2013/06/21
امين حمادة – السفير
شكّل الممثل بيار داغر حالة فريدة بين أبناء جيله. كان بين قلة استطاعت أن تحدث خرقاً في الدراما العربيّة، وتفرض وجودها بعيداً عن الشاشة المحليّة. ثبّت داغر أقدامه في الدراما العربيّة، والسوريّة تحديداً، منذ إطلالته في مسلسل «أوراق الزمن المر» لنجدة إسماعيل أنزور العام 1996. منذ ذلك الحين، بات داغر «الفارس اللبناني» على الشاشات العربية. يقول لـ «السفير»: «بنيت نفسي في سوريا، وهناك أكثر من جيل تربى على صورتي وحفظها».
يرفض داغر تحديد مرتبته الفنية من خلال «المسابقات المفبركة القائمة على المحسوبيات» في لبنان. يقول إنّ مكانته تحددها الأدوار التي أدّاها في السنوات السابقة، وتلك التي يشارك في بطولتها استعداداً للموسم الرمضاني. في رمضان إذاً، سيطلّ داغر في أربعة أعمال تلفزيونية. يؤدي في «العبور» لعبير اسبر دور مدير مركز دراسات معارض ولاجئ سياسي اسمه داغر. يصف العمل بـ «التجربة الجديدة، والرهان، والمخاطرة. هو بداية عربية هادئة نحو خيال علمي أتمنى أن يبنى عليها». أما في «سنعود بعد قليل» لليث حجو، فيؤدي دور صهر دريد لحام: «ألعب دور رجل لبناني يعمل في أبو ظبي وله عائلة مؤلفة من زوجته وابنته، يأتي إلى لبنان فيكتشف ان زوجته بنت علاقة عبر فايسبوك وعندها تبدأ المشاكل، إلى جانب صراع النزوح من سوريا إلى لبنان وتفكك العائلات». وينفي أن يكون «سنعود بعد قليل» عملاً كوميدياً كما يتردّد في وسائل الإعلام، معتبراً أنّه «عمل اجتماعي بحت، مأساوي لا يحتمل الكوميديا أبداً». يشارك داغر زملاءه السوريين نكبتهم قائلاً: «أشعر بالألم لما يحصل في سوريا وأتخوّف على مصيرها، وأدعم زملائي الذين يحاولون الحفاظ على جو العمل والاستمرار في تقديم الأعمال الناجحة، على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يمرّون بها (...)
وما يحصل أكثر من مأساة، لا يكفي الكلام لوصفها، وأنا معهم عالحلوة وعالمرّة».
في الموسم الحالي أيضاً، يعود النجم اللبناني إلى «مملكته المفضلة»، أي إلى الأدوار التاريخية و«الفانتازيا» التي تميز فيها من خلال أدوار عديدة منها القعقاع وعبيدة بن الجراح. يطلّ هذا العام في مسلسل «خيبر» للمخرج الأردني محمد عزيزية، مؤدياً دور حيي بن اخطب، أحد كبار أحبار اليهود.
وبعيداً عن الفصحى ولكن في التاريخ، يؤدي داغر باللهجة البعلبكيّة دور ملحم قاسم، أحد زعماء العشائر في الهرمل خلال الخمسينيات، في مسلسل «قيامة البنادق» لعمار رضوان. وكان ملحم قاسم أحد المنضوين في ما عرف بـ «دولة الطفار». يقول داغر: «عملت بجهد على ايصال الفكرة والصورة الحقيقية للشخصية، بغض النظر عن عدم مطابقة شكلي لشكل ملحم قاسم»، والذي كان قصيراً وأعور.
من أبرز العلامات الفارقة في سجل داغر، أداءه لأدوار شريرة، منها الضابط الإسرائيلي في «الغالبون» وفيلم «33 يوماً». يردّ داغر ارتباط صورته بذلك النوع من الأدوار، إلى حبه تأدية كل ما هو صعب ومركّب. «على الممثل أن يجسد كل الأدوار التي يقتنع بها، ويشعر أنّ فيها مادة دسمة من الممكن تقديمها، والمهم أن أقنع الناس بالدور».
ابتعد داغر نسبياً عن الدراما اللبنانيّة، وينتقّل حالياً من عمل سوري، إلى آخر مصريّ أو إيراني. يشرح داغر الأسباب التي تبعده عن الأعمال المحليّة، وتدفعه إلى «الحذر الشديد» قبل المشاركة في أي مسلسل لبناني: «في لبنان، نقوم فقط بتقليد الأعمال المكسيكية، لا نقدم أعمالاً للسوق العربي، ويكفي أنّ بعض العاملين والمنتجين والمحطات فرحون بذلك، ويحصلون على بعض المال لجيوبهم». ويضيف: «معظم الأعمال اللبنانية بسيطة لا تتطلب من الممثل ان يقوم بجهد أو ان يطوّر نفسه، بينما عندما يتواجهون مع ممثلين من الخارج يكونون خطرين جداً، لأنهم يشاركون في أعمال تفرض عليهم ان يقوموا بدراسة وأن يجتهدوا ويتدربوا».
بعيداً عن الشاشة، يلخّص بيار داغر أحلامه بالرغبة «بالاسترخاء والهدوء حين يتعب من الدراما والسينما». يقول: «هنالك حلم لطالما راودني، أن أعود إلى الطبيعة، وأعمل في زراعة الأرض».