لا يعنى قبول عرضهما.
من جانبه، أعرب المؤلف مدحت العدل عن دهشته من قبول وزير الإعلام الهدية ثم قيامه بتجميدها، وقال إنه سعيد لوجود هذه الأعمال بمكتبة التليفزيون المصرى، وكلى ثقة بأن العمل سيرى النور قريبا إن لم يكن فى عهد وزير الإعلام الحالى فسوف يتم عرضها بعد أن يغادر منصبه.
واستشهد بمسلسل «ريا وسكينة» الذى منعه التليفزيون المصرى بدعوى أنه غير مناسب للعرض الرمضانى، وكانت المفاجأة عرضه على قناة «إم بى سى» السعودية، وعقب النجاح الكبير الذى حققه، سعى المسئولون باتحاد الإذاعة والتليفزيون جاهدين لعرضه.
وأضاف أن «الحسن والحسين» تم عرضه على قنوات مصرية خاصة وغيره من المسلسلات التى اخترقت الحذر الذى فرضه الأزهر على تجسيد الصحابة، مطالبا بمراجعة الفتوى التى صدرت عام 1926، وقضت بمنع تجسيد الصحابة.
وتابع: نحن الآن فى حاجة إلى هذه النماذج الإسلامية الرائعة كى نسلط الضوء عليها مع وجود ضوابط ومعايير، فجميعنا نتفق على عدم تجسيد الأنبياء، لكن الصحابة أمر مختلف تماما فهم بشر يخطأون، ويكفى قول عمر بن الخطاب «أصابت امرأة وأخطأ عمر».
من جانبه، قال الكاتب بهاء الدين إبراهيم إن المبدأ أن تجسيد الأنبياء مرفوض ولا خلاف على ذلك، لكن فيما يتعلق بالصحابة وأهل البيت فلابد من التوقف، وأذكر فى مسلسل «أبوحنيفة النعمان» كان هناك مشهد يصافح فيه أبوحنيفة آخر الصحابة الذين عاشوا أيام الرسول، وهنا اعترض الأزهر بشدة، وطالب بحذف هذا المشهد.
وأشار إلى أنه كانت هناك مضايقات أخرى، ولم نكن نستطيع التحرك إلا أن حدث نوع من المرونة فعدل الازهر من موقفه وحدد فى فتواه عدم تجسيد العشرة المبشرين بالجنة، وأصبح هذا القرار ملزما رغم أنه لا يستند أيضا على أى منطق، بحسب قوله.
وأشار إلى أن هناك أعمالا عربية اخترقت هذا الحظر، وقدمت مسلسلات رائعة، ولذلك نطالب علماء الإسلام بأن يكون صدرهم أكثر رحابة وأن يتفهموا أن الإيجابيات من وراء التعرض لهذه الشخصيات عظيمة تفوق السلبيات إن وجدت.
واستشهد بهاء الدين بمسلسل «عمر بن عبدالعزيز»، الذى حقق نجاحا مدويا حينما تعرض العمل لعلاقة عمر بأهل بيته والمحيطين به وكان له أثر بالغ فى نفوس المشاهدين، مضيفا: «لا نعترض أبدا على وضع المعايير الذى يحددونها فى الشخصيات التى تجسد الصحابة وأهل البيت ولكن لابد من فتح الباب».
وتطرق إلى تجربته مع المسلسل الدينى «أسماء بنت أبى بكر» المدرج على خريطة إنتاج قطاع الإنتاج، وقال: أسماء هى ابنة الصحابى أبوبكر الصديق وشقيقة عائشة أم المؤمنين تزوجت من الزبير بن العوام وأنجبت عبدالله بن الزبير. وأشار إلى أنه عانى خلال الصياغة الدرامية للفترة الأولى من حياة أسماء، متساءلا: كيف أظهرها منفردة وأخفى كل الشخصيات المحيطة بها؟.. فماذا أقدم للمشاهد وهى فى بيت أبيها هل اظهرها هكذا وحيدة تتحدث مع نفسها؟، وأضاف: عانيت تماما لكى أخرج من هذا المأزق وشعرت أن هذه الفتوى مقيدة لنا.
بدوره قال المخرج محمد فاضل إن المنع فى حد ذاته قرار مؤلم لأى مبدع أن يرى تعبه وجهده الذى بذله يتم تجميده بـ«مبررات غريبة وغير منطقية»، وقال إن العمل هنا ليس دينى بالمعنى الدقيق، لكنه عمل تاريخى يتعرض لفترة مهمة من التاريخ الإسلامى والجيل الجديد بحاجة إلى هذه النوعية من الأعمال وبكثره حتى نساعد فى نشأة صحيحة لأبنائنا.
وأشار إلى أنه خلال الستينيات قدمت سهرة من جزأين عن أبى ذرالغفارى وحصل على مكافأة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تقدر بـ100 جنيه، وكان هذا المبلغ يساوى راتبى طيلة 6 أشهر، وجرى تسويق المسلسل فى كثير من الدول العربية ولم يحدث أن واجهت أى مشاكل مع الأزهر حينها.
وطالب بتشكيل لجنة من علماء الأزهر وكبار الفنانين وأساتذة التاريخ والاجتماع لإجراء حوار جماعى ووضع المعايير التى تضمن للجميع أننا بصدد عمل كبير، ويليق بالشخصية المطروحة، بدلا من الاستئثار بالرأى بهذا الشكل.