2012/07/04
مجلة الشبكة
مع وصول التيار المتشددة إلى البرلمان المصري بنسبة مرتفعة جداً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أصبح في حكم المؤكد أن هذه التيارات تمثل خطراً على معظم أهل الفن وخصوصاً أصحاب الأفلام الجريئة الذين كانوا في طريقهم لتحضير نوعية كثيرة من الأفلام ذات الطابع الجريء المثير للجدل، ومنهم إيناس الدغيدي وخالد يوسف وهاني جرجس فوزي وعلا غانم وغادة عبد الرازق وغيرهم.
فما مصير هذه الأعمال الساخنة التي كانت على وشك تصويرها بعد أن تحررت من الرقابة على المصنّفات؟ وهل سيتراجعون عن هذه الأعمال التي قد تسبب لهم المشكلات مع التيار المتشدد، أم سيحاربون دفاعاً عن أفكارهم، ويعلنون تحديهم لهذا التيار بأعمال أكثر جرأة؟ التفاصيل في السطور الآتية.
الدغيدي تتحدى الزلزال
المخرجة إيناس الدغيدي اسمها وحده كافٍ لإثارة الجدل، فهي صاحبة الأفلام المثيرة
والجريئة، وتدخل دائماً في صدام مع الرقابة بسبب جرأة تناولها هذه الأفلام. وتؤكد أنها ستستمر في تقديم الأفلام الجريئة، فهي تتصور أن مصر لن تصبح دولة دينية، "لأننا، كما تقول، نموذج له خصوصية وبلد متدين منذ أن خلقه الله. لكنّ هذا التدين وسطي، فلماذا نبحث عن التقليد الذي يدخلنا دائرة الصراع بين إيران وتركيا؟ وهل هذا ما تعمل عليه التيارات الدينية؟ فالكل يعلم أن نجاح الإخوان والسلفيين ليس لأن الشعب المصري اختارهم، لكن لأنهم تعلموا لعبة الانتخابات جيداً بالتأثير في المواطنين البسطاء واللعب على الوتر الديني للناخبين، في ظل انشغال الاتجاهات الأخرى بمصالحها الشخصية، فلم أجد شخصية عامة أو حزباً أو قوى سياسية منذ اندلاع الثورة يهمها مصلحة مصر، والكل يهتم بذاته قبل كل شيء." وأضافت الدغيدي أن "التيار الليبرالي لا بد من أن يعود إلى سابق عهده، ويكون أشرس مما سبق في مواجهة هذا الزلزال القادم، لأن بينهم ثواراً حقيقيين وشهداء ضحوا من اجل الحرية." وقالت إنها ضد الدولة الدينية، وفي الوقت عينه تعتبر نفسها إنسانة متدينة، لكن تدينها وسطي، وأنها خرجت من بيت علّمها الاعتدال في كل شيء، وقالت: "سأقف في وجه التيارات الدينية، ولن أغير فكري وآرائي مهما حدث، حتى لو مت وأصبحت شهيدة لهذا الفكر، مثل شهداء التحرير". وشددت على أنها أيضاً ضد الذين يغيرون موقفهم حتى يسايروا الموجة، وأن الذي يظن أنه عندما يغير من مبادئه على نحو موقت حتى تمر هذه المرحلة، يكون واهماً.
إيناس تحضّر لفيلمين، أحدهما عن زنا المحارم، والآخر بعنوان "الصمت"، وهو يتحدث عن موضوع خطر هو الجنس بين الشباب في إطار الجامعة وخارجها.
غرفة نوم هاني
المخرج والمنتج هاني جرجس فوزي نفى تخوفه من سيطرة التيارات المتشددة على البرلمان المقبل، وقال: "أثق بأن المصريين لن يسمحوا سوى بالتدين المعتدل، وإن السبب الأهم في فوز هذه التيارات التي تنادي بالحجاب والاستجابة لها هو الفقر والعشوائيات التي تضطر النساء فيها إلى ارتداء الحجاب لعدم القدرة على زيارة صالونات التجميل، وإن هذه التيارات لن تجعلني أتراجع عن الخط الذي اخترته لنفسي في الإنتاج والإخراج السينمائي." فهو، على حد قوله، لا يقدم الجنس لمجرد الجنس، بل يقدم الفيلم الهادف الذي يتناول الجنس على نحو مقنن ومحسوب جيداً، وهذا ما يؤكده فيلماه "أحاسيس" و"بدون رقابة". "ففي أحاسيس قدّمت، كما يقول، مشكلات الزوجة في السرير التي لا تستطيع الحديث عنها، لأن المجتمع يعتبرها "فاجرة"؛ وفيلم "بدون رقابة" لم يتضمن اي مشاهد جنسية، ولكن الفكرة في حد ذاتها كانت في غاية الجرأة." وأوضح أنه في الطريق لعمل أفلام أكثر جرأة، من بينها فيلم "جرسونيرة" الذي تدور أحداثه حول امرأة ورجلين داخل غرفة نوم على مدار ساعة ونصف الساعة، إلى جانب فيلم آخر بعنوان "جوه آوي". وأضاف: "ولا أخشى قيود الإسلاميين لأننا مجتمع معتدل يرفض التعصب والتخلف، وأقول لهم إذا لم يحترموا عقلية المصريين، فلن يتم اختيارهم مرة أخرى، وسيتم عزلهم. مصر لن ترجع إلى الخلف مهما وصلت هذه التيارات، ومهما زاد نفوذها، والسبيل الوحيد لمقاومة هذه التيارات هو اتحاد الفنانين، ولا بد من أن تكون هنالك وقفه لعدم المساس بحرية الفن والإبداع. علينا إن نرفع أصواتنا من اجل التمسك بحق الفنان للتعبير عن الرأي والفكر بالشكل الذي يراه."
