2013/05/29
جوان جان – الثورة
لا شكّ أنها كانت صدمة غير متوقعة لكل من شاهَد البرنامج التسجيلي الذي بثّته فضائية بي بي سي عن أربعة من فرسان فضائية الإخبارية السورية، يعملون من مجالات العمل الإعلامي المختلفة، ومَكمَن الصدمة
كان في أن الفضائية التي كانت منذ بداية الأحداث في سورية مصرّة على نقل الرأي الواحد عبر مراسلين افتراضيين، كانوا أولاً شهود عيان، ثم تحولوا إلى ناشطين حقوقيين، لينتقلوا بعد ذلك إلى أن يكونوا محللين سياسيين واستراتيجيين، وجلّهم كما -لا يخفى على كل متبصّر- غير مؤهل لحمل شهادة محو الأمية .
الصدمة التي شكّلها إعداد هذا البرنامج وبثّه كانت من النوع الإيجابي، إذ –ربما- للمرة الأولى التي تبث فيها هذه القناة برنامجاً عن سورية بشكل متوازن ومهنيّ بعيدٍ عن كل ما عودتنا عليه هذه القناة من تقارير ذات بعد واحد.. والواقع أن السبب الرئيس الكامن وراء هذا التوازن في الطرح هو اعتماد بي بي سي وربما للمرة الأولى في سورية خلال السنتين الأخيرتين على نقل المادة التلفزيونية من أرض الواقع الذي يعيشه السوريون لا من الخيال المجنّح الذي نجح البعض في فرضه على الفضائيات الإخبارية العربية والناطقة بالعربية منذ حين من الزمن .
ولا شكّ أن البرنامج استطاع إلى حد ما أن يلامس الأرض السورية اليوم بكل عذاباتها ومعاناتها عبر تسليطه الضوء على طبيعة عمل بعض الإعلاميين العاملين في فضائية الإخبارية السورية، هذه الطبيعة التي لا تخلو من خطورة على الحياة في معظم الأحيان على الرغم من أن مقدم البرنامج بدا أحياناً كالمذهول مما يشاهد ويسمع وهو الذي كان غارقاً حتى أذنيه في طبيعة التغطية الإعلامية غير المهنية التي قامت وتقوم بها بي بي سي تجاه الواقع السوري، وكان من الواضح أن طبيعة عمل المطبخ الإعلامي في هذه القناة قد أثّر على ردود أفعال مقدم البرنامج تجاه بعض ما يسمعه ويلمسه، لذلك بدا أحياناً مشككاً في صحة ما يسمعه من ضيوف البرنامج .
بعد بث البرنامج كان من اللافت للنظر أن كل ما قامت به بي بي سي طوال فترة الأزمة السورية من انحياز مكشوف لم يشفع لها، فما إن تمّ بث البرنامج حتى انهالت الاتهامات من قبل بعض صبيان الفيس بوك على المحطة كونها حسب توصيفهم أصبحت أداة إعلامية تحركها سورية كما تشاء، وبذلك لن يكون من المستبعد أن تنضم القناة قريباً إلى ما يسمى بقائمة (العار).