2016/11/03
خاص بوسطة - بشار عباس
هذا البوستر فيه تطابق بين الأيقوني، الطباعي، والغرافيكي؛ أوّل حرف من اسم الفيلم (s) مكتوب بتصميم مماثل لما يظهر من جسم الفتاة بأبعاد ثابتة، وفيه استفادة من مبدأ بصري يُدعى ( الإكمال) وهو سعي الدماغ البشري إلى أكمال الأجزاء المختفية من الشكل الذّي يدركه، يُشبه ذلك أن نرى نصف دائرة فنتخيّل النصف المتبقّي، وعند محاولة الدماغ إكمال ما هو محجوب من هذا التصميم يتحقّق الاندماج الكامل في عمليّة التلقّي، وذلك بالمشاركة الافتراضيّة بعمليّة التّصميم.
"نومي" الشخصيّة الرئيسة في الفيلم، والتي تبدو في هذا البوستر، تظهر محجوبة العينين، في إهمال لهويّتها كإنسان، المهم منها فقط هو الجسد، وهذا اقتراب جيّد وإيحاء بموضوعة القصّة القريبة من النّوع الفيلمي الجنسي (Erotic-Drama) كما يصنّفه صانع الفيلم نفسه، ولكنّ الفيلم قريب أيضاً من موضوعات (The feminist). وهذه واحدة من مشكلاته، وهو أنّه ضائع بين النّوعين السّابقين، وهما نوعان يصعب الدّمج بينهما، بل ويتناقضان في كثير من الأحيان؛ فمن الصّعب التّعاطف مع فتاة من وجهة نظر حقوق المرأة، بعد أن اختارت هي أن تعمل في عالم الاستعراض القائم أصلاً على التشويق الجنسي.
البوستر يوحي بشكل قوي مجتمع الأعمال الذي تدور فيه أحداث القصة، وهو مجتمع لا يعنيه إلا ما يظهر في الصورة، ولذلك ينجح هذا التّصميم بقوّة في التّشويق، فمثلما هو دعوة لإكمال ما لا يظهر من الصّورة، فهو أيضاً دعوة لمشاهدة ما لا يظهر من القصّة، لأنّ جزء بسيط منها واضح منذ الآن. وهو هكذا يمثّل مستوى فنّي أفضل من مستوى الفيلم نفسه، وعكّازات لقصّة ضعيفة أدّت إلى فشل الفيلم حتّى في استرداد تكاليف انتاجه.
إن نظرة إلى هذا البوستر قد توحي بعناصر إنسانيّة – قصصية كالتالي: فتاة تدخل حافية وعارية إلى عالم قاتم أسود يُحيط بها،جسدها الأبيض محاط بثوب أسود قريب من ستارة المسرح، وقريب من أطار اجتماعي قسري، مع وضع عنوان الفيلم متقاطعاً بشكل أفقي مع التّصميم العمودي، في منطقة الورك، وهي النّقطة المهمّة لهذا المجتمع، في تصعيد لثلاثة مشاعر تشويقيّة – إندماجيّة: الأولى هي الحاجة إلى الكشف عن الهويّة بالكشف عن الوجه، والثانية هي رفض التّعميم من قبل الجمهور مما يدفعه للمشاهدة بغرض التأكّد، وهو تعميم يقترحه الجسد الذي بغياب الوجه يعبّر عن أي جسد أنثوي، وثالثاً الحركة المقبلة للقدم اليمنى بعد أن تطأ اليسرى على الأرض في لحظة تخطو بها باتّجاه الجمهور – الذي يرى البوستر- بطريقة العارضات، ومن مكان مرتفع نسبيّاً أمام هذا الجمهور.