2013/05/29
محمد رُضا | الشرق الأوسط
لا داعي للتقديم: بروس ويليس هو من آخر ملوك أفلام الأكشن في السينما. وعلى الرغم من سنواته السبع والخمسين، فإنه لا يزال أصغر سنا من سلفستر ستالون وأرنولد شوارزنيغر. علاوة على ذلك، لديه ورقة رابحة اسمها «داي هارد». خمسة أفلام لعبها الممثل تحت هذا العنوان وكل منها حقق نجاحا شعبيا كبيرا يجعله، كما يقول هنا، يعتبر أن للسلسلة «مكانة دافئة» في قلبه. بعد أسبوع من بدء عرض الجزء الخامس «يوم طيب للموت بتشبث» (A Good Day to Die Hard). ومباشرة قبل تصوير دوره في فيلم «سن سيتي 2» تم هذا اللقاء على عجل. نصف ساعة انقضت لكن الممثل أراد أن يكمل قليلا أكثر. كان سعيدا ليس للقاء بل لإيرادات الفيلم الجيدة في شباك التذاكر.
* تلك المطاردة الكبيرة في شوارع موسكو لا بد أنها كلفت سيارات كثيرة إذا ما كان ما سمعته صحيحا..
- إن الكثير من المشاهد كانت فعلية. نعم الكثير من المشاهد كانت فعلية والقليل منها تم تنفيذه على الكومبيوتر. المخرج جو مور كان يرغب في مشاهد حقيقية وواقعية على الرغم من أن الإنتاج عرض عليه أن يكتفي ببضعة مشاهد مهمة وتنفيذ معظمها لاحقا في الاستوديو.
* لتصوير مشهد واحد منها، لنقل المشهد الذي تطير فيه بسيارتك من الجسر إلى الشارع تحته، لا بد أن الأمر تطلب أياما من التصوير..
- نعم.. هذا الفصل من الأحداث تم تصويره في ستة أسابيع، أو أكثر من ستة أسابيع تطلب الوقت لتصوير كل ذلك الفصل. بعض المشاهد صورناها في بودابست بينها المشهد الذي أقود فيه شاحنة خضراء بسرعة كبيرة. أغلقت السلطات الشوارع لأجل تصوير هذا المشهد وقررت أن أستفيد من الفرصة فتصرفت مثل مجنون. قدت بسرعة رهيبة. لم أصدم أحدا ولم أضر بممتلكات، لكن التصوير كان مثيرا.
* سلسلة «داي هارد»، كبداية، تضع المشاهد أمام حكايات تصر على الوحدة العائلية، أو عدم وجودها، كون التحري جاك، كما تقوم به، لديه علاقات مضطربة مع زوجته سابقا ومع ابنه الشاب حاليا. هل تكمن هنا أسباب نجاح السلسلة؟
- لا أدري إذا كانت هذه الخلفية الشخصية هي مكمن نجاح كما تقول، لكنها بالتأكيد واحد من العوامل الأساسية. تتذكر أنه في الجزءين الأول والثاني تم تقديم شخصيتي كزوج يود كل الخير لزوجته على الرغم من تلك الفترة المضطربة من حياتهما. هنا بالطبع تتبدل المسألة، فإذا بجون مورفي (الشخصية التي يؤديها) يريد الخير لعلاقته مع ابنه. إنها علاقة متوترة لكن موقف الأب ثابت: عليه أن يفعل ما يجب أن يفعله لإنقاذ حياة ابنه. أعتقد أن المحور الثابت في ذلك هو أن الأب مستعد للقيام بأقصى الأفعال، وأكثرها جنونا حبا في ابنه ورغبة منه في سلامته.
سأحكي لك حكاية: كنت في روما قبل سنوات أصوّر فيلما، وجاءني اتصال من ابنتي تالولا التي كانت في الثالثة أو الرابعة من العمر، وقالت لي «بابا.. أريد أن أراك.. عد إلي». في أول ويك - إند كنت على متن الطائرة عائدا إلى أميركا لكي أزورها ليومين ثم أعود إلى روما. هذا لم يكن مشكلة بالنسبة لي.
* هذه خامس حكاية من سلسلة «داي هارد».. في كل مرة هناك نجاح في إضافة جديد وابتعاد عن التكرار. إلى أي مدى ترى أن هذا ممكن.. ألا تنفد ذخيرة التجديد مثلا؟
- هذا سؤال جيد. لا أعرف الجواب عليه لكن سأحاول (يضحك). هناك قدر من الأصالة في المسألة بأسرها: أن تستطيع تقديم شخصية واحدة عبر خمسة أفلام طوال خمس وعشرين سنة وبنجاح مستمر فهذا يحسب للسلسلة بلا ريب، وأعتقد أنه يحسب لي أيضا. طبعا لا يمكن أن يرى المرء المستقبل من الفيلم الأول. حين قدّمنا «داي هارد» طمحنا للنجاح، لكن الطموح شيء وإنجازه شيء آخر تماما.
• أنت بطل فيلم تسجيلي عن حياتك.. أليس كذلك؟
- صحيح.. فيلم يدور حولي فلا بد أن أكون فيه (يضحك).
* هل صحيح أن زوجتك تقوم بتحقيقه وأنها قالت: في البيت أنا من أقود، لكني أجعله يعتقد أنه هو الذي يقود؟
- (يضحك) صحيح. كنت موجودا حين قالت ذلك ووافقت على الفور. ربما لا تعرف هي كم يريحني ذلك. ربما أنا من كتب لها هذا السطر (يضحك).. لكنها بالفعل أذكى مني.. أذكى مني بكثير. أسألها رأيها في كل ما أقوم به.
* أنت بطل أفلام أكشن صعد السينما المعروفة بهذا الاتجاه وصاحب متغيّراتها.. هل تحن إلى أيام ما كان التمثيل بشريا أكثر منه إنجازات كومبيوتر؟
- حين بدأت التمثيل كان الكومبيوتر غرافيكس موجودا. طبعا ليس كما هو حاله اليوم، لكن وجودا بدائيا له كان منتشرا قبل خمس وعشرين أو ثلاثين سنة. عندما مثلت داي هارد الأول لم تكن عندي أي فكرة عما كنت أقوم به. اتكلت كليا على (المخرج) جون مكتيرنان وما يفعله. لم تكن لدي أي فكرة عن كيف سيرد المشهد الذي نصوره، أو ماذا عن اللقطة التي نصورها الآن وإلى أي مشهد ستنتمي. كذلك كل شيء آخر. لديك هذه العناصر مجتمعة مثل التحري النيويوركي الذي يجد نفسه محجوزا في برج في لوس أنجيلس مع مجموعة من الرهائن بينهم زوجته. لديك الحس العائلي. لديك رجل لا يعرف أن يقول نعم أو يوافق على ما يطلب منه، بل عليه حل الأمور كما يعتقد هو. ثم لديك نجاح استراتيجيته هذه.. هل كنا نعلم أن هذه التركيبة ستحقق هذا النجاح؟ مطلقا.
* أيضا من الماضي.. هل تحن إلى سنوات لم يكن وجهك يحمل تجاعيد؟
- واو.. هذا السؤال لم يسبقك إليه أحد. بالطبع أنظر إلى المرآة وأرى وجها جديدا، لكنه وجه سعيد. في الحقيقة حين كنت شابا كنت أنتقد صورتي. كنت أبدو طفوليا أكثر مما أريد. كنت أتوق لأن تصير عندي تجاعيد تمنحني ملامح أكثر خشونة. لا تستطيع إيقاف تقدم الزمن وأنا لا أحاول.
* هل تعتبر أن «يوم جيد للموت» يحمل تعليقا سياسيا ما؟
- ليس حسب ما أراه.. إنه فيلم ترفيهي محض كل ما فيه هو للترفيه ولتقديم مشاهد أكشن مثيرة.
* صحيح.. لكن هل هناك مثلا تعليق حول العلاقة بين الروس والأميركيين.. أو حول فعل التدمير بكل هذا العدد الهائل من السيارات المحطمة؟
- صانعو السيارات سعداء جدا بما نقوم به (يضحك). إنهم لا يشكون لأن سياراتهم معروضة وهذا خير دعاية لهم. أتصورهم يشاهدون الفيلم ويصرخون.. أوه هذه مرسيدس .. هذه «أودي».. أحب تلك السيارة.. فعل التدمير خيالي صرف. صحيح أننا ندمر عشرات السيارات، ربما مائتي سيارة، لكن الجميع سعيد بذلك. أنا أحب العناية بالسيارات وأحب السيارات القديمة، لكن هذه سيارات جديدة مخصصة للتدمير. لكنني أفهم ما تقصده. لا أعتقد أن الفيلم هو احتفاء بالتدمير لأننا نعرض ما نعرضه على نحو ساخر. هناك حس ضاحك لا يتوقف في كل مرة والكثير من المواقف التي لا يمكن أن تقع في الحقيقة.
* مع كل الاحترام لمنوال أفلامك، لكن هذه الأدوار تختلف عن تلك التي كنت بدأت العمل عليها أيام «بالب فيكشن» لكونتين تارانتينو.. كيف حدث أنكما لم تكررا العمل معا بعد ذلك الفيلم؟
- أعتقد أنه ليس قرارا لدي أو لدى تارانتينو بتجنب العمل معا. كل ما في الأمر أن الدور الذي أديته كان محدودا في الأصل. مشاهد قليلة في فصل محدود وانتهى. هذا ما كان مطلوبا وأعتقد أنني أنجزته جيدا، لكنه لم يكن أكثر من ذلك ولا الرغبة كانت في جعله أكثر من ذلك.
* كيف تنظر إلى نجاحات «داي هارد» كلها مع بعضها البعض؟
- بتقدير كبير. لدى هذه السلسلة مكان دافئ في قلبي. أن أستطيع لعب الشخصية ذاتها طوال خمس وعشرين سنة هو نجاح كبير بالنسبة لي وتقدير من الجمهور لا أعرف كيف أصفه.
* ما بين كل فيلم وآخر كيف كنت تقود حياتك المهنية.. على أي قاعدة كنت تختار أعمالك؟
- أحيانا كان الخاطر المسيطر هو البحث عن أدوار مماثلة بحكايات مختلفة. أقصد شخصية رجل أكشن آخر أنقل بها الصورة التي أعلم أن الجمهور يحبها. لكن في مرات كثيرة كانت رغبتي البحث عن مخرجين مختلفين بأعمالهم لا يصنعون أفلام أكشن بل أنواعا أخرى من الأفلام التي أعتقد أنها تساعدني على عكس صورة مختلفة عني. لقد سعدت بالتمثيل في أفلام لستيفن فريرز ورايان جونسون وويز أندرسن مثلا.