خالد يوسف: لن أغير شيئاً
أما المخرج خالد يوسف الذي قدم أفلاماً اتهموه بسببها بتشويه سمعة مصر وفضح خبايا عشوائيتها واحتوائها على مشاهد ساخنة ضد عادات المجتمع الشرقي وتقاليده، فقال إن شعب مصر متحضّر وقادر على صهر هذه التيارات داخله مثلما تفعل
الرحى التي تطحن القمح وتحوله إلى دقيق، ولن أغير شيئاً من ثوابت العمل الفني. والدراما هي التي تحكمني، وليس المستجدات. وفي كل الأفلام التي قدمتها، لم أقدّم ولو مشهداً واحداً من دون مضمون. وكل من سيشاهد تلك المشاهد سيعرف أنها موظفه درامياً على نحو يخدم القضية والأحداث، وإذا شعرت بأنّ هنالك شيئاً يحتاج إلى تغير سوف أغيره من تلقاء نفسي من دون اي تحكمات تفرض عليّ. وفي النهاية، من لا تعجبه إفلامي لا داعي إلى أن يشاهدها."
علا غانم: للفن أهله
الفنانة علا غانم التي تقدم هي الأخرى أدواراً مثيرة، قالت: "يجب ألا أن نجعل هذه التيارات فزاعة لنا طوال الوقت. واعتقد أنّ للفن أهله وجمهوره القادرين على حمايته، ولكن في الوقت نفسه هنالك من يحاول العبث بالفن من خلال بعض الشركات التابعة لهم. لا اخشى على مصيري الفني نهائياً من التصاعد السياسي، بل الخوف كله من دخول بعض الشركات النابعة من رحم هذه الجماعات، لأن هذه الشركات ستقوم بتنفيذ بعض الخطط للاستيلاء تدريجياً على سوق العمل الدرامي ووضع أفكارها وفرضها على المجتمع."
داليا البحيري: الفن يرتقي بالشعوب
بينما أكدت داليا البحيري أن معتقداتها الشخصية وتوجهاتها الفنية لم ولن تتغير، لأنها ترى أن الفن يرتقي بالشعوب، وأنها لن تتعامل بأي شكل من الأشكال مع نظام يحرم الفن أو يفكر في توجيهه والتحكم فيه، وأن الفن سيظل فناً، وأنها لن تغير طريقة عملها أو طبيعة الأدوار التي تقدمها وخصوصاً أنها تضع رقابة على نفسها ولا تحتاج إلى رقيب خارجي.
نيللي كريم: لن نقبل ديكتاتوراً آخر!
الفنانة نيللي كريم المرشحة لبطولة فيلم "الصمت" لمخرجته إيناس الدغيدي، أكدت أنها ليست ضد أي تيارات، ولكنها مع تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وإرساء مبدأ الديمقراطية للمواطن المصري، فالدين لله والوطن للجميع. صحيح أن المستقبل غامض، ولكن لن نقبل مرة أخرى الخضوع لديكتاتور، وإذا جاء تيار متشدد يحرم كل شيء، لن نسكت، والتاريخ أثبت ذلك وخصوصاً أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين. فمصر دولة متدينة بطبعها وليست كافرة حتى نخاف من التيار الديني. والحل هو الديمقراطية لإرضاء كل أطياف الشعب المصري.
الحجار: لا تخافوا على الفن
أعرب المطرب علي الحجار عن قلقة من وصول التيار المتشدد إلى البرلمان، ولكنه أكد أن هذه التيارات لن تحكم مصر في ظل أن خمس التعداد السكاني مسيحي، بما يعادل 15 مليون نسمة. أما تحريم الفن من جانب هذه التيارات، فهذا كلام فارغ، فما من علاقة بين الفن والدين، وإن طبيعة مصر وجغرافيتها لن تتأثرا بفكر هذه التيارات، وإن مصر لن تتحول إلى إيران أخرى، وهذا واضح جداً في التاريخ.
رجاء الجداوي: إلغاء الفن أفضل
الفنانة القديرة رجاء الجداوي قالت: "لو أن هذه التيارات تدخلت في الفن، فلن يصبح فناً، لأننا سوف نرى العديد من التشددات التي ستفرضها على الأعمال الفنية على الرغم من أننا نقدم أعمالاً فيها رسالة وهدف وبعيدة عن الإسفاف والابتذال، بصرف النظر عن الأعمال السطحية. لكن لو حصل وتدخل الإسلاميون في صناعة الفن، فمن الأفضل إلغاؤه من الأساس